0 / 0

حكم لبس أسورة الشامبالّا

السؤال: 192645

لماذا يحرم لبس أسورة ” الشامبالا ” في الإسلام ؟

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

أسورة ” الشامبالا ” أسورة مألوفة الشكل ، تلبس في معصم اليد غالبا ، ويصنع منها أيضا أقراط لللأذنين وبعض الأطواق أو العقود ، تعتمد في تركيبها على الخرزات أو الكرات الصغيرة ، متعددة الألوان أيضا ، غالبا ما تكون مطاطية أو جلدية لا تعتمد في نظم خرزاتها على المعادن، ولكنها أصبحت بعد ذلك تجارة رائجة بإدخال الجواهر الذهبية والماسية في صناعتها ، وصورها مشتهرة متوفرة في صفحات الإنترنت لمن يرغب في معاينة أشكالها وأنواعها .
والإشكال أن ” الشامبالا ” (Shamballa) لها معان كبيرة وخطيرة في البوذية ، في بلاد التبت وبلاد الهند ، فهو مصطلح ذو أبعاد دينية وعقائدية عميقة ، بل إن أصل تولده من التصورات الروحية البوذية في تلك البلاد ، وتعني عندهم مملكة أسطورية مختفية في مكان ما في عالم الباطن في بلاد آسيا ، وراء التلال في جبال الهمالايا . وقد وردت هذه الكلمة في النصوص القديمة جدا في تلك الحضارات ، وتناقل البوذيون لها العديد من الصور والرسومات التي تجسد خيالاتهم عن تلك المملكة التي تعد ” مصدر السعادة ” لجميع الناس ، والتي ستشرق أنوارها على جميع المؤمنين بها في أنحاء العالم .
لذلك لما انتقلت تلك الثقافة إلى بلاد الغرب ، عمل بعض الناس على تجسيد هذه الأسطورة من خلال بعض الرموز التي تجلب الروحانيات الخاصة بمملكة السعادة ، فصنعت أساور اليدين التي سميت باسم تلك المملكة الأسطورية ” الشامبالا “، وغدت تلك الأساور رمزا للسعادة الروحية والتنوير والسلام الذي يبحث عنه الناس ، يعتقد فيها صناعها وتجارها القدرة على إحداث التغيير في نفس لابسها ومن حوله ، وكل لون من ألوان خرزات تلك الأساور يرتبط بمعنى روحي خاص يطول شرحه ووصفه . وقد وقفنا على هذه المعلومات وغيرها من المراجع المختصة على شبكة الإنترنت .
والمسلم – في خضم هذه الخلفيات الدينية – يؤمن بأن عالم الباطن هو عالم الغيب الذي أخبرنا عنه الله سبحانه وتعالى في كتابه الكريم ، وأخبرنا عنه نبينا عليه الصلاة والسلام في السنة المطهرة الصحيحة ، وما سوى ذلك فمحدثات وتصورات أرضية بشرية لم تبن على أساس صحيح ، وغالبا ما تستند إلى رؤى ومنامات ، أو تكهنات يبتدعها رؤوس الديانات الوثنية ، وخاصة الباطنية منها ، وقد كانت أحد أهم أسباب ارتكاس البشرية في أوحال الخرافات والأساطير ، وأنستهم واقعهم ومعاشهم ، وأسباب الكون التي ركبها الله عز وجل فيه ، فمثلت عبر التاريخ قيودا تطوق العقل البشري عن حقيقة ما حوله ، وعن ربه الخالق جل وعلا ، الذي طلب منه أن لا يتعلق بسواه من الأسباب الأرضية ، فضلا عن الخرافات والأوهام الوثنية . يقول الله عز وجل : ( أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَا أَوْ آذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ ) الحج/46.
ولما كان الجاهليون غارقين في وثنيتهم وأوهامهم ، جاء دين التوحيد ليبطل تعلق الناس بمثل تلك الأسباب ، ويحصر التعلق في أمر الغيب بما عند الله وحده ، وما قدره لعباده ؛ فما شاء الله كان ، وما لم يشأ لم يكن ، وجعل طرق الباطل مخالفة ، ومقابلة لطريق الحق الذي جاء من عند الله ؛ كما قال سبحانه : ( ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ هُوَ الْبَاطِلُ وَأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ ) الحج/62, وقال جل وعلا : ( ذَلِكَ بِأَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا اتَّبَعُوا الْبَاطِلَ وَأَنَّ الَّذِينَ آمَنُوا اتَّبَعُوا الْحَقَّ مِنْ رَبِّهِمْ كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللَّهُ لِلنَّاسِ أَمْثَالَهُمْ ) محمد/3 ، وقال تعالى : ( اتَّبِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ وَلَا تَتَّبِعُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ ) الأعراف/3 .
فالخلاصة : أن أساور ” الشامبالّا ” إذا لبسها اللابس مؤمنا بما قد تجلبه من سعادة روحية أو تأثير في حياته أو مماته – ولو اعتقد أن ذلك بإذن الله – فقد وقع في الشرك الأصغر ؛ لأن اتخاذ الأسباب التي لم يدل عليها دليل علمي أو شرعي : هو من وسائل الشرك المحرمة ، كما ثبت عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ الْجُهَنِيِّ : ” أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَقْبَلَ إِلَيْهِ رَهْطٌ ، فَبَايَعَ تِسْعَةً وَأَمْسَكَ عَنْ وَاحِدٍ ، فَقَالُوا : يَا رَسُولَ اللهِ ، بَايَعْتَ تِسْعَةً وَتَرَكْتَ هَذَا ؟ قَالَ : ( إِنَّ عَلَيْهِ تَمِيمَةً ) ، فَأَدْخَلَ يَدَهُ فَقَطَعَهَا ، فَبَايَعَهُ ، وَقَالَ : ( مَنْ عَلَّقَ تَمِيمَةً فَقَدْ أَشْرَكَ ) رواه الإمام أحمد في ” المسند ” (28/638) وقال المحققون في طبعة مؤسسة الرسالة : إسناده قوي .
وفي لفظ لحديث عقبة بن عامر رضي الله عنه مرفوعا : ( مَنْ تَعَلَّقَ تَمِيمَةً ، فَلَا أَتَمَّ اللهُ لَهُ ، وَمَنْ تَعَلَّقَ وَدَعَةً فَلَا وَدَعَ اللهُ لَهُ ) رواه الإمام أحمد في ” المسند ” (28/623) قال المنذري : إسناده جيد . ” الترغيب والترهيب ” (4/239) ( والودع ) خرزٌ أبيض تخرج من البحر بيضاء شقها كشقِّ النوى ، تعلَّق لدفع العين . ( فلا ودَع ) لا جعله في دَعَةٍ وسكون ، أو لا دفع عنه ما يخافه .

قال ابن حجر الهيتمي رحمه الله :
” عد هذين – التمائم والحروز – من الكبائر هو ما يقتضيه الوعيد الذي في هذه الأحاديث ، لا سيما تسميته شركا ، لكن لم أر أحدا صرح بذلك بخصوصه ، ولكنهم صرحوا بما يفهم جريان ذلك فيه بالأولى ، نعم يتعين حمله على ما كانوا يفعلونه من تعليق خرزة – يسمونها تميمة – أو نحوها يرون أنها تدفع عنهم الآفات ، ولا شك أن اعتقاد هذا جهل وضلال ، وأنه من أكبر الكبائر ؛ لأنه إن لم يكن شركا فهو يؤدي إليه ، إذ لا ينفع ويضر ويمنع ويدفع إلا الله تعالى ” انتهى من ” الزواجر ” (1/273) .

وجاء في ” فتاوى اللجنة الدائمة ” (المجموعة الثانية 1/121): ” لبس القلادة أو الحلقة أو عقد الخيوط من أجل رفع البلاء أو دفعه – محرم وشرك ، من أي جنس كان ؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن ذلك وتبرأ ممن فعله ؛ لأنها اعتماد على غير الله سبحانه ، والواجب الاعتماد على الله وحده ، فهو النافع الضار الشافي ”
عبد العزيز بن باز – صالح الفوزان – عبد العزيز آل الشيخ – بكر أبو زيد .
وللمزيد يمكن مراجعة الفتوى رقم : (192206) ، ورقم : (138578) .
والله أعلم .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر

موقع الإسلام سؤال وجواب

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android