تنزيل
0 / 0
135,28403/10/2012

رفض زوجها الطلاق أو الخلع فهل تكون ناشزا إذا بقيت معه ولم تعطه حقه ؟

السؤال: 183430

أرجو إفادتي حول وضعي ، حيث إنني على خلاف مع زوجي ، بعد زواج استمر سنتين ، لم تدم أوقات السكن والراحة الزوجية سوى أشهر قلائل ، تبعها الكثير من الخلافات التي جعلت الاستمرار في الزواج مستحيلا ، على الأقل من جانبي .
طلبت الطلاق ورفض زوجي ، عرضت عليه الخلع مقابل ما يطلب ، وبالغت في العرض حتى عرضت عليه مبلغ مليون ريال ، علما أن مهري مائة ألف ، وجميع ما أنفقه من أعباء مالية لم يتجاوز المائتي ألف ريال ، ولكنه رفض ويصر على استمراره .
العيش معه مستحيل لأسباب كثيرة ، أهمها الشك والغيرة ، ومنعي من زيارة أهلي وأقاربي ، وأمور أخرى قد ترونها هينة ولكنها أحالت حياتنا إلى مأساة ؛ فأنا لا أتخيل أبدا أن يكون ذلك الرجل أبا لأولادي ، وما ذنبهم أن أستمر في زواج كهذا ؟
السؤال :
أنا استسلمت لرغبة زوجي في عدم الطلاق ، وحياء أهلي من اللجوء إلى القضاء ، لمكانة أسرته ، ورضيت أن أبقى هكذا معلقة ، لكن هل يلحقني ذنب ؟ وهل أعتبر ناشزا ؟

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

أولا :
لا يجوز للمرأة أن تطلب الطلاق من زوجها من غير سبب ، فإن وجد سبب كتقصيره في حقها
، أو ظلمه لها ، فلا حرج عيها في طلب الطلاق .
روى أبو داود (2226) والترمذي (1187) وابن ماجه (2055) عَنْ ثَوْبَانَ رضي الله عنه
قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( أَيُّمَا
امْرَأَةٍ سَأَلَتْ زَوْجَهَا طَلَاقًا فِي غَيْرِ مَا بَأْسٍ فَحَرَامٌ عَلَيْهَا
رَائِحَةُ الْجَنَّة ) صححه الألباني في “صحيح أبي داود – الأم ” (1928) .

وإذا كان الرجل غير مقصر في
حق زوجته ولا ظالم لها ، غير أنها تكرهه كرهاً شديداً ، بحيث لا تستطيع الحياة معه
، ولا تؤدي إليه حقوقه ، فعليهما معاً محاولة الإصلاح ، فإن لم تثمر تلك المحاولات
ووصلت الحياة بينهما إلى طريق مسدود ، فقد جعل الله لها مخرجا ، وهو الخلع ، فترد
إليه جميع المهر الذي أعطاها ، ويؤمر الرجل حينئذ بقبوله ومفارقتها .
روى البخاري (5273) عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما : ” أَنَّ امْرَأَةَ
ثَابِتِ بْنِ قَيْسٍ أَتَتْ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ،
فَقَالَتْ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، ثَابِتُ بْنُ قَيْسٍ ، مَا أَعْتِبُ عَلَيْهِ
فِي خُلُقٍ وَلَا دِينٍ ، وَلَكِنِّي أَكْرَهُ الْكُفْرَ فِي الْإِسْلَامِ ،
فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( أَتَرُدِّينَ
عَلَيْهِ حَدِيقَتَهُ) ؟ قَالَتْ : نَعَمْ . قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : (اقْبَلْ الْحَدِيقَةَ وَطَلِّقْهَا تَطْلِيقَةً ).
وعند ابن ماجه (2056) (لا أطيقه بغضاً) صححه الألباني في ” مشكاة المصابيح ” (3274)
.

فالذي حملها على طلب الفراق
، هو بغضها له .
وقولها : ( أكره الكفر في الإسلام ) تعني : كفر العشير ، بمعنى أنها تقصر في حقه ،
ولا تقوم بما أوجب الله عليها من طاعة زوجها وحسن عشرته .
ثانيا :
إذا أبى الزوج أن يطلِّق أو يخالع ، فالذي يفصل في الأمر هو القاضي الشرعي ، فإذا
رأى أن المصلحة تكون في التفريق بينهما ، أجبر الزوج على الخلع ، وينظر جواب السؤال
رقم : ( 152402 )
.

