هل هذا الحديث صحيح أم لا ؟
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ : ” أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَعَاهُ رَجُلٌ إِلَى طَعَامٍ ، فَذَهَبْنَا مَعَهُ ، فَلَمَّا طَعِمَ وَغَسَلَ يَدَهُ ، أَوْ قَالَ : يَدَيْهِ ، قَالَ : ( الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي يُطْعِمُ وَلا يُطْعَمُ ، مَنَّ عَلَيْنَا فَهَدَانَا ، وَأَطْعَمَنَا وَسَقَانَا ، وَكُلَّ بَلاءٍ حَسَنٍ أَبْلانَا ، الْحَمْدُ لِلَّهِ غَيْرَ مُوَدَّعٍ وَلا مُكَافَإٍ ، وَلا مَكْفُورٍ وَلا مُسْتَغْنًى عَنْهُ ، رَبَّنَا ، الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَطْعَمَ الطَّعَامَ ، وَسَقَى مِنَ الشَّرَابِ ، وَكَسَى مِنَ الْعُرْيِ ، وَهَدى مِنَ الضَّلالَةِ ، وَبَصَّرَ مِنَ الْعَمَى ، الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي فَضَّلَنِي عَلَى كَثِيرٍ مِنْ خَلْقِهِ تَفْضِيلا ) .
حديث صحيح جامع في الحمد بعد الفراغ من الطعام
السؤال: 185823
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.
روى النسائي في “السنن الكبرى” (10060) و، ابن حبان (5219) ، وابن السني في “عمل اليوم والليلة” (485) ، وأبو نعيم في “حلية الأولياء” (6/ 242) ، والحاكم في “المستدرك” (2003) وصححه ، والبيهقي في “الشعب” (4067) من طريق زُهَيْرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ سُهَيْلِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ : ” دَعَا رَجُلٌ مِنَ الْأَنْصَارِ مِنْ أَهْلِ قُبَاءٍ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَانْطَلَقْنَا مَعَهُ ، فَلَمَّا طَعِمَ وَغَسَلَ يَدَهُ ، أَوْ يَدَيْهِ ، قَالَ: ( الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي يُطْعِمُ وَلَا يُطْعَمُ ، مَنَّ عَلَيْنَا فَهَدَانَا وَأَطْعَمَنَا وَسَقَانَا ، وَكُلَّ بَلَاءٍ حَسَنٍ أَبْلَانَا ، الْحَمْدُ لِلَّهِ غَيْرَ مُوَدَّعٍ وَلَا مُكَافأ وَلَا مَكْفُورٍ وَلَا مُسْتَغْنًى عَنْهُ ، الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَطْعَمَ مِنَ الطَّعَامِ ، وَسَقَى مِنَ الشَّرَابِ ، وَكَسَا مِنَ الْعُرْيِ ، وَهَدَى مِنَ الضَّلَالَةِ ، وَبَصَّرَ مِنَ الْعَمَى ، وَفَضَّلَ عَلَى كَثِيرٍ مِنْ خَلْقِهِ تَفْضِيلًا ، الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ) .
وهذا إسناد جيد ، رجاله ثقات ، غير زهير بن محمد فمستقيم الحديث إلا ما كان من رواية أهل الشام عنه ، ففيها ضعف مشهور ، قال البخاري ما روى عنه أهل الشام فإنه مناكير، وما روى عنه أهل البصرة فإنه صحيح .
“تهذيب التهذيب” (3 /301) .
وهذا من حديث أهل البصرة عنه ؛ فإن بشر بن منصور بصري ثقة من رجال مسلم ، وراجع : “تهذيب التهذيب” (1 /403) فهو من صحيح حديث زهير بن محمد .
وهذا الحديث حسنه الشيخ الألباني في تعليقه على “صحيح ابن حبان” ، وكذا الشيخ مقبل بن هادي الوادعي في “الصحيح المسند مما ليس في الصحيحين” (1326) ، وصححه الشيخ أحمد شاكر في “عمدة التفسير” (1/765) ، وقال الشيخ شعيب الأرناؤوط في تعليقه على “صحيح ابن حبان” : إسناده صحيح على شرط مسلم .
وروى البخاري (5458) عَنْ أَبِي أُمَامَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا رَفَعَ مَائِدَتَهُ قَالَ : ( الْحَمْدُ لِلَّهِ كَثِيرًا طَيِّبًا مُبَارَكًا فِيهِ غَيْرَ مَكْفِيٍّ وَلَا مُوَدَّعٍ وَلَا مُسْتَغْنًى عَنْهُ رَبَّنَا )
وفي رواية له (5459) : ( الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي كَفَانَا وَأَرْوَانَا غَيْرَ مَكْفِيٍّ وَلَا مَكْفُورٍ – وَقَالَ مَرَّةً – : الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّنَا غَيْرَ مَكْفِيٍّ وَلَا مُوَدَّعٍ وَلَا مُسْتَغْنًى رَبَّنَا ) .
( طَيِّبًا ) : أَيْ خَالِصًا مِنْ الرِّيَاء وَالسُّمْعَة .
( مُبَارَكًا ) : أَيْ حَمْدًا ذَا بَرَكَة دَائِمًا لَا يَنْقَطِع ، لِأَنَّ نِعَمه لَا تَنْقَطِع عَنَّا ، فَيَنْبَغِي أَنْ يَكُون حَمْدنَا غَيْر مُنْقَطِع أَيْضًا ، وَلَوْ نِيَّة وَاعْتِقَادًا .
( وَكُلَّ بَلَاءٍ حَسَنٍ أَبْلَانَا ) البلاء الحسن يعني النعم ؛ كما قال تعالى : ( وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً ) الأنبياء/ 35 ، أَيْ: نَخْتَبِرُكُمْ بِالْمَصَائِبِ تَارَةً ، وَبِالنِّعَمِ أُخْرَى ، لِنَنْظُرَ مَنْ يَشْكُرُ وَمَنْ يَكْفُرُ، وَمَنْ يَصْبِرُ وَمَنْ يَقْنَطُ ، وانظر “تفسير ابن كثير” (5/ 342) .
( غَيْرَ مَكْفِيّ ) : أَيْ غَيْر مَرْدُود وَلَا مَقْلُوب , أَوْ هُوَ مِنْ الْكِفَايَة ، يَعْنِي أَنَّهُ تَعَالَى هُوَ الْمُطْعِم لِعِبَادِهِ وَالْكَافِي لَهُمْ .
( وَلَا مَكْفُور ) أَيْ مَجْحُود فَضْله وَنِعْمَته .
( وَلَا مُكَافأ ) : الكَفِيءُ : النَّظِيرُ والمُساوِي وكذلك الكُفْءُ والكُفُوءُ .
( وَلَا مُوَدَّع ) بِفَتْحِ الدَّال : أيْ غَيْر مَتْرُوك , وَيُحْتَمَل كَسْرهَا عَلَى أَنَّهُ حَال مِنْ الْقَائِل أَيْ غَيْر تَارِك .
راجع :
“فتح الباري” (9/ 581) – “شرح صحيح البخارى” لابن بطال (9/ 506) – “كشف المشكل” (4/ 147) – “مرقاة المفاتيح” (7/ 2709) – “فيض القدير” (5/ 139) – “عون المعبود” (10 /235) – “لسان العرب” (1 /139) .
والله أعلم .
هل انتفعت بهذه الإجابة؟
المصدر:
موقع الإسلام سؤال وجواب