0 / 0
30,82509/09/2012

صورة ربا الجاهلية ، وبيان أهمية معرفته في التشريع الإسلامي

السؤال: 182728

ذكر ابن حجر في فتح الباري، المجلد الرابع صفحة رقم 264 أن الإمام مالك روى عن زيد بن أسلم أنه قال : كان الربا في الجاهلية أن يكون للرجل على الرجل حق إلى أجل ، فإذا حل الأجل قال: أتقضي أم تربي؟ فإن قضاه أخذ وإلا زاده في حقه ، وأخر عنه في الأجل ، وذكر أنه كان للرجل الحق في ممتلكات المدين إن تأخر في السداد.
فما صحة هذا الحديث؟ وما أهميته في التشريع الإسلامي؟

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

أولا :
روى الإمام مالك (1378) عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ أَنَّهُ قَالَ : ” كَانَ الرِّبَا فِي الْجَاهِلِيَّةِ أَنْ يَكُونَ لِلرَّجُلِ عَلَى الرَّجُلِ الْحَقُّ إِلَى أَجَلٍ فَإِذَا حَلَّ الْأَجَلُ قَالَ : أَتَقْضِي أَمْ تُرْبِي ؟ فَإِنْ قَضَى أَخَذَ وَإِلَّا زَادَهُ فِي حَقِّهِ وَأَخَّرَ عَنْهُ فِي الْأَجَلِ ” .
وروى الطبري في تفسيره (7/205) عن عبد الرحمن بن زيد بن أسلم ، في قوله: ” لا تأكلوا الربا أضعافًا مضاعفة”، قال: كان أبي يقول:
” إنما كان الربا في الجاهلية في التضعيف وفي السِّن [ السن: العمر. يريد بها أسنان الأنعام، كما سيتبين من بقية الأثر ] يكون للرجل فضل دين، فيأتيه إذا حل الأجل فيقول له : تقضيني أو تزيدني؟ ؛ فإن كان عنده شيء يقضيه قضى ، وإلا حوَّله إلى السن التي فوق ذلك = إن كانت ابنة مخاض يجعلها ابنة لبون في السنة الثانية ، ثم حِقَّة ، ثم جَذَعة، ثم رباعيًا، [ وهي من أسنان الإبل المعروفة عند العرب ] ثم هكذا إلى فوق ، وفي العين [ أي : النقود ] يأتيه ، فإن لم يكن عنده أضعفه في العام القابل، فإن لم يكن عنده أضعفه أيضًا، فتكون مئة فيجعلها إلى قابل مئتين، فإن لم يكن عنده جعلها أربعمئة، يضعفها له كل سنة أو يقضيه ، قال: فهذا قوله:”لا تأكلوا الربا أضعافًا مضاعفة ” .

وكذا رواه من طريق البيهقي في “سننه” (10773) وفي “المعرفة” (3396) وزاد : ” وروينا معناه عن مجاهد ” .

قال الحافظ ابن حجر رحمه الله: ” وَرَوَى الطَّبَرِيُّ مِنْ طَرِيق عَطَاء وَمِنْ طَرِيق مُجَاهِدٍ نَحْوَهُ , وَمِنْ طَرِيق قَتَادَةَ ” إِنَّ رِبَا أَهْلِ الْجَاهِلِيَّةِ يَبِيع الرَّجُل الْبَيْع إِلَى أَجَل مُسَمَّى , فَإِذَا حَلَّ الْأَجَل وَلَمْ يَكُنْ عِنْد صَاحِبه قَضَاءٌ ، زَادَ وَأَخَّرَ عَنْهُ ” انتهى من “فتح الباري” (4 /313) .
وينظر : “تفسير الطبري” (7/205) ، و” تفسير ابن أبي حاتم ” (3/759) .

ثانيا :
معرفة ذلك له أهمية عظيمة في التشريع الإسلامي فيما يخص المعاملات الإسلامية وطبيعة العلاقة الشرعية بين المسلم وأخيه المسلم ، فمن ذلك :
أولا :
بيان ما كان عليه أهل الجاهلية من الظلم وأكل أموال الناس بالباطل .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله عن ربا الجاهلية هذا : ” وَهَذَا هُوَ الرِّبَا الَّذِي لَا يُشَكُّ فِيهِ بِاتِّفَاقِ سَلَفِ الْأُمَّةِ وَفِيهِ نَزَلَ الْقُرْآنُ ، وَالظُّلْمُ وَالضَّرَرُ فِيهِ ظَاهِرٌ ” انتهى من “مجموع الفتاوى” (20 /349) .
ثانيا :
بيان الفرق بين ما كان عليه أهل الجاهلية من العدوان ، وما صار عليه أهل الإسلام من العدل ورفع الظلم .
ثالثا :
تأصيل معنى التعاون بين المسلمين في معاملاتهم المالية ، وأن المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يسلمه .
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :
” القرض إنما يقصد به الإرفاق ودفع حاجة المقترض ، فإذا تعدى إلى أن يشتمل على منفعة للمقرض مشروطة أو متواطأ عليها ، فإنه يخرج عن موضوعه الذي من أجله شرع ” انتهى .
“فتاوى نور على الدرب” (244 /6) .
رابعا :
وجوب إنظار المعسر ، فإذا حل الدين وكان الغريم معسرا لم يجز أن يقلب الدين عليه , بل يجب إنظاره , وإن كان موسرا كان عليه الوفاء ; فلا يحل له زيادة الدين ، سواء مع يسر المدين أو مع عسره .
خامسا :
بيان معنى قوله تعالى : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا الرِّبَا أَضْعَافًا مُضَاعَفَةً وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ) آل عمران/ 130 .
قال الطبري رحمه الله :
” يعني بذلك جل ثناؤه: يا أيها الذين آمنوا بالله ورسوله ، لا تأكلوا الربا في إسلامكم بعد إذ هداكم له، كما كنتم تأكلونه في جاهليتكم ..” انتهى من “تفسير الطبري” (7 /204) .
راجع جواب السؤال رقم (129458)
والله تعالى أعلم .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر

موقع الإسلام سؤال وجواب

answer

موضوعات ذات صلة

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android