تنزيل
0 / 0

هل يشرع إذا عطس الطفل الصغير أن نحمد الله عنه ؟

السؤال: 182148

حين يعطس طفلي أقول أنا الحمد لله ، فهل هذه بدعة ؟ وأيضاً هل يجب علينا أن نقول الحمد لله لو عطسنا أثناء الصلاة ؟

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

أولا :
تشميت العاطس ، إذا حمد الله : من الآداب الشرعية المتأكدة ، وهي حق من حقوق المسلم على أخيه .
وينظر جواب السؤال رقم : (67805) ، ورقم : (178639) .

فأما من لم يحمد الله ، فإنه لا يستحق أن يشمت :
روى البخاري (6221) ومسلم (2991) عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : عَطَسَ رَجُلَانِ عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَشَمَّتَ أَحَدَهُمَا وَلَمْ يُشَمِّتْ الْآخَرَ فَقِيلَ لَهُ فَقَالَ : ( هَذَا حَمِدَ اللَّهَ ، وَهَذَا لَمْ يَحْمَدْ اللَّهَ ) .
وعَنْ أَبِي بُرْدَةَ قَالَ : ” دَخَلْتُ عَلَى أَبِي مُوسَى وَهُوَ فِي بَيْتِ بِنْتِ الْفَضْلِ بْنِ عَبَّاسٍ فَعَطَسْتُ فَلَمْ يُشَمِّتْنِي ، وَعَطَسَتْ فَشَمَّتَهَا ، فَرَجَعْتُ إِلَى أُمِّي فَأَخْبَرْتُهَا ، فَلَمَّا جَاءَهَا قَالَتْ : عَطَسَ عِنْدَكَ ابْنِي فَلَمْ تُشَمِّتْهُ ، وَعَطَسَتْ فَشَمَّتَّهَا ؟
فَقَالَ : إِنَّ ابْنَكِ عَطَسَ فَلَمْ يَحْمَدْ اللَّهَ فَلَمْ أُشَمِّتْهُ ، وَعَطَسَتْ فَحَمِدَتْ اللَّهَ فَشَمَّتُّهَا ؛ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : ( إِذَا عَطَسَ أَحَدُكُمْ فَحَمِدَ اللَّهَ فَشَمِّتُوهُ فَإِنْ لَمْ يَحْمَدْ اللَّهَ فَلَا تُشَمِّتُوهُ ) رواه مسلم (2992) .
قال النووي رحمه الله :
” هَذَا تَصْرِيح بِالْأَمْرِ بِالتَّشْمِيتِ إِذَا حَمِدَ الْعَاطِس , وَتَصْرِيح بِالنَّهْيِ عَنْ تَشْمِيته إِذَا لَمْ يَحْمَدهُ فَيُكْرَه تَشْمِيته إِذَا لَمْ يَحْمَد , فَلَوْ حَمِدَ وَلَمْ يَسْمَعهُ الْإِنْسَان لَمْ يُشَمِّتهُ ، وَقَالَ مَالِك : لَا يُشَمِّتهُ حَتَّى يَسْمَع حَمْده ، قَالَ : فَإِنْ رَأَيْت مِنْ يَلِيه شَمَّتَهُ فَشَمِّتْهُ ” انتهى من ” شرح النووي على مسلم ” (18/121) .
وينظر جواب السؤال رقم : (3448) ، ورقم : (106432) .

ثانيا :
إذا كان الصبي مميزا ، يعقل التعليم والتأديب ، فإنه يشرع تعليمه وتأديبه على حمد الله إذا عطس ، كما ثبت من تعليم النبي صلى الله عليه وسلم للغلام آداب الطعام ، وأمر بتعليم الصبيان الصلاة ، ونحو ذلك .
” ( وَيُعَلَّمُ صَغِيرٌ وَقَرِيبُ عَهْدٍ بِإِسْلَامٍ الْحَمْدُ لِلَّهِ ) وَكَذَلِكَ يُعَلَّمُ مَنْ نَشَأَ بِبَادِيَةٍ بَعِيدَةٍ ، لِأَنَّهُ مَظِنَّةُ الْجَهْلِ بِذَلِكَ …
( وَيُقَالُ لِصَبِيٍّ عَطَسَ وَحَمِدَ: بُورِكَ فِيك أَوْ) يُقَالُ لَهُ : ( جَبَرَكَ اللَّهُ أَوْ ) يُقَالُ لَهُ: ( يَرْحَمُكَ اللَّهُ ) قَالَهُ الشَّيْخُ عَبْدُ الْقَادِر ..” انتهى من “مطالب أولي النهى” (1/945) وينظر ” كشاف القناع” (2/158) .
والظاهر أنه لا فرق في حق من حمد بين أن يكون صغيرا أو كبيرا ، فيشمت الكل بلفظ واحد : ” يرحمك الله ” .
قال في ” فتح المعين” (4/219) .
“ولم يفرق النووي في الأذكار بين ما يشمت به الكبير والصغير”. انتهى من “فتح المعين شرح ألفاظ المعين” (4/219) .

