تنزيل
0 / 0

هزل مديره بالكفر ، ولم ينكر عليه !!

السؤال: 191318

قال محدثي هازلا في حوار : إنه بعد إنهائه العمل في شركة معينة ، إما سيصبح رسولا ، أو وزير خارجية ؛لكثرة المشاكل التي اعترضته ووجب عليه حلها ، فتبسمت في بادئ الأمر لقوله لكي أجاريه لكونه رئيسي في العمل ، ثم استدركت ما فعلته وأحسست فظاعة مجاراته ، فأنكرته بقلبي وبملامح وجهي ، ولكن لم أنكر ذلك عليه قولا .
هل أكون قد كفرت بمجاراته في بادئ الأمر؟ وهل إنكار ذلك بقلبي بعد ذلك ينجيني من الكفر؟ وما هي الطريقة الأمثل لي لإفهامه أن ما قاله قول كفري ؟ وما هو الدليل الذي علي الاستشهاد به؟

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

أولا :
هذا القول الذي تفوّه به رئيسك في العمل – وهو قوله أنه بعد إنهائه العمل في هذه الشركة إما أن يصبح رسولا أو يصبح وزيرا لا شك أنه قول مُفترَى ، واستهزاء بدين الله وبكتابه وبرسوله ، وذلك أنه لا نبي بعد رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم ، كما هو معلوم من الدين بالضرورة ، كما قال تعالى : ( مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ وَلَكِنْ رَسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ ) الأحزاب/ 40 ، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( لا نبي بعدي ) رواه البخاري (4416) ومسلم (2404) .
ومن زعم بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه رسول أو أنه سيصبح رسولا ، إما أن يكون مكذبا للقرآن والسنة ، متبعا غير سبيل المؤمنين ، وإما أن يكون هازلا لاعبا ، وكلا الأمرين كفر وضلال .
ولا يجتمع في قلب عبد إيمان بالله وكفر به ، أو استهزاء بآياته ، أو بأحد من رسله ، أو تكذيب بخبره .
وقد قال الله تعالى: ( وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ * لَا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ ) التوبة / 65 – 66
يقولون عند الاعتذار: إنما نتكلم بكلام لا قصد لنا به ولا قصدنا الطعن والعيب.
قال أبو بكر بن العربي رحمه الله :
” لَا يَخْلُو أَنْ يَكُونَ مَا قَالُوهُ مِنْ ذَلِكَ جِدًّا أَوْ هَزْلًا ، وَهُوَ كَيْفَمَا كَانَ كُفْرٌ ؛ فَإِنَّ الْهَزْلَ بِالْكُفْرِ كُفْرٌ ، لَا خُلْفَ فِيهِ بَيْنَ الْأُمَّةِ ” انتهى من “أحكام القرآن” (2/ 543) .
وقال الشيخ سليمان بن عبد الله آل الشيخ :
” من استهزأ بالله ، أو بكتابه ، أو برسوله ، أو بدينه : كفر ، ولو لم يقصد حقيقة الاستهزاء ، إجماعاً “. انتهى من “تيسير العزيز الحميد” (ص617) .
وقد تقدم بيان ذلك بالتفصيل في جواب السؤال رقم : (102871) ، (163627) .

ثانيا :
الواجب على المسلم إذا سمع أو رأى شيئاً من الاستهزاء بالدين أن ينكر على قائله وفاعله إنكاراً شديداً ، فإن لم يستجب له لزمه مغادرة المكان الذي هو فيه ، قال تعالى : ( وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللَّهِ يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا ، فَلَا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ ، إِنَّكُمْ إِذًا مِثْلُهُمْ ، إِنَّ اللَّهَ جَامِعُ الْمُنَافِقِينَ وَالْكَافِرِينَ فِي جَهَنَّمَ جَمِيعًا )النساء/140 .
وأما التبسم والضحك عند سماع مثل هذا الكلام ، فيجعل صاحبه شريكا للقائل في الإثم إن كان عن رضاً وقبول ، كما قال تعالى : (إِنَّكُمْ إِذًا مِثْلُهُمْ ) ، وإن لم يكن عن رضا وقبول ، فهو معصية كبيرة تدل على عدم تمكن تعظيم الله وشعائره من قلبه .
والواجب على المسلم أن يعظم شعائر دين الله وآيات الله ، كما قال تعالى : (وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ).
قال السعدي رحمه الله :
” أصل الدين مبني على تعظيم الله وتعظيم دينه ورسله ، والاستهزاء بشيء من ذلك مناف لهذا الأصل ومناقض له أشد المناقضة ” انتهى من “تفسير السعدي” (ص342) .

والواجب عليك أن تتوب إلى الله تعالى من مداهنة هذا المدير في قولته ، وعدم إنكار ذلك عليه ، أو ترك المكان الذي هو فيه ، مع المداومة على فعل الطاعات والتقرب إلى الله بأنواع القرب .
وأما الاستنكار بالوجه ، بعد ما تبسمت أولا ، فهذا غير كاف ؛ أولاً : لأنك قادر على أن تنكر عليه ذلك بلسانك ، مع الرفق ومراعاة العلاقة بينكما ، لكن التوجيه الهادئ واللفتة السريعة إلى مثل ذلك ، لا نعتقد أن فيها مشكلة أو صعوبة ، أو أن ضررا سيترتب عليها .

فاجتهد الآن في نصح هذا الرجل ، وتنبيهه إلى خطر ما وقع فيه وشناعة ما قاله ، ولو على سبيل اللعب والمزاح ، وقد ذكرنا بعض الأدلة على كفر من نطق بالكفر ، ولو على سبيل اللعب ، ومن هذا الكفر دعوى إنسان أنه نبي ، أو أنه سيصير نبيا بعد نبينا محمد صلى الله عليه وسلم ، وقد سبقت الإشارة إلى بعض الأدلة على ختم النبوة .
وينظر جواب السؤال (113393) ورقم (4060) .

وقد سئل علماء اللجنة الدائمة :
بعض الناس يقول الكلام قد يؤدي إلى الكفر أو الفسق ، ويقول: إنني أمزح ، فهل مزاحه به صحيح في رفع الحرج أم لا ؟
فأجابوا : ” يحرم المزح تحريما شديدا بما فيه كفر أو فسق ، قال الله تعالى: ( وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ * لَا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ ) ، وتجب التوبة من ذلك العمل والاستغفار، عسى الله أن يتوب على فاعله ” .
انتهى من “فتاوى اللجنة الدائمة” (2 /50) .

وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :
” الذي يسب الدين لا شك في كفره ، وكونه يدعي أنه مستهزئ وأنه لاعب وأنه ما قصد هذا لا ينفي كفره ، كما قال الله تعالى عن المنافقين: ( وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ * لَا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ ) .
ثم نقول له : إذا كنت صادقاً في أنك تمزح أو أنت هازل لست بجاد فارجع الآن وتب إلى الله ، فإذا تبت قبلنا توبتك ، تب إلى الله وقل : أستغفر الله مما جرى ، وارجع إلى ربك ، وإذا تبت ولو من الردة فإنك مقبول التوبة ” انتهى من “فتاوى نور على الدرب” (14 /28) .

راجع جواب السؤال رقم : (175838) .

والله تعالى أعلم .

المصدر

موقع الإسلام سؤال وجواب

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android