0 / 0

هل لأشقاء المتوفى أن يتعجلوا زوجة أخيهم في قسمة الميراث وهي لم تزل في العدة ؟

السؤال: 188489

توفي زوجي رحمه الله قبل شهر ونصف ، بعد مرض عضال ، ومعاناة لأكثر من ثلاث سنوات ، زواج دام ثمان عشر سنة لم نرزق خلالها بأطفال.
وبعد ثلاثة أسابيع من وفاته بادر أهل زوجي إلى استدعائي لترتيب تقسيم التركة ، الشيء الذي أثار غضبي ، وازداد حزني لعدم مراعاة حالتي النفسية والجسدية ، إذ كنت لا آخذ قسطي من الراحة الكافية خلال الأشهر الأخيرة لاهتمامي بزوجي ، وهذا ليس والله بمن ، ولكن كنت جداً متعبة ؛ لقلة النوم ، وكثرة الأشغال ، فلما سألتهم عن أسباب العجلة ، أجاب أحد الإخوة : أن الشرع يوجب التعجيل بتوزيع التركة ، فقلت له : اذهبوا وبادروا بتوزيع تركة جدتكم التي توفيت قبل ثلاثين سنة ، وتركة أبيكم الذي توفي قبل ست عشرة سنة ؛ لأن لي حصة فيها ، هذا من جهة ، ومن جهة أخرى كل الورثة ميسورو الحال ، فلا داعي للاستعجال.
وقبل أربعة أيام : اتصل بي أحدهم ليوصل إلي رسالة الورثة ، مفادها : أنه الإنذار الأخير لتسوية التقسيم بالتراضي ، وإلا سيلجئون إلى المحكمة.
وأضاف أنه يجب علي لهذا أن أسافر إلى مدينتهم التي تبعد بـ 200 كلم .
فلما قلت : له بأني معتدة ، ولا يجوز لي أن أبيت في غير بيت زوجي ، رد بأنها ضرورة.

وأسئلتي :

هل أنا آثمة إن وافقت على تقسيم التركة الآن كي أرتاح من الخوض في متاهات التقسيم. ?

وهل الشرع يوجب مراعاة الحالة النفسية القاسية من الحزن والإحساس بالوحدة بعد سنين من الرفقة ، لمن يفقد هذه الرفقة العزيزة ؟

هل هم آثمون بتعجيل تركة زوجي ، وتركهم تركة جدتهم ، وأبيهم ، واستغلال ابتلاء الله لي بعدم الانجاب ؟