ثالثا :
إذا كان طفلا صغيرا ، لم يبلغ حد التعلم ، ولا يحسن أن يتلقن الحمد ؛ فقد ذهب بعض أهل العلم إلى أن وليه يحمد عنه ؛ لكن الأظهر أن الحمد إنما يطلب من العاطس ، ولا ينوب عنه غيره فيه ؛ لكن لو دعا له بما يناسب الحال ، من الرحمة ، أو الصلاح ونحوها ، فنرجو ألا يكون به بأس ، لأنه ليس مفرطا في ترك الحمد ، والدعاء لمثله مشروع في الجملة ، لكن الأولى ألا يتخذ سنة راتبة .

قال ابن مفلح رحمه الله في “الآداب الشرعية” (2/ 343):
” وَرَوَى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ عَنْ الْحَسَنِ أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ الصَّبِيِّ الصَّغِيرِ يَعْطِسُ قَالَ : يُقَالُ : لَهُ بُورِكَ فِيكَ .
وَقَالَ صَاحِبُ النَّظْمِ : إنْ عَطَسَ صَبِيٌّ ، يَعْنِي : عَلِمَ الْحَمْدُ لِلَّهِ ، ثُمَّ قِيلَ : يَرْحَمُكَ اللَّهُ ، أَوْ بُورِكَ فِيكَ وَنَحْوُهُ ، وَيَعْلَمُ الرَّدَّ .
وَإِنْ كَانَ طِفْلًا حَمِدَ اللَّهَ وَلِيُّهُ أَوْ مَنْ حَضَرَهُ ، وَقِيلَ لَهُ : نَحْوُ ذَلِكَ . انْتَهَى كَلَامُهُ . [ قال ابن مفلح ] : أَمَّا كَوْنُهُ يُعَلَّمُ الْحَمْدَ فَوَاضِحٌ ، وَأَمَّا تَعْلِيمُهُ الرَّدَّ فَيَتَوَجَّهُ فِيهِ مَا سَبَقَ فِي رَدِّ السَّلَامِ [ يعني : من عدم الجمع بينهما ] ؛ لَكِنْ ظَاهِرُ مَا سَبَقَ مِنْ كَلَامِ غَيْرِهِ أَنَّهُ يُدْعَى لَهُ ، وَإِنْ لَمْ يَحْمَدْ اللَّهَ ، لَكِنْ قَدْ يُقَالُ : الدُّعَاءُ لَهُ تَشْمِيتٌ فَيَتَوَقَّفُ عَلَى قَوْلِهِ : الْحَمْدُ لِلَّهِ كَالْبَالِغِ ، لَكِنَّ الْأَوَّلَ أَظْهَرُ فِي كَلَامِهِمْ … وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .
” انتهى من ” الآداب الشرعية ” ( 2/327) .

رابعا :
من عطس في الصلاة شرع له أن يحمد الله ، لكن ليس له أن يشوش على غيره بذلك ، أو يشغله به في الصلاة .
فإذا عطس فلم يحمد الله فلا شيء عليه .
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :
” إذا عطس الإنسان في الصلاة ، وخارج الصلاة : فحمد الله تعالى ليس بواجبٍ عليه ؛ بل هو أفضل وأكمل ، ولو لم يحمد الله لم يكن آثماً بذلك .
والحمد عند العطاس مشروعٌ للإنسان في حال الصلاة وفي حال عدم الصلاة ، إلا أنه إذا كان في الصلاة وخاف أن يشوش على من معه من المصلين فليسر بالحمد ولا يجهر به ؛ لأنه يخشى إذا جهر به أن يشوش على المصلين أو أن يستعجل أحدٌ من الناس فيقول يرحمك الله ، وإذا قال أحدٌ لمن عطس فحمد الله : يرحمك الله والقائل يصلى ، فإن صلاته تبطل ” انتهى من “فتاوى نور على الدرب” (5 /313) .
وينظر إجابة السؤال رقم (106435) .
والله أعلم .

المصدر

موقع الإسلام سؤال وجواب

هل انتفعتم بهذه الإجابة؟

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android