تنزيل
0 / 0

حكم ما إذا اختصت الأم إحدى بناتها بهدية كانت قد أهديت إليها من بنتها الأخرى

السؤال: 192429

أخت أهدت إلى أمي أسورة ذهب ثمينة ، قبل سنوات طويلة ، وقامت أمي بإهدائها لي ، وقامت أختي بالبحث عن الأسورة عند أمي ، وسألت عنها ، ولم أخبرها أنها عندي ، وبعتها وأمي على قيد الحياة ، وقبضت مبلغها ، وتوفيت أمي بعدها ، قبل 12 سنة ، ولم أخبر أختي عن أسورتها التي تبحث عنها ، حتى توفيت في رمضان هذا العام ؛ فهل علي أن أتصدق باسورتها أو أردها إلى ورثتها ؟

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

أولا :
هذه الإسورة التي أهدتها أختك لأمك : قد انتقلت ملكيتها إلى أمك ، وصارت ملكا لها
بمجرد قبضها , ولها أن تتصرف فيها بالبيع والهبة ، كيفما شاءت ؛ ولا يجوز لأختك أن
تستردها بعد ذلك .
والأصل في ذلك : ما رواه البخاري (2589) ومسلم (1622) عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ
اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : (
الْعَائِدُ فِي هِبَتِهِ كَالْكَلْبِ يَقِيءُ ثُمَّ يَعُودُ فِي قَيْئِهِ ) , وفي
رواية للبخاري (2622) ( لَيْسَ لَنَا مَثَلُ السَّوْءِ : الَّذِي يَعُودُ فِي
هِبَتِهِ كَالْكَلْبِ يَرْجِعُ فِي قَيْئِهِ ) , وروى أبو داود (3539) والترمذي
(2132) والنسائي (3690) وابن ماجه (2377) عَنْ ابْنِ عُمَرَ ، وَابْنِ عَبَّاسٍ
عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( لَا يَحِلُّ لِرَجُلٍ
أَنْ يُعْطِيَ عَطِيَّةً أَوْ يَهَبَ هِبَةً فَيَرْجِعَ فِيهَا ، إِلَّا الْوَالِدَ
فِيمَا يُعْطِي وَلَدَهُ ؛ وَمَثَلُ الَّذِي يُعْطِي الْعَطِيَّةَ ثُمَّ يَرْجِعُ
فِيهَا : كَمَثَلِ الْكَلْبِ يَأْكُلُ ، فَإِذَا شَبِعَ : قَاءَ ثُمَّ عَادَ فِي
قَيْئِهِ ) والحديث صححه الألباني في ” صحيح أبي داود ” .
قال ابن قدامة رحمه الله : ” ولا يحل لواهب أن يرجع في هبته ، ولا لمُهدٍ أن يرجع
في هديته ، وإن لم يُثَبْ عليها ، يعني : وإن لم يعوض عنها , والمراد : من عدا الأب
؛ لأنه قد ذكر أن للأب الرجوع ” انتهى من ” المغني ” (6 / 65) بتصرف.

ثانيا :
أما ما قامت به أمك من إهدائها لك , فإن كانت قد أهدت لباقي إخوتك مثل هذه الهدية :
فلا حرج في ذلك , وتصير هذه الإسورة ملكا خالصا لك .
وأما إن كانت قد اختصتك وحدك دون إخوتك بهذه الهدية ، فينظر : فإن كانت قد وهبتها
لك لسبب من الأسباب ، كأن تكوني أفقر من أخواتك ، أو أكثر عيالا ونفقة منهم ، بحيث
لا يسعهم مالك ، فاحتاجت إلى مساعدتك ، أو نحو ذلك من الأسباب : فلا حرج في ذلك
أيضا .
وينظر : جواب السؤال رقم : (112511)
.

وأما إن كانت قد خصتك بهذه
الهدية ، من غير سبب ظاهر ، إلا تفضيلا لك بالعطية على إخوتك : فهذا لا يجوز , لأن
النبي صلى الله عليه وسلم قد أمر بالعدل بين الأولاد في العطية , وذلك فيما رواه
البخاري (2587) ومسلم (1623) عن النُّعْمَان بْن بَشِيرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا
عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه قَالَ : ( اتَّقُوا اللَّهَ
وَاعْدِلُوا بَيْنَ أَوْلَادِكُمْ ) .

قال علماء اللجنة الدائمة
للإفتاء : ” لا يجوز للوالدين التفضيل في العطية بين أولادهما ؛ لقول النبي صلى
الله عليه وسلم : ( اتقوا الله واعدلوا بين أولادكم ) ، ولأن ذلك يسبب الحسد والحقد
والبغضاء والشحناء والقطيعة بين الإخوة ، وكل ذلك يتنافى مع مقاصد الشريعة المطهرة
التي جاءت بالحث على التآلف والترابط والتواد والتعاطف بين الأقارب والأرحام ” .
انتهى من ” فتاوى اللجنة الدائمة ” (16 / 225) .

وقد نص أهل العلم على أن
الأم في وجوب التسوية كالأب , قال ابن قدامة : ” والأم في المنع من المفاضلة بين
الأولاد كالأب ؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( اتقوا الله واعدلوا بين أولادكم
) ؛ ولأنها أحد الوالدين ، فمنعت التفضيل كالأب ، ولأن ما يحصل بتخصيص الأب بعض
ولده من الحسد والعداوة ، يوجد مثله في تخصيص الأم بعض ولدها، فثبت لها مثل حكمه في
ذلك ” انتهى من ” المغني ” (6 / 54 , 55) .

وليس الواجب عليك في هذه
الحالة هو أن تردي الأسورة ، أو ثمنها ، لورثة أختك ، بل الواجب أن ترديها في تركة
أمك أنت ، أو ثمنها ، أو تعطي لكل واحد من ورثة أمك نصيبه فيها ، بحسب القسمة
الشرعية للمورايث .

ويراجع للفائدة الفتوى رقم :
( 178463) .
والله أعلم .

المصدر

موقع الإسلام سؤال وجواب

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android