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

أولا :
إذا مات المورّث فإن أمواله تنتقل بموته للورثة مباشرة ، ولا يجوز لأحدٍ أن يُخفي التركة عن الورثة ، ولا يجوز لأحدٍ أن يعطِّل قسمة الميراث ، فإن اتفق الورثة على عدم تقسيم التركة كلها أو بعضها فلا حرج في ذلك ، فإن رغب واحد منهم في حصته فيجب أن يعطى له نصيبه من الميراث .
وعلى ذلك : فلا حرج عليهم في التعجيل بقسمة الميراث ؛ ليعطى كل ذي حق حقه ، وإن كانوا ميسوري الحال .
وينظر جواب السؤال رقم : (97842) .
على أنه يحسن بهم أن يلبوا رغبتك في التمهل حتى انقضاء العدة وهدوء النفس ؛ فإن ذلك يعدّ من مكارم الأخلاق ، وهو من الإحسان إلى الخلق ، وإن كان ذلك لا يلزمهم ، كما أنهم ليسوا آثمين ولا مذنبين إذا لم يتوافق طلبهم ذلك مع حالتك النفسية ، أو الأزمة التي تمرين بها ، وإن كانت مراعاة ذلك ، كما قلنا من المروءات ومكارم الأخلاق التي ينبغي مراعاتها .
ثانيا :
يجب على باقي الورثة ، إن كان لزوجك نصيب في ميراث جدتهم أو والدهم ، ولم يحصل عليه قبل وفاته ، أن يضموه إلى تركته قبل قسمتها ، ثم يقسم ذلك كله على الورثة حسب نصيبهم الشرعي .
ولا شك أنهم يأثمون إذا منعوا شيئا من الحقوق عن أهلها ، وهم ظالمون غاصبون إذا رفضوا أن يضموا نصيب زوجك إلى تركته قبل قسمتها .
فإذا لم يفعلوا وأصروا على المطالبة بحقهم في ميراث أخيهم وأرادوا رفع الأمر إلى المحكمة ، فارفعي أنت أيضا دعوى للمحكمة للمطالبة بحقك من الميراث الذي لك في ذمتهم ، ويمكنك أن تعملي توكيلا شرعيا لأحد من أقاربك بذلك .
ثالثا :
تقدم في جواب السؤال رقم : (101546) بيان أن المرأة في عدة الوفاة لها أن تخرج من بيتها في النهار لقضاء حوائجها ، كمتابعة الإجراءات الحكومية ، إذا لم يوجد من يقوم بها بدلا عنها ، وأما الليل فلا تخرج فيه إلا لضرورة .
كما لا تنشئ سفرا مادامت في العدة ، جاء في “الموسوعة الفقهية” (33/ 92):
” ذَهَبَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ إِلَى أَنَّهُ لاَ يَجُوزُ لِلْمُعْتَدَّةِ أَنْ تُنْشِئَ سَفَرًا قَرِيبًا كَانَ هَذَا السَّفَرُ أَوْ بَعِيدًا ، بَل يَجِبُ عَلَيْهَا أَنْ تَلْزَمَ بَيْتَ الزَّوْجِيَّةِ الَّذِي كَانَتْ تَسْكُنُهُ ” انتهى .
رابعا :
عند حصول الإصرار منهم على المطالبة بالميراث فليكن ذلك بالبلد التي تقيمين بها ، ويتعين عليهم السفر إليك ، وإنهاء إجراءات القسمة ببلدك ؛ حتى لا تسافري أيام العدة ، فإن اضطررت إلى السفر ، فلا حرج عليك في ذلك ، على أن يكون السفر بصحبة محرم ، وعلى أن تبيتي في بيت زوجك الذي تقضين فيه العدة ، إلا في حال الضرورة القصوى ؛ فإن الضرورات تبيح المحظورات .
فإذا أمنك أن توكلي من ينوب عنك في التفاهم معهم ، وقسمة الميراث ، فافعلي ، ولا تخرجي من بيتك ، ولا تسافري إليهم .
قال ابن قدامة رحمه الله :
” وَلَيْسَ لَهَا الْمَبِيتُ فِي غَيْرِ بَيْتِهَا، وَلَا الْخُرُوجُ لَيْلًا إلَّا لِضَرُورَةٍ ؛ لِأَنَّ اللَّيْلَ مَظِنَّةُ الْفَسَادِ ، بِخِلَافِ النَّهَارِ، فَإِنَّهُ مَظِنَّةُ قَضَاءِ الْحَوَائِج وَالْمَعَاشِ، وَشِرَاءِ مَا يُحْتَاجُ إلَيْهِ .
وَإِنْ وَجَبَ عَلَيْهَا حَقٌّ لَا يُمْكِنُ اسْتِيفَاؤُهُ إلَّا بِهَا ، كَالْيَمِينِ وَالْحَدِّ ، وَكَانَتْ ذَاتَ خِدْرٍ، بَعَثَ إلَيْهَا الْحَاكِمُ مَنْ يَسْتَوْفِي الْحَقَّ مِنْهَا فِي مَنْزِلِهَا ، وَإِنْ كَانَتْ بَرْزَةً جَازَ إحْضَارُهَا لِاسْتِيفَائِهِ ، فَإِذَا فَرَغَتْ رَجَعَتْ إلَى مَنْزِلِهَا ” انتهى من “المغني” (8/ 163) .
وقال الشيخ ابن باز رحمه الله :
” المعتدة من الوفاة وهي المحادة الواجب عليها بقاؤها في البيت الذي مات زوجها وهي ساكنة فيه ، لا تخرج إلى الناس للزيارات لا لأولادها ولا غيرهم ، لكن خروجها لحاجة مثل المستشفى ، الطبيب ، مثل دعوى ، عليها خصومة في المحكمة ، مثل حاجة في السوق تشتري حاجاتها لا بأس ، فلو كان هناك حاجة مهمة مثل مدرسة ، مثل طالبة يفوتها العلم فلها الخروج ؛ لأنها حاجة مهمة ، كونها طالبة أو موظفة أو مدرسة هذه حاجات مهمة ، لها أن تخرج لكن بغير زينة ، تكون في ثياب عادية ليس فيها جمال ، وغير متطيبة ولا مكتحلة ولا لابسة حلي ” .
انتهى مختصرا من موقع الشيخ .
http://www.ibnbaz.org.sa/mat/12868

نسأل الله ييسر لك أمرك ، ويقضي حاجتك ، ويأجرك في مصيبتك ، ويخلف لك خيرا منها .
والله تعالى أعلم .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر

موقع الإسلام سؤال وجواب

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android