لجدي رحمه الله تعالى 9 أبناء ، وقد هاجر من الهند وكان قليل الحيلة ، وفقيرا منذ زمن ، أبي هو الابن الأكبر لجدي ، وقد توفي جدي فجأة ، فسافر أبي إلى دبي ، ومكث بها 12 عامًا ، وكان يرسل لجدتي كل الأموال التي يجنيها من هناك ولا يبقي لنفسه إلا ما يقتات به فقط ، ولم يكن لأعمامي أي وظيفة تمكنهم من مساعدة جدتي ولا إخوتهم .
وقد تزوج أعمامي كلهم ، وحصلت عمتي على تعليم متميز ، وتزوجت أيضًا ، لذلك كانت جدتي تتمنى أن يرجع أبي لكي يمتلك المنزل الذي تم شراؤه بالتقسيط قبل وفاة جدي بشهور قليلة ، وكانت الأقساط التي تم دفعها طوال الإثنى عشرة سنة كلها من مال أبي الذي كان يرسله وهو في سفره ، وفعلت ذلك لأن أبي لم يكن له منزل ، ولا يمتلك شيئًا ، مع العلم أنه أمضى فترة طويلة في السفر ، وكان يعمل لتوفير المال للأسرة بأكملها ، وأبلغت بعض أقاربها بأنها خصصت المنزل لأبي ، وقد توفيت قبل أن يعود والدي إلى باكستان ، وكان المنزل قد بقي عليه نصف الأقساط ، وأمضى والدي بعد ذلك اثنى عشر عامًا أخرى في الشرق الأوسط وأتم الأقساط ، وبدأ في إجراءات نقل ملكية المنزل باسمه بدلا من اسم جدتي .
ولكن عند وفاة جدتي ومع أن أعمامي وعمتي أذعنوا جميعا أن المنزل من حق والدي ، إلا أن بعضهم وقت تسجيل والدي للمنزل باسمه ، اعترض على أن يأخذ والدي المنزل مدعيا أن هذا حق الجميع ، وأنه يجب توزيعه على الجميع ، مع أن أبي لم يكن متمسكا بتسجيل المنزل باسمه في بادئ الأمر ، إلا أنه أصر على ذلك فيما بعد ؛ لأنه حقه ، وخاصة بعد أن زاد ثمنه لستة أضعاف وقتما كان قد شراه .
ماذا يجب على أبي أن يفعل؟ وهل لأعمامي وعمتي حق في الادعاء بأن المنزل ليس من حق أبي وحده وأنه حق الجميع ؟ وأنه كان على جدتي أن توزع المنزل على أبنائها جميعا ؟
هل له الحق في تملّك منزل تم شراؤه بماله الذي كان يرسله لوالدته ؟
السؤال: 184706
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.
لا شك أن الذي قام به والدك من إعانة والديه وإخوته ومساعدتهم في المعاش مع غربته وسفره وبعده عن أولاده ، لا شك أنه من أبرّ البر وفواضل الأعمال .
وقد تبين من السؤال أن الذي قام به الوالد هو مساعدة الأسرة في معاشها ، ثم إرسال المال الذي تم به شراء هذا المنزل محل الخلاف .
فيقال : لا يخلو الأمر حينئذ من أن يكون :
1- إما أنه كان قد أرسل هذا المال الذي به تم شراء المنزل على سبيل البر بوالديه وصلة إخوته وإعانتهم ، تبرعا منه بالمال الذي أرسله إليهم ؛ فالبيت حينئذ يدخل في الميراث ، ويقسم على جميع الورثة بشرع الله ؛ لأنه تنازل عن ماله على سبيل الهبة ، فليس له أن يرجع في هبته ؛ ويبقى جزاء الوالد عند ربه موفورا .
وقد روى البخاري (2067) ومسلم (2557) عن أَنَس بْن مَالِكٍ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( مَنْ أَحَبَّ أَنْ يُبْسَطَ لَهُ فِي رِزْقِهِ وَيُنْسَأَ لَهُ فِي أَثَرِهِ فَلْيَصِلْ رَحِمَهُ)
2- وإما أن يكون كان قد أرسل هذا المال ليأخذوا منه حاجتهم ، وما فضل منه بعد نفقة أسرته ، يبقى على ملكه هو : فالبيت الذي تم شراؤه ملك لصاحب المال ؛ لأنه هو الذي دفع ثمنه ، وقد قام والده ووالدته مقام الوكيل له في صرف هذا المال المتبقي في شراء هذا المنزل .
ومثل هذا ، وأولى منه : أن يكون صرح لوالديه ، أو هم صرحوا له عند الشراء : بأنه المنزل يشترى على ملكه .
على أنه ينبغي نصح الطرفين ألا ينسوا الفضل بينهم ؛ فلا يجعل والدك هذا سببا لتكدير معروفه إلى أسرته ، وهم كذلك لا يتعنتون مع أخيهم ، وقد أعانهم وأنفق عليهم وأحسن إليهم ؛ فهل جزاء الإحسان إلا الإحسان .
والله تعالى أعلم .
هل انتفعت بهذه الإجابة؟
المصدر:
موقع الإسلام سؤال وجواب