لكننا – قبل هذا وذاك – نشير
عليكِ أن تختاري من أهل الصلاح ورجاحة العقل من أهلك أو أهله ، من يصلح بينك وبين
زوجك ، ويزيل أسباب الخلاف والنفرة بينكما ، فإن لم ينفع ذلك ، نصح زوجك ودعاه
لمفارقتك بالمعروف ، فإن طلّق أو خالع فذاك ما أردتيه ، وإن أبى ، ولم تلجئي
للمحكمة ، فأنت زوجة ، ويجب عليك ما يجب على الزوجات ، فإن طلبك للفراش وامتنعت ،
لحقك الاثم ، وكنت بذلك ناشزا ؛ لقوله صلى الله عليه وسلم قال : ( إذا دعا الرجل
امرأته إلى فراشه فأبت أن تجيء لعنتها الملائكة حتى تصبح ) . رواه البخاري ( 3065 )
ومسلم ( 1436 ) .
قال شيخ الإسلام : يجب عليها أن تطيعه إذا طلبها إلى الفراش وذلك فرض واجب عليها ..
.. فمتى امتنعت عن إجابته إلى الفراش كانت عاصية ناشزة … ، ” الفتاوى الكبرى ” (
3 / 145).
وكذا لو دعاك إلى الرجوع إلى البيت – وكنت مصرة على البقاء عند أهلك – لزمك إجابة
طلبه ، وإلا كنت ناشزا .
فأنت بين أمرين : أن تتركي فكرة الطلاق ، وتعودي إلى زوجك ، وتؤدي إليه حقه ،
وتصبري وتحتسبي ، ولعل الله أن يهديه ويصلح حاله .
وبين أن تسعي إلى الانفصال عنه ، بالطلاق أو الخلع ، ولو عن طريق المحكمة .
وأما أن تبقي زوجة ، وتمنتعي عن إعطاء الزوج حقه إذا طلبه ، فهذا محرم .
فإن كان الزوج لا يبالي بحقه ولا يطلبه ، فلا إثم عليك ، لكن لا خير في بقائك معلقة
، لا سيما وأنت في سن صغيرة ، ولم تنشغلي بولد لك بعد ؛ فاللجوء للمحكمة أقل شرا
وضررا من هذا التعليق .
ثالثا :
يحرم على الزوج أن يمسك الزوجة للإضرار بها ، وتركها معلقة ، لا هي زوجة ، ولا هي
مطلقة ؛ لقوله تعالى : ( وَلَا تُمْسِكُوهُنَّ ضِرَارًا لِتَعْتَدُوا وَمَنْ
يَفْعَلْ ذَلِكَ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ) البقرة/231، وقوله : ( فَلَا تَمِيلُوا
كُلَّ الْمَيْلِ فَتَذَرُوهَا كَالْمُعَلَّقَةِ وَإِنْ تُصْلِحُوا وَتَتَّقُوا
فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُورًا رَحِيمًا) النساء/129 ، وقوله : ( فَإِمْسَاكٌ
بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ) البقرة/229 .
فعلى الزوج أن يتقي الله تعالى ، فإن كان راغبا فيها وفي بقائها ، ويرفض طلاقها ،
فعليه أن يحسن عشرتها ، وأن يزيل الأسباب التي تدعو الزوجة للنفرة منه ، فإن لم
يفعل ذلك ، أو رأى أن الزوجة لا تطيق البقاء معه ، فعليه أن يطلق أو يخالع ، ولا
يذرها كالمعلقة ، أو يلجئها لاقتراف الإثم بنشوزها وعصيانها .
وعلى الزوجة أن تتريث قبل طلب الطلاق أو الخلع ، وأن تنظر فيما لزوجها من حسنات
وإيجابيات ، وأن تتحلى بالصبر قدر الإمكان ، فإن عاقبة الصبر النصر والظفر ، وكم من
زوجة صبرت على زوجها ، فأحسن الله حاله وحالها .
لكن إذا استحكم الخلاف ، ولم تنفع وسائل العلاج ، فقد جعل الله للزوجين مخرجا في
الطلاق أو الخلع ، كما قال : ( وَإِنْ يَتَفَرَّقَا يُغْنِ اللَّهُ كُلًّا مِنْ
سَعَتِهِ وَكَانَ اللَّهُ وَاسِعًا حَكِيمًا ) النساء/130 ، ولا ينبغي للمرأة أن
توقع نفسها في إثم النشوز ، أو تتحمل ضرر بقائها معلقة ، حياء من أهلها ، أو مراعاة
لأهل الزوج ، فإن هذا لا خير فيه للزوجين .

والله أعلم .

المصدر

موقع الإسلام سؤال وجواب

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

answer

موضوعات ذات صلة

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android