ورد في بعض كتب الحديث كما في ” مستدرك ” للحاكم ، من رواية أبي سعيد الخدري : ” أن ملك الهند أرسل إلى النبي صلى الله عليه وسلم هدية ، عبارة عن مخلل فيه شيء من الزنجبيل ، فوزّعه النبي صلى الله عليه وسلم على من حوله من الصحابة ، وقال أبو سعيد : وحصلت على شيء منه فأكلته ” .” مستدرك الحاكم، كتاب الأطعمة، المجلد الرابع، صفحة 150″ .
فما صحة هذا الحديث؟
صحة حديث إهداء ملك الهند زنجبيلا للرسول صلى الله عليه وسلم
السؤال: 186168
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.
هذا الحديث المشار إليه في السؤال رواه الحاكم في “مستدركه” (7190) .
حدثنا علي بن حمشاد العدل ثنا العباس بن الفضل الأسفاطي ومحمد بن غالب قالا : ثنا عمرو بن حكام ثنا شعبة أخبرني علي بن زيد قال : سمعت أبا المتوكل يحدث عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال : ” أهدى ملك الهند إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم جرة فيها زنجبيل ، فأطعم أصحابه قطعة قطعة وأطعمني منها قطعة ” .
والمشهور بهذا الإسناد أن ملك الروم هو الذي أهدى تلك الهدايا إلى النبي صلى الله عليه وسلم لا ملك الهند ، كذا رواه الطبراني في “المعجم الأوسط” (2416) ، والطبري في “التهذيب” (1599) والإسماعيلي في “معجمه” (187) ، وابن الأعرابي في “معجمه” (292) ، والعقيلي في “الضعفاء” (3/267) ، وابن عدي في “الكامل” (5/137) من طريق عمرو بن حكام قال حدثنا شعبة قال سمعت علي بن زيد يحدث عن أبي المتوكل الناجي عن أبي سعيد الخدري قال : ” أهدى ملك الروم إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم هدايا ، وكان فيما أهدى إليه جره فيها زنجبيل ، فأطعم كل إنسان قطعة وأطعمني قطعة ” .
وهذا الحديث مما أنكروه على عمرو بن حكام واتهموه به ، قال أبو حاتم وأبو زرعة :
” حديث عمرو بن حكام حديث منكر ، لا نعلم أنه رواه أحد سوى عمرو بن حكام ” .
انتهى من “علل الحديث” (1 /302) .
وقال الذهبي في ” تلخيص المستدرك ” : ” هذا مما ضعفوا به عمرا ، تركه أحمد ” .
وقال الهيثمي :
” رواه الطبراني في الأوسط ، وفيه عمرو بن حكام وقد اتهم بهذا الحديث وهو ضعيف ” .
انتهى من “مجمع الزوائد” (5 /59) .
وقال الذهبي أيضا :
” هذا منكر من وجوه : أحدهما أنه لا يعرف أن ملك الروم أهدى شيئا إلى النبي صلى الله عليه وسلم .
وثانيهما أن هدية الزنجبيل من الروم إلى الحجاز شيء ينكره العقل ، فهو نظير هدية التمر من الروم إلى المدينة النبوية ” انتهى من “ميزان الاعتدال” (3/ 254) .
وعمرو بن حكام ، قال أحمد : كان يروي عن شعبة نحو أربعة آلاف حديث ، تُرك حديثه . وقال ابن عدي : عامة ما يرويه غير متابع عليه ، وضعفه علي بن المديني ، والبخاري وأبو زرعة ، والساجي ، والعقيلي ، وابن شاهين ، وأبو أحمد الحاكم وغيرهم .
انظر : “لسان الميزان” (4 /360) .
وقد رواه ابن عساكر في “تاريخه” (14/343) من طريق محمد بن أشرس بن موسى السلمي نا الحسين بن الوليد نا شعبة به .
ومحمد بن أشرس قال الذهبي : ” متهم في الحديث . وتركه أبو عبد الله بن الأخرم الحافظ وغيره “.
ثم روى له هذا الحديث وقال : ” هذا إنما يعرف بعمرو بن حكام عن شعبة ، فالحسين بن الوليد من ثقات الخراسانيين، لا يحتمل هذا ” انتهى من “ميزان الاعتدال” (3 /485) .
وقال ابن أبي حاتم : ” وسألت أبي وأبا زرعة عن حديث رواه عمرو بن حكام عن شعبة … فذكره ، فقالا : لا نعرفه من حديث شعبة ، رواه ابن يزيد بن هارون ، عن سفيان بن حسين عن علي بن زيد ، عن أنس.
قلت فهذا صحيح ؟ قالا : هذا أشبه ” انتهى من “علل الحديث” (1 /302) .
يشيران إلى ما رواه أبو داود (4047) وأحمد (12987) من طريق عَلِيِّ بْنِ زَيْدٍ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّهُ قَالَ : ” إِنَّ مَلِكَ الرُّومِ أَهْدَى لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُسْتَقَةً مِنْ سُنْدُسٍ ( فرو طويل الأكمام ) فَلَبِسَهَا وَكَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَى يَدَيْهَا تَذَبْذَبَانِ مِنْ طُولِهِمَا ، فَجَعَلَ الْقَوْمُ يَقُولُونَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أُنْزِلَتْ عَلَيْكَ هَذِهِ مِنْ السَّمَاءِ ؟ فَقَالَ : ( وَمَا يُعْجِبُكُمْ مِنْهَا فَوَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ إِنَّ مَنْدِيلًا مِنْ مَنَادِيلِ سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ فِي الْجَنَّةِ خَيْرٌ مِنْهَا ، ثُمَّ بَعَثَ بِهَا إِلَى جَعْفَرِ بْنِ أَبِي طَالِبٍ فَلَبِسَهَا ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( إِنِّي لَمْ أُعْطِكَهَا لِتَلْبَسَهَا ) ، قَالَ فَمَا أَصْنَعُ بِهَا ؟ قَالَ : ( أَرْسِلْ بِهَا إِلَى أَخِيكَ النَّجَاشِيِّ ).
وهذا منكر ، والصحيح من حديث أنس ما رواه البخاري (2616) ومسلم (2468) من طريق قتادة ، والترمذي (1723) من طريق واقد بن عمرو ، وأحمد (13080) من طريق عاصم بن عمر بن قتادة ، ثلاثتهم عن أنس رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ” أنّ أُكَيْدِرَ دُومَةَ أَهْدَى إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جُبَّة سُنْدُسٍ ، وَكَانَ يَنْهَى عَنْ الْحَرِيرِ فَعَجِبَ النَّاسُ مِنْهَا فَقَالَ : ( وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ لَمَنَادِيلُ سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ فِي الْجَنَّةِ أَحْسَنُ مِنْ هَذَا ) .
هذا هو الصحيح من حديث أنس ، بل هذا هو الصحيح في الباب ، وأما ما رواه علي بن زيد فمنكر كما تقدم ، وخاصة قوله :
(أَرْسِلْ بِهَا إِلَى أَخِيكَ النَّجَاشِيِّ) قال الألباني رحمه الله : ” هذه الجملة منكرة ” .
“السلسلة الصحيحة” (13 /149) .
وعلي بن زيد هو ابن جدعان ضعيف ، ضعفه أحمد ، وابن معين ، وأبو زرعة ، وأبو حاتم والنسائي ، وابن خزيمة ، والدارقطني ، وغيرهم .
راجع : “تهذيب التهذيب” (7/284)
وأولى منه بالنكارة خبر عمرو بن حكام المتقدم .
والله تعالى أعلم .
هل انتفعت بهذه الإجابة؟
المصدر:
موقع الإسلام سؤال وجواب