الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.
أولاً :
فرق بين النية والتلبية في المناسك ، فالنية محلها القلب لا يُتلفظ بها ، وهي واجبة في الحج وفي غيره من العبادات ، وأما التلبية فهي مستحبة عند بعض أهل العلم ، وواجبة عند آخرين ، ويشرع للمحرم أن يتلفظ بها بلسانه ، والمقصود من التلبية تحديد نوع النسك ، فمن أراد العمرة لبى بقوله : " لبيك اللهم عمرة " ، ومن أراد الحج لبى بقوله : " لبيك اللهم حجا " ، ومن أراد الحج والعمرة لبى بقوله : " لبيك اللهم عمرة وحجا " .
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : " واعلم أن النية محلها القلب ، فلا يسن للإنسان أن يقول : اللهم إني نويت العمرة ، أو نويت الحج ، لأنه لم ينقل عن النبي صلى الله عليه وسلم ، ولكن يلبي بما نوى ، والتلبية غير الإخبار بالنية ؛ لأن التلبية تتضمن الإجابة لله ، فهي بنفسها ذكر ليست إخبارا عما في القلب " انتهى مختصرا بتصرف يسير من "الشرح الممتع" ( 2 / 291 ).
وللفائدة ينظر جواب السؤال رقم : (31821) .
ثانياً :
مادام أنك ستسافر من بلدك مصر إلى المدينة النبوية مباشرة ، فإنك تحرم من ميقات المدينة ، وهو ذو الحليفة ، ولا يلزمك أن تحرم بالحج أو العمرة من مصر ، أو من وقت وصولك المدينة ؛ بل متى أردت السفر إلى مكة ، فأحرم من ميقات أهل المدينة .
وللفائدة ينظر جواب السؤال رقم : (135298) ، وجواب السؤال رقم : (96758) .
ثالثاً :
الأولى أن تكون عمرة التمتع قبل ضحى اليوم الثامن ( التروية ) ؛ لقوله تعالى : ( فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ ) ، فمنتهى التمتع الحج ، وأفعال الحج تبتدئ باليوم الثامن .
وقد سئل الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله : هل يصح التمتع بعد دخول زمن الحج ، أي : بعد ظهر اليوم الثامن ؟
فأجاب رحمه الله : " يقول الله عز وجل : ( فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ ) ، وهذا يدل على أن العمرة تفعل قبل أن يأتي أوان الحج ، فإذا قدمت مكة في اليوم الثامن ، فأمامك شيئان : الإفراد ، والقران .
أما التمتع فقد فات ، والإنسان لا ينبغي له أن يتشاغل عن الخروج إلى منى ، لأنه إذا جاء ضحى يوم الثامن ، فالمطلوب منه أن يكون في منى ، فلو اعتمر لمضى وقت من أوقات الحج ؛ لأن وقت الحج يدخل من ضحى يوم الثامن حيث إن الصحابة رضي الله عنهم أحرموا من ذلك الوقت ، فإذا جئت متأخراً فالذي أختاره له أن يأتي بحج مفرد ، أو بحج وعمرة مقرونين ، أما التمتع فلا محل له في هذا الحال " انتهى من " مجموع فتاوى ابن عثيمين " ( 22 / 52 ) .
رابعاً :
أداء العمرة بعد الحج بنية التمتع أو القران لا يصح ؛ لأن عمرة التمتع بنص القرآن إنما هي قبل الحج ؛ لقوله تعالى : ( فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ ) ، فإذا دخل زمن الحج ، ولم يعتمر الحاج قبل ذلك ، فقد فاته التمتع ، وليس له أيضا أن يأتي بالعمرة بعد الحج ، بنية حج القران ؛ فإن من فعل ذلك لم يقرن بين حجه وعمرته ؛ وإنما جاء بحج مستقل وعمرة مستقلة ، لكن له أن يحج قارنا ، فيجمع بين النسكين في نيته ، وفي تلبيته : فيقول ( لبيك اللهم حجا وعمرة ) ، وفي أفعاله أيضا .
وهذا هو الأفضل له حيث فاته التمتع ، بل يرى بعض أهل العلم أنه أفضل الأنساك مطلقا ، وهو على كل حال : أفضل من حج المفرد ، بغير خلاف .
هذا مع العلم أنه متى أدرك الحج ، أمكنه أن يقرن بين الحج والعمرة ، لأنه يأتي بأفعالهما مرة واحدة ، ولا يفرق بينهما ، وحينئذ ، لا يتصور أن تفوته العمرة إذا كان قارنا .
وله أن يأتي بالصفة الثالثة من أوصاف النسك : أن يحج مفردا ، وهو أقلها فضلا ، لأنه أقلها فعلا ؛ فالمتمتع والقارن قد أتيا بنسكين : الحج والعمرة ، وهذا أتى بسنك واحد .
وينظر في مسألة العمرة قبل الحج أو بعده لجواب السؤال رقم : ( 174622 ) ، وجواب السؤال رقم : ( 126752 ) .
خامساً :
الوصية بالسلام على النبي صلى الله عليه وسلم لمن هو مسافر إلى مسجده عليه الصلاة والسلام أمر غير مشروع ، فلم يكن ذلك من عادة السلف الصالح من الصحابة والتابعين ، وأيضاً صلاتنا على النبي ، صلى الله عليه وسلم ، تبلغه حيث كنا ، فقد روى أبو داود (2042) عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( لَا تَجْعَلُوا بُيُوتَكُمْ قُبُورًا وَلَا تَجْعَلُوا قَبْرِي عِيدًا وَصَلُّوا عَلَيَّ فَإِنَّ صَلَاتَكُمْ تَبْلُغُنِي حَيْثُ كُنْتُمْ ) ، فإذا كانت صلاتنا على النبي صلى الله عليه وسلم تبلغه حيث كنا ، فلا معنى لأن نرسل إليه السلام مع شخص آخر .
وينظر للفائدة جواب السؤال رقم : ( 69807 ) .
سادساً :
الاعتمار عن الغير يجوز إذا كان ذلك الغير عاجزاً لكبر سن أو مرض لا يرجى برؤه ، أو كان ميتاً .
فقد سئل علماء اللجنة الدائمة للإفتاء : أريد العمرة لبيت الله الحرام ، وأردت إذا ما فرغت من عمرتي فحينئذ أعتمر عن والدي – وهما على قيد الحياة ، والحمد لله – وعن والديهما – وهما قد ماتا رحمهما الله – هل هذه الطريقة صحيحة لي أم لا ؟
فأجابوا : " إذا اعتمرت عن نفسك جاز لك أن تعتمر عن أمك وأبيك إذا كانا عاجزين لكبر سن أو مرض لا يرجى برؤه ، كما يجوز لك أن تعتمر عن والدي والديك المتوفين ".
انتهى من " فتاوى اللجنة الدائمة " ( 11 / 80-81 ) .
وينظر للفائدة في جواب السؤال رقم : (10318) ، وجواب السؤال رقم : (65641) .
سابعاً :
لا يشترط في الحج أن يكون من خالص مال الحاج ، فلو حج على نفقة غيره صح حجه ، وسقط فرضه .
وقد سئلت اللجنة الدائمة للإفتاء : ما الحكم فيمن يحج من نفقات الحاكم ؟ بمعنى : إذا أراد حاكم من الحكام بأن يعطي رعاياه مبلغا من المال وقال لهم : حجوا بهذا المال ، فهل يجوز لهم أن يحجوا به أم لا ؟ وإذا حجوا به ، فهل تسقط عنهم حجة الإسلام ؟ مع ذكر الدليل لما تقولون.
فأجابوا : " يجوز لهم ذلك ، وحجهم صحيح ؛ لعموم الأدلة ".
انتهى من " فتاوى اللجنة الدائمة " ( 11 / 36 ) .
ومثل هذا ، بل أولى منه : أن يعمل في الحج ليتكسب ، ويحج أيضا ؛ فهذا لا حرج فيه عليه ، إذا لم يخل بأعمال الحج .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :
" والتجارة ليست محرمة ؛ لكن ليس للإنسان أن يفعل ما يشغله عن الحج " .
انتهى من "الاختيارات الفقهية" للبعلي (115) .
وللفائدة ينظر جواب السؤال رقم : (82293 ) ، ورقم (32629) .
والله أعلم