0 / 0

الذكر بـ( رضيت بالله ربا ) تجب له الجنة ، وليس( كان حقا على الله أن يرضيه )

السؤال: 192204

ما مدى صحة الحديث : قال عليه الصلاة والسلام : ( ما من عبد مسلم يقول حين يُصبح وحين يُمسي ثلاث مرات : رضيت بالله ربا ، وبالإسلام دينا ، وبمحمد صلى الله عليه وسلم نَبِيًّا . إلاَّ كان حقا على الله أن يُرضيه يوم القيامة ) .
رواه الإمام أحمد ، وأبو داود ، والترمذي ، والنسائي في ” الكبرى ” ، وابن ماجه .
ولقد ذكر في موقعكم الكريم أن الحديث : ( من قال : رضيت بالله رباً ، وبالإسلام ديناً ، وبمحمد صلى الله عليه وسلم نبياً ، وجبت له الجنة ) صحيح .
فأيهما علينا الأخذ به ؟

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

أولا :
ثبت عن عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( يَا أَبَا سَعِيدٍ ، مَنْ رَضِيَ بِاللهِ رَبًّا ، وَبِالْإِسْلَامِ دِينًا ، وَبِمُحَمَّدٍ نَبِيًّا ، وَجَبَتْ لَهُ الْجَنَّةُ ) رواه الإمام مسلم في ” صحيحه ” (1884) من طريق عبد الله بن وهب ، حدثني أبو هانئ الخولاني ، عن أبي عبد الرحمن الحبلي ، عن أبي سعيد الخدري به مرفوعا .
ورواه أبو داود في ” السنن ” (1529) من طريق عبد الرحمن بن شريح الإسكندراني ، حدثني أبو هانئ الخولاني ، أنه سمع أبا علي الجنبي ، أنه سمع أبا سعيد الخدري ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( مَنْ قَالَ : رَضِيتُ بِاللَّهِ رَبًّا ، وَبِالْإِسْلَامِ دِينًا ، وَبِمُحَمَّدٍ رَسُولًا ، وَجَبَتْ لَهُ الْجَنَّةُ ) وصححه الألباني في ” صحيح أبي داود “.
ثانيا :
أما الحديث الآخر في السؤال فيروى عَنْ أَبِي سَلَّامٍ – وهو ممطور الحبشي – قَالَ : ” مَرَّ رَجُلٌ فِي مَسْجِدِ حِمْصَ ، فَقَالُوا : هَذَا خَادِمُ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، قَالَ : فَقُمْتُ إِلَيْهِ ، فَقُلْتُ : حَدِّثْنِي حَدِيثًا سَمِعْتَهُ مِنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، لَا يَتَدَاوَلُهُ بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ الرِّجَالُ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( مَا مِنْ عَبْدٍ مُسْلِمٍ يَقُولُ حِينَ يُصْبِحُ وَحِينَ يُمْسِي ثَلَاثَ مَرَّاتٍ : رَضِيتُ بِاللهِ رَبًّا ، وَبِالْإِسْلَامِ دِينًا ، وَبِمُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَبِيًّا ، إِلَّا كَانَ حَقًّا عَلَى اللهِ أَنْ يُرْضِيَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ) .
رواه جماعة من أئمة المحدثين ، وقد اختلف الرواة فيه على أوجه :
الوجه الأول : عن كل من ( شعبة ، وهشيم ) : كلاهما عن أبي عقيل هاشم بن بلال قاضي واسط ، عن سابق بن ناجية ، عن أبي سلام ، عن خادم النبي صلى الله عليه وسلم .
طريق ( شعبة ) رواه الإمام أحمد في ” المسند ” (31/302، 304) (38/195، 196)، والبخاري في ” التاريخ الكبير ” (4/201) ، والنسائي في ” السنن الكبرى ” (9/6) ، وأبو داود في ” السنن ” (رقم/5072) ، وابن أبي عاصم في ” الآحاد والمثاني ” (5/286)، وابن أبي خيثمة في ” التاريخ الكبير ” السفر الثاني (1/ 287) .
وأما ما وقع في ” المستدرك ” للحاكم (1/699) من طريق شعبة أيضا قال : سمعت أبا عقيل ، يحدث عن أبي سلام سابق بن ناجية ، فهو تحريف ظاهر من النساخ . انظر ” سلسلة الأحاديث الضعيفة ” (11/31) .
وقال الحاكم عقبه : صحيح الإسناد ولم يخرجاه .
وطريق ( هشيم ) رواه النسائي في ” السنن الكبرى ” (9/209) ، ومن طريقه ابن السني في ” عمل اليوم والليلة ” (رقم/68) .
الوجه الثاني : عن سفيان ، عن أبي عقيل ، عن سابق بن ناجية ، ولكن جعله عن أبي سلام ، عن النبي صلى الله عليه وسلم ، وأسقط الواسطة بينهما وهو خادم النبي صلى الله عليه وسلم .
رواه هكذا الروياني في ” المسند ” (رقم/730) .
الوجه الثالث : عن مسعر، قال : حدثنا أبو عقيل ، عن سابق بن ناجية . ولكنه جعله عن أبي سلام خادم رسول الله صلى الله عليه وسلم . فجعل أبا سلام هو خادم رسول الله صلى الله عليه وسلم.
رواه هكذا ابن أبي شيبة في ” المصنف ” (5/324) (6/35) ، وعنه ابن ماجه في ” السنن ” (3870) ، وابن أبي عاصم في ” الآحاد والمثاني ” (1/348) ، ومن طريقه الخرائطي في ” مكارم الأخلاق ” (ص/283) ، والطبراني في ” المعجم الكبير ” (22/367) ، وأبو نعيم في ” معرفة الصحابة ” (رقم/6834) ، وابن عبد البر في ” الاستيعاب ” (4/1681) في ترجمة ” أبي سلام الهاشمي خادم رسول الله صلى الله عليه وسلم ومولاه ” هكذا قال ، ثم قال أيضا : ” هذا هو الصواب في إسناد هذا الحديث ، وكذلك رواه ( هشيم وشعبة )، عن أبي عقيل ، عن سابق بن ناجية ، عن أبي سلام . ورواه وكيع عن ( مسعر ) فأخطأ في إسناده ، فجعله عن مسعر ، عن أبي عقيل ، عن أبي سلامة ، عن سابق خادم النبي صلى الله عليه وسلم . وكذلك قال في أبي سلام أبو سلامة فقد أخطأ أيضا ” انتهى . وانظر أيضا ” الاستيعاب ” (2/682) .
قال الشيخ الألباني رحمه الله :
” ابن عبد البر صوب رواية مسعر ، وقد علمت أنها جعلت أبا سلام خادم النبي صلى الله عليه وسلم ، وهو واهم في ذلك ” انتهى من ” سلسلة الأحاديث الضعيفة ” (11/32) .
الوجه الرابع : عن مسعر ، عن أبي عقيل ، عن أبي السلام ، عن سابق خادم النبي صلى الله عليه وسلم . فأسقط سابق بن ناجية ، وسمى به خادم النبي صلى الله عليه وسلم .
رواه ابن أبي خيثمة في ” التاريخ الكبير ” السفر الثاني (1/ 287) في ترجمة ” سابق خادم النبي صلى الله عليه وسلم “. هكذا قال .
قال ابن الأثير رحمه الله :
” قالوا : وهو وهم ” انتهى من ” أسد الغابة ” (2/379)، ومن الأوهام أيضا في طريق مسعر أنه روي عنه موقوفا كما في ” معجم الصحابة ” (1/ 326) لابن قانع .
فالصواب هو الوجه الأول من طريق ( شعبة وهشيم )، عن سابق بن ناجية ، عن أبي سلام ، عن خادم النبي صلى الله عليه وسلم .
قال الإمام المزي رحمه الله :
” وهو الصواب ” انتهى من ” تهذيب الكمال ” (10/125) .
وقال الذهبي رحمه الله :
” الصحيح أبو سلام عن صحابي ” انتهى من ” الكاشف ” (2/433) .
وقال ابن حجر رحمه الله :
” حديث شعبة في هذا هو المحفوظ ” انتهى من ” الإصابة ” (7/158) .
ومع ذلك فالإسناد ضعيف بسبب جهالة سابق بن ناجية الذي يدور الحديث عليه ، ترجمته في ” تهذيب الكمال ” (10/125) وليس فيها توثيق ولا تجريح له ، ولم يرو عنه سوى راو واحد . ولهذا ضعف الحديث الشيخ الألباني رحمه الله وكان مما قال : ” وقد رواه سعيد بن المرزبان عن أبي سلمة عن ثوبان مرفوعاً بلفظ : ( من قال حين يسمي : رضيت بالله رباً ، وبالإسلام ديناً ، وبمحمد نبياً ؛ كان حقاً على الله أن يرضيه ) رواه الترمذي (3386) ؛ وقال : ” حسن غريب ” ! لكن ابن المرزبان هذا مدلس ، بل ضعفه البخاري وغيره تضعيفاً شديداً وتركوه ، ومن المحتمل أنه تلقاه عن سابق بن ناجية المجهول ثم دلسه ، وقال – وهماً منه أو قصداً وتدليساً -: ” عن أبي سلمة “، بدل : ( أبي سلام ) ، و : ” عن ثوبان ” بدل : ” عن خادم النبي عليه الصلاة والسلام “.
ولذلك ؛ لم أذهب في تعليقي على ” الكلم الطيب ” إلى تقوية الحديث بمجموع الطريقين ، مع ما بين متنيهما من الاختلاف في اللفظ كما هو ظاهر بأدنى تأمل . وقد جاء ذكره في ” صحيح الكلم الطيب ” برقم (23) سهواً مني ، أرجو الله أن يغفره لي ، فيرجى حذفه ” انتهى باختصار من ” السلسلة الضعيفة ” (رقم/5020، 11/32-33) .
فالخلاصة أن الحديث الصحيح هو حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه ، وفيه قوله ( وجبت له الجنة )، أما حديث خادم النبي صلى الله عليه وسلم وفيه : ( كان حقا على الله أن يرضيه ) فليس بصحيح .
والله أعلم .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر

موقع الإسلام سؤال وجواب

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android