لقد وضعت طفلي والحمد لله منذ ثلاثة أسابيع من خلال عملية قيصرية ، وبعد إجراء العملية، حدث لي نزيف مستمر، استمر عشرة أيام ثم توقف ، وبعد توقف النزيف ، اغتسلت ثم صليت، ثم بعد ذلك ، جاءني النزيف مرة ثانية وتوقف ، فاغتسلت ثم صليت .
وظل كذلك يأتيني فترة ثم يتوقف ، فعلى سبيل المثال، أصلي الظهر ثم يأتيني النزيف في العشاء ، ويستمر يومًا ثم يتوقف، فأغتسل وأصلي ثم يأتي مرة أخرى وهكذا.
فهل ما أفعله صحيح أم خطأ؟ ولو كان خطأً، فماذا أفعل في الصلوات التي فاتتني؟
يأتيها النزيف بعد ولادة قيصرية ، على فترات ؛ فماذا تفعل في صلاتها وطهارتها ؟
السؤال: 181219
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.
أولا :
تقدم في جواب السؤال رقم : (104589) أن المرأة إذا نزل منها الدم بسبب الولادة فإنها نفساء ، ولا تزال كذلك حتى ترى الطهر من هذا الدم ، أو تتم أربعين يوماً .
وأن الدم إذا انقطع ثم عاد فهو نفاس مادام في الأربعين .
فإذا رأت النفساء الطهر قبل الأربعين فإنها تغتسل وتصلي وتصوم .
ثانيا :
يعرف الطهر من الحيض أو النفاس بإحدى علامتين :
الأولى : نزول القصة البيضاء .
والثانية : حصول الجفاف التام بحيث لا يبقى أثر من دم أو صفرة أو كدرة .
جاء في “الموسوعة الفقهية” (18 /310) :
” الطُّهْرُ مِنَ الْحَيْضِ يَتَحَقَّقُ بِأَحَدِ أَمْرَيْنِ : إِمَّا انْقِطَاعِ الدَّمِ ، أَوْ رُؤْيَةِ الْقَصَّةِ .
وَالْمَقْصُودُ بِانْقِطَاعِ الدَّمِ الْجَفَافُ بِحَيْثُ تَخْرُجُ الْخِرْقَةُ غَيْرَ مُلَوَّثَةٍ بِدَمٍ ، أَوْ كُدْرَةٍ ، أَوْ صُفْرَةٍ . فَتَكُونُ جَافَّةً مِنْ كُل ذَلِكَ ، وَلاَ يَضُرُّ بَلَلُهَا بِغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ رُطُوبَةِ الْفَرْجِ ” انتهى .
فعلى ما تقدم : إذا كان النزيف يأتيك ثم يتوقف ، هكذا باستمرار ، لكن لم تري طهرك بإحدى العلامتين السابقتين : فالكل في مدة الأربعين نفاس ، ولا عبرة بتوقف النزيف يوما أو بعض يوم ، ولا يكون طهر إلا بحصول الجفاف التام ، أو نزول القصة البيضاء .
قال الحجاوي في “الزاد” (36-37) :
” ومن رأت يوما دما ويوما نقاء فالدم حيض والنقاء طهر ما لم يعبر أكثره ” انتهى.
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :
” القول الثاني: أنَّ اليومَ ونصفَ اليوم لا يُعدُّ طُهراً ؛ لأنَّ عادة النِّساء أن تجفَّ يوماً أو ليلة ؛ حتى في أثناء الحيض ولا ترى الطُّهر، ولا ترى نفسها طاهرة في هذه المدَّة ، بل تترقَّب نزول الدم ، فإذا كان هذا من العادة ، فإِنه يُحكم لهذا اليوم الذي رأت النَّقاء فيه بأنه يومُ حيض ؛ لا يجب عليها فيه غُسْلٌ ، ولا صلاةٌ ، ولا تطوف ولا تعتكف ؛ لأنَّها حائض ، حتى ترى الطُّهر .
ويؤيِّد هذا : قول عائشة رضي الله عنها للنِّساء إِذا أحضرن لها الكرسف ـ القطن ـ لتراها هل طَهُرتْ المرأة أم لا ؟ فتقول: ” لا تعجلن حتى تَرَيْنَ القَصَّةَ البيضاء ” . أي لا تغتسلن ، ولا تصلِّين حتى تَرَيْنَ القصَّةَ البيضاء .
ولأن في إِلزامها بالقول الأول مشقَّةً شديدةً ، ولا سيَّما في أيَّام الشَّتاء وأيام الأسفار ونحوها .
وهذا أقرب للصَّواب ، فجفافُ المرأة لمدَّة عشرين ساعة ، أو أربع وعشرين ساعة أو قريباً من هذا لا يُعَدُّ طُهراً ؛ لأنه معتاد للنِّساء ” انتهى من “الشرح الممتع” (1 /500-501) .
فإذا انقطع النزيف الظهر ـ مثلا ـ وعاودك العشاء فليس هذا بطهر ، بل هو من جملة مدة النفاس ، وهذا معتاد في النفساء : أن الموضع يجف أحيانا ، ثم يرجع النزيف ثانية .
فلا تعجلي حتى يتم الجفاف تماما ، وينقطع تواصل نزول الدم وآثاره .
فإذا انقضت مدة النفاس ، تغتسل المرأة وتصلي وتصوم ، وإن عاودها الدم بعد الأربعين فهو دم استحاضة ، لا يمنعها من الصلاة أو الصوم ، إلا أن يصادف وقت عادتها فإنها تعتبره حيضا تدع له الصلاة والصوم ويحرم على زوجها جماعها .
قال الشيخ صالح الفوزان حفظه الله :
” النفساء إذا كان عاد إليها في فترة الأربعين فإنه يعتبر نفاسا، وإن كان عاد إليها بعد تمام الأربعين فإنها لا تعتبره شيئا ؛ إلا إذا صادف أيام حيضها قبل النفاس وقبل الحمل ” انتهى .
“المنتقى من فتاوى الفوزان” (51 /8) .
وينظر جواب السؤال رقم : (126055) .
وإذا أخطأت المرأة في تحديد وقت الطهر بناء على ظنها واجتهادها ، فلا شيء عليها فيما صلت أو صامت في وقت حيضها .
وينظر جواب السؤال رقم : (45885) .
والله تعالى أعلم .
هل انتفعت بهذه الإجابة؟
المصدر:
موقع الإسلام سؤال وجواب
موضوعات ذات صلة