إذا تراضى الورثة على قسمة فلا حرج عليهم في إمضائها وإن تضمنت وقوع بعض الضرر على أحدهم .
السؤال: 184503
توفي زوجي الذي عشت معه أكثر من ثلاثين سنة , ولم يكن لدينا أبناء سوى ابنة أخي التي ربيناها منذ ولادتها . وكان كل ما تركه لي سوى شقة صغيرة ذات 3 غرف أستر فيها نفسي .
ولكن بما أن ليس لدينا أبناء ، فإن إخوته الثلاثة وأخته الوحيدة ، لهم نصيب في الشقة ,
وما حدث هو : ما إن مرت أيام على وفاة زوجي حتى بدؤوا يهددونني بالخروج من المنزل ، وإلاّ سوف يلجئون للقضاء ، ولك أن تتخيل كم تسببوا في مرضي ، ومرض ابنتي بسبب الانهيار العصبي ، فليس لنا مكان آخر نلجأ إليه ، ولم نكن نملك ثمن نصيبهم .. المهم بعد مناقشات معهم ، وبعد أن أخذنا لهم الجاه ، اتفقنا على أن ندفع لهم 50 مليون لكل واحد منهم ، وكان واضحاً أن نصيب أختهم هو 25 مليون ، أيّ : الأنثى تأخذ نصف الذكر ، لكن ما حدث هو أنه في اليوم الذي ذهبت فيه إليهم لنتفق على الموثق الذي سنكتب عنده ، هددوني أنه يجب أن ندفع لأختهم أيضا 50 مليون ، وليس 25 مليون أي : الأنثى تأخذ مثل الذكر ، وأنه أنا من سيدفع مصاريف التوثيق كلها ، وإلا سيرفضون أن يبيعوا لنا نصيبهم ، ويلجئون للقضاء لكي يباع المسكن في المزاد العلني , وبهذه الطريقة سأكون في الشارع أنا وابنتي ، إذ أن نصيبي لا يكفي لشراء شقة أخرى تؤوينا ، فوافقت تحت ضغط التهديد وحملت على ظهري 200 مليون دين من الجيران والأقارب ومن أهل الخير وجمعت لهم المبلغ المطلوب… ومازلت إلى يومنا هذا غارقة في الديون .
السؤال :
بالنسبة للثلاجة ، والفراش ، والأثاث ، أظن أنه لهم نصيب فيه ، ولكن هل أعتبِر الـ 25 مليون التي أضفتها لأختهم – تحت ضغط التهديد – كأنها ثمن حقهم في الأثاث ، علما أن نصيبهم في الأثاث لا يصل إلى هذا الحد ، فنحن لا نملك سوى أثاث جد بسيط ؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.
أولا :
اتفق الفقهاء على أن التركة تنتقل إلى الوارث إذا لم يتعلق بها ديون من حين وفاة
الميت .
يُنظر : ” الموسوعة الفقهية ” (24 /76) .
وتقدم في جواب السؤال رقم : (97842) أنه إذا مات المورّث ، فإن أمواله تنتقل
بموته للورثة مباشرة ، ولا يجوز لأحدٍ أن يعطِّل قسمة الميراث ، فإن اتفق الورثة
على عدم تقسيم التركة كلها أو بعضها ، فلا حرج في ذلك ، فإن رغب واحد منهم في حصته
، فيجب أن يعطى له نصيبه من الميراث .
ثانيا :
إذا حصل الاتفاق بينكم على قسمة الميراث بالتراضي ، لقاء مبلغ معين : فلا حرج عليكم
في ذلك ، وإن زاد نصيب بعضكم في هذه القسمة ، أو نقص عن حظه فيما لو قسم المال بحسب
نصيب كل واحد ، وهذا هو ما يعرف عند الفقهاء بـ ” قسمة التراضي ” .
جاء في ” الموسوعة الفقهية ” (33 /217) :
” أَمَّا قِسْمَةُ التَّرَاضِي : فَلاَ يُشْتَرَطُ فِيهَا انْتِفَاءُ الضَّرَرِ ،
بَل الرِّضَا بِهِ مِمَّنْ يَقَعُ عَلَيْهِ ، وَاحِدًا كَانَ أَوْ أَكْثَرَ ،
حَتَّى لَوْ كَانَتِ الْقِسْمَةُ ضَارَّةً بِجَمِيعِ الشُّرَكَاءِ لَكِنَّهُمْ
رَضَوْا بِهَا فَهَذَا شَأْنُهُمْ وَحْدَهُمْ ؛ لأِنَّ الْحَقَّ لَهُمْ لاَ
يَعْدُوهُمْ ، وَهُمْ أَدْرَى بِحَاجَاتِهِمْ ، فَلاَ يَكُونُ ثَمَّ مَانِعٌ
مِنْهَا وَقَدْ رَضُوا بِضَرَرِ أَنْفُسِهِمْ ” انتهى .
وعليه :
فلا حرج عليكم فيما اتفقتم عليه من تنازل الورثة عن نصيب كل واحد منهم ، مقابل مبلغ
معين قمتم بتحديده .
لكن : إن كان اللجوء إلى المحكمة يترتب عليه بيع الشقة بأقل من ثمن المثل ، أو ضياع
الحقوق على أصحابها ، واضطررت إلى دفع أكثر مما يستحقه كل واحد ، مقابل عدم ضياع
حقك ، أو عدم بيع الشقة بثمن المثل : فمثل هذا يحرم في حقهم ، أن يضطروك إلى دفع
مال ، لنيل حقك ، أو دفع الظلم على نفسك .
ثالثا :
الأثاث الذي تركه الزوج في الشقة ، إن كان من جملة صداقك ، كما يحصل في بعض البلاد
: أن يتم الاتفاق على أن يكون الأثاث هو صداق المرأة ، أو جزءا من صداقها : فحينئذ
لا حق لباقي الورثة في شيء منه ، وإنما هو حق خالص لك .
ومثل هذا : لو لم يتم الاتفاق عليه ، لكن اضطرد العرف في بلادكم بذلك ، فهو كما لو
اتفقتم عليه .
وإن لم يكن من صداقك ، ولم يجر العرف بذلك ، فهو من جملة الميراث .
فإن كان الاتفاق قد حصل على أن يتنازل كل منهم عن نصيبه في التركة ، مقابل مبلغ
معين ، فالظاهر أن ذلك يدخل فيه الشقة ، بما فيها من أثاث ، خاصة إذا كان أمرا
يسيرا مستعملا ، ليس له خطر ، بحيث يعتنون بضبطه وتقديره .
راجعي جواب السؤال رقم : (142349) .
والله أعلم .
المصدر:
موقع الإسلام سؤال وجواب
هل انتفعت بهذه الإجابة؟
![answer](/_next/image?url=%2F_next%2Fstatic%2Fmedia%2Fanswer.91a384f1.png&w=64&q=75)
موضوعات ذات صلة