0 / 0

وهب ابنته في حياته هبة فقبضتها ، فهل يجوز للورثة منازعتها فيها ؟

السؤال: 182636

توفي جدي وليس له أبناء سوى والدتي ، قبل وفاته بعشرة أشهر أعطى ابنته مبلغا من المال 64000 ريال ، وقال : هذه لك يابنتي وإن إحتجتها فليست بعيد ،وإلا فهي لك ، عندما توفي رحمه الله وجد مبلغا آخر في خزينته مقدارها 17000 ريال ، ومزرعة حيث إن لديه 4من أبناء عمه , هل يحق للورثةأ يقتسموا من المال الذي أعطاها إياه قبل وفاته بعشرة أشهر ؟
مع العلم أنهم إقتسموا المال ووزعوا التركة ، إذا كان لا يحق لهم كيف يتم استرداده ؟

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

أولا :
إذا لم يترك الميت من الورثة إلا مَن ذُكر فإن لابنته النصف من تركته فرضا ، لقول الله تعالى في البنت الواحدة : ( وَإِنْ كَانَتْ وَاحِدَةً فَلَهَا النِّصْفُ ) النساء/ 11 .
والباقي لأبناء العم تعصيبا بالسوية ؛ لقول النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( أَلْحِقُوا الْفَرَائِضَ بِأَهْلِهَا فَمَا بَقِيَ فَهُوَ لِأَوْلَى رَجُلٍ ذَكَرٍ ) رواه البخاري (6732) ومسلم (1615) .
أولى رجل : أي أقرب رجل .

ثانيا :
يجوز للأب أن يهب ابنته في حياته ما شاء من ماله إذا لم يكن له من الأولاد سواها ؛ وحيث إن البنت قبضت المال قبضا صحيحا فقد جازت الهبة ، وتمت صحيحة نافذة ، فلا يجوز منازعتها فيها من قِبل الورثة .
جاء في “الموسوعة الفقهية” (39/281) :
” ذَهَبَ جَمَاهِيرُ الْفُقَهَاءِ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ وَالْمَالِكِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ وَغَيْرِهِمْ إِلَى أَنَّ حَقَّ الْوَاهِبِ فِي الرُّجُوعِ فِي الْهِبَةِ يَسْقُطُ بِمَوْتِهِ ، وَلاَ يَنْتَقِل إِلَى وَرَثَتِهِ مِنْ بَعْدِهِ لأِنَّ الْخِيَارَ فِي الرُّجُوعِ فِيهَا حَقٌّ شَخْصِيٌّ لِلْوَاهِبِ ، ثَبَتَ لَهُ لِمَعَانٍ وَأَوْصَافٍ ذَاتِيَّةٍ فِيهِ ، وَالْحَقُّ الشَّخْصِيُّ لاَ يُورَثُ .
ثُمَّ إِنَّ الشَّارِعَ إِنَّمَا أَوْجَبَ هَذَا الْحَقَّ لِلْوَاهِبِ ، وَالْوَارِثُ لَيْسَ بِوَاهِبٍ .
وَأَيْضًا هُوَ حَقٌّ مُجَرَّدٌ ، وَالْحُقُوقُ الْمُجَرَّدَةُ لاَ تُورَثُ ابْتِدَاءً ، وَإِنَّمَا تُورَثُ تَبَعًا لِلْمَال ، وَوَرَثَةُ الْوَاهِبِ لاَ يَرِثُونَ الْعَيْنَ الْمَوْهُوبَةَ الَّتِي هِيَ مَالٌ ، فَلاَ يَرِثُونَ مَا يَتَعَلَّقُ بِهَا مِنْ حَقِّ الرُّجُوعِ ” انتهى .

سئل شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :
عَنْ امْرَأَةٍ أَعْطَاهَا زَوْجُهَا حُقُوقَهَا فِي حَالِ حَيَاتِهِ ، وَلَهَا مِنْهُ أَوْلَادٌ ، وَأَعْطَاهَا مَبْلَغًا غَيْرَ صَدَاقِهَا لِتَنْفَعَ بِهِ نَفْسَهَا وَأَوْلَادَهَا . فَإِنْ ادَّعَى عَلَيْهَا أَحَدٌ وَأَرَادَ أَنْ يُحَلِّفَهَا : فَهَلْ يَجُوزُ لَهَا أَنْ تَحْلِفَ لِنَفْيِ الظُّلْمِ عَنْهَا ؟
فَأَجَابَ :
” إذَا وَهَبَ لِأَوْلَادِهِ مِنْهَا مَا وَهَبَهُ ؛ وَقَبَضَ ذَلِكَ ؛ وَلَمْ يَكُنْ فِيهِ ظُلْمٌ لِأَحَدِ : كَانَ ذَلِكَ هِبَةً صَحِيحَةً ؛ وَلَمْ يَكُنْ لِأَحَدِ أَنْ يَنْتَزِعَهُ مِنْهَا . وَإِذَا كَانَ قَدْ جَعَلَ نَصِيبَ الْأَوْلَادِ إلَيْهَا حَيًّا وَمَيِّتًا ؛ وَهِيَ أَهْلٌ لَمْ يَكُنْ لِأَحَدِ نَزْعُهُ مِنْهَا . وَإِذَا حَلَفَتْ : تَحْلِفُ أَنْ لَيْس عِنْدَهَا لِلْمَيِّتِ شَيْءٌ ” .
انتهى من “مجموع الفتاوى” (31 /299) .

فعلى ذلك : ليس للورثة حق في هذا المال الذي وهبه الرجل لابنته ، وهو مبلغ 64000 ريال .
ولهم الحق فيما سوى ذلك على ما تقدم .
فإن كانوا قد نازعوها في شيء منه ، أو قاسموها فيه : فقد أخذوا ما لا يحل لهم ، ويجب عليهم رده إلى صاحبته .
وإن كان المال في يدها ، وإنما ينازعونها فيه : فمن حقها أن تمنعه منهم ، ولا تمكنهم من شيء منه .

والله أعلم .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر

موقع الإسلام سؤال وجواب

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android