0 / 0

هل صح حديث (إني لأرى لحمه بين ثناياكما)؟

السؤال: 192805

ما صحة هذا الحديث ؟
: " أن النبي صلّى الله عليه وسلم كان في سفر ، ومعه أبو بكر وعمر ، فأرسلوا إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلم يسألونه لحماً ، فقال : ( أو ليس قد ظللتم من اللحم شباعاً ؟ ) قالوا : من أين ؟ ، فوالله ما لنا باللحم عهد منذ أيام ، فقال : ( من لحم صاحبكم الذي ذكرتم !! ) قالوا : يا نبي الله : إنما قلنا والله إنه لضعيف ، ما يعيننا على شيء !! قال : ( ذلك تقولوا ؟ ) ، فرجع إليهم الرجل فأخبرهم بالذي قال ، فجاء أبو بكر فقال : يا نبي الله طأ على صماخي واستغفر لي ، ففعل ، وجاء عمر فقال : يا نبي الله طأ على صماخي واستغفر لي ، ففعل " .

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

هذا الحديث رواه الحكيم الترمذي في "نوادر الأصول" (1/ 283) فقال :
حدثنا أبي – رحمه الله – حدثنا سعد بن حفص الطلحي عن شيبان عَن يحيى بن أبي كثير رَضِي الله عَنهُ : " أَن نَبِي الله كَانَ فِي سفر ، وَمَعَهُ أَبُو بكر وَعمر رَضِي الله عَنْهُمَا ، فأرسلوا إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يسألونه لَحْمًا ، فَقَالَ : ( أَو لَيْسَ قد ظللتم من اللَّحْم شباعا ؟ ) ، قَالُوا : من أَيْن ؟ فوَاللَّه مَا لنا بِاللَّحْمِ عهد مُنْذُ أَيَّام ، فَقَالَ : ( من لحم صَاحبكُم الَّذِي ذكرْتُمْ ) ،. قَالُوا : يَا نَبِي الله إِنَّمَا قُلْنَا : وَالله إِنَّه لضعيف مَا يعيننا على شَيْء ، قَالَ : ( وَذَاكَ فَلَا تَقولُوا ) ، فَرجع إِلَيْهِم الرجل فَأخْبرهُم بِالَّذِي قَالَ ، فجَاء أَبُو بكر رَضِي الله عَنهُ فَقَالَ : يَا نَبِي الله طأ على صماخي واستغفر لي ، فَفعل ، وَجَاء عمر رَضِي الله عَنهُ فَقَالَ : يَا نَبِي طأ على صماخي واستغفر لي ، فَفعل " .

وهذا إسناد واه ( ضعيف جدا ) :
– الحكيم الترمذي رحمه الله ترجمه الحافظ الذهبي في "السير" (13/ 439-441) فقال :
" الإِمَامُ، الحَافِظُ ، العَارِفُ ، الزَّاهِدُ ، أَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بنُ عَلِيِّ بنِ الحَسَنِ بنِ بِشْر الحَكِيْم التِّرْمِذِيّ .
كَانَ ذَا رحلَةٍ وَمَعْرِفَةٍ ، وَلَهُ مُصَنَّفَاتٌ وَفضَائِل .
وَلَهُ حَكَم وَمَوَاعِظ وَجَلاَلَة، لَوْلاَ هَفْوَةً بَدَت مِنْهُ.
قَالَ أَبُو عبد الرَّحْمَن السُّلَمِيّ : أَخرَجُوا الحَكِيْم مِنْ تِرْمِذ ، وَشَهِدُوا عَلَيْهِ بِالكُفْر، وَذَلِكَ بِسبب تَصنيفه كِتَاب " ختم الولاَيَة " ، وَكِتَاب "علل الشَّرِيْعَة " ، وَقَالُوا : إِنَّهُ يَقُوْلُ : إِنَّ للأَوْلِيَاء خَاتماً كَالأَنْبِيَاء لَهُم خَاتم.
وَإِنَّهُ يُفَضِّل الوِلاَيَة عَلَى النُّبُوَّة ، وَاحتج بِحَدِيْث: ( يَغْبِطُهُمُ النَّبِيُّونَ وَالشُّهَدَاءُ ) .
فَقَدِمَ بَلْخ ، فَقَبِلُوهُ لموَافقته لَهُم فِي المَذْهَب " انتهى ملخصا .

– وأبوه لم نقف له على ترجمة ، وقد تفرد بهذا الحديث عن سعد بن حفص ، وهو ثقة روى عنه الحفاظ كالبخاري والذهلي والدوري والدارمي وغيرهم ، فانفراد علي بن الحسن والد الحكيم الترمذي عنه بهذا الحديث مما يدل على أنه غير محفوظ .
– ويحيى بن أبي كثير من صغار التابعين ، من الطبقة الخامسة عند الحافظ ، وهم الذين رأوا الواحد والاثنين من الصحابة ، ولم يثبت لهم سماع من أحد منهم ، وهو ثقة ، لكنه يدلس ويرسل.
"التقريب" (ص596)
فهذا إسناد واهٍ لا يصلح ولا في الشواهد .

وقد روى هذا الحديث الخرائطي في "مساوئ الأخلاق" (ص: 95) والضياء في "المختارة" (1697) من طريق عَبَّاد بْن الْوَلِيدِ بْنِ الْغُبَرِيِّ: ثنا حِبَّانُ بْنُ هِلالٍ ، ثنا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ ، أنبا ثَابِتٌ الْبُنَانِيُّ ، عَنْ أَنَسٍ قَالَ : " كَانَتِ الْعَرَبُ يَخْدُمُ بَعْضُهُمْ بَعْضًا فِي الْأَسْفَارِ، وَكَانَ مَعَ أَبِي بَكْرٍ، وَعُمَرَ رَجُلٌ يَخْدُمُهُمَا، فَنَامَ ، وَاسْتَيْقَظَا وَلَمْ يُهَيِّئْ طَعَامًا، فَقَالَا : إِنَّ هَذَا لَنَؤومٌ ، فَأَيْقَظَاهُ فَقَالَا : ائْتِ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَقُلْ لَهُ: إِنَّ أَبَا بَكْرٍ، وَعُمَرَ يُقْرِآنِكَ السَّلَامَ، وَهُمَا يَسْتَأْدِمَانِكَ. فَأَتَاهُ، فَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( أَخْبِرْهُمَا أَنَّهُمَا قَدِ ائْتَدَمَا ) ، فَفَزِعَا ، فَجَاءَا إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَقَالَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ ، بَعَثْنَا نَسْتَأْدِمُكَ، فَقُلْتَ : ائْتَدَمَا، فَبِأَيِّ شَيْءٍ ائْتَدَمْنَا ؟ فَقَالَ : ( بِأَكْلِكُمَا لَحْمَ أَخِيكُمَا