0 / 0

يجوز حلق اللحية أو تخفيفها إذا اقتضى العلاج ذلك

السؤال: 192770

شخص نحسبه على خير – والله حسيبه – مصاب باكتئاب ، تصاحبه حالة من الاضطراب النفسي السلوكي ، تسمى اضطراب نتف الشعر Trichotillomania ، يصاحبه في بعض الفترات تمرير الشعر بين شفتين ، أو ثنيه عدة ثنيات بين الأصابع ، أو ممكن يصل إلى أكله ،
هذا الشخص عرف بإطالته للحيته منذ زمن تطبيقا للسنة ، لكن وبعد إصابته بهذا المرض خفت لحيته خاصة ، وبدأت تظهر بها فراغات بسبب النتف .
هل يجوز لي كطبيب أن أطلب منه حلق لحيته أو تخفيفها مؤقتا كجزء من العلاج ؟
وهل يجوز له حلقها أو تخفيفها مؤقتا الى أن يشفى بإذن الله من هذا الاكتئاب ؟

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

لا نرى حرجا شرعيا في تخفيف لحية المريض النفسي أو حلقها ، إذا تحقق الطبيب ، أو غلب على ظنه ، أن الحلق سيكون سببا في العلاج والشفاء بإذن الله تعالى ، وذلك للأدلة الآتية :
الأمراض النفسية تصنف في الطب الحديث والقديم ضمن قائمة الأمراض الحقيقية التي تعتري الإنسان ، وتخرجه عن طور الاعتدال البدني أو النفسي إلى الخلل والاضطراب ، وليس كما يظن بعض الناس أن اعتبار العارض النفسي مرضا ، مبالغةٌ لا ترقى إلى درجة الحرج المعروفة في جميع الأمراض .
ولهذا قرر الفقهاء في كثير من المواضع رفع الحرج عن ” الموسوِس “، وهو أحد أنواع الأمراض النفسية ، فقد جاء في ” رد المحتار ” قوله : ” وعن الليث : لا يجوز طلاق الموسوس قال : يعني المغلوب في عقله ،. وعن الحاكم : هو المصاب في عقله ، إذا تكلم يتكلم بغير نظام ” انتهى.
وقد سبق تقرير ذلك في موقعنا في الأرقام الآتية : (127870) ، (39684) .
بل قالوا إن المبتلى بالوسواس يجوز له تتبع الرخص ، إذا كان في الرخصة علاج وشفاء له من حالته تلك ، فجاء في ” إعانة الطالبين ” (4/250) للدمياطي الشافعي : ” الأولى لمن ابتلي بوسواس : الأخذ بالأخف والرخص ؛ لئلا يزداد ، فيخرج بسبب زيادة الوسواس عن الشرع ، مثلا ابتلى بالوسواس في النية في الوضوء ، أو بقراءة الفاتحة خلف الإمام ، وصار يصرف أكثر الوقت في الوضوء أو في الصلاة ، فله أن يترك النية ، ويقلد الإمام أبا حنيفة فيه ، فإنها سنة عنده ، أو يقلده في ترك الفاتحة خلف الإمام ، حتى يذهب عنه الوسواس ” انتهى .
ولما رفع الله عز وجل الحرج عن المريض ، فقال سبحانه : ( وَلَا عَلَى الْمَرِيضِ حَرَجٌ ) النور/61، وجعل سبحانه وتعالى حاجة العلاج أو ضرورة الشفاء سببا لرفع الحظر والتحريم ، وذلك في قوله سبحانه : ( وَقَدْ فَصَّلَ لَكُمْ مَا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ إِلَّا مَا اضْطُرِرْتُمْ إِلَيْهِ ) الأنعام/119، فإن من الظاهر حينئذ أن نميل إلى رفع الحرج عن مريضك – أيها السائل المكرم – في أمره بتخفيف لحيته إلى الحد الذي يندفع به هذا الأذى عنه ، ولا يتمكن من نتفها ، ويندفع تأذيه بها .
فإن لم ينفع التقصير ، ولم يندفع عنه بلاؤه بذلك : فلا يظهر لنا حرج في أن تطلب منه أن يحلق لحيته ، حتى يتجاوز ما ألم به ، ثم يعود إلى سنة النبي صلى الله عليه وسلم فور انقضاء علاجه ، وهو في ذلك يحتسب أمره عند الله تعالى ، ويدعوه ويسأله أن يعفو عنه ، ويكتب له الشفاء من كل داء .
وكل ذلك مشروط – كما سبق ذكره أول الجواب – بأن يغلب على ظن الطبيب أن الحلق أو التقصير سيكون سببا في الشفاء بإذن الله ، وليس مجرد توهم أو ظن .
وللتوسع يمكن مراجعة الفتاوى رقم : (70319) ، (177699) .
والله أعلم .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر

موقع الإسلام سؤال وجواب

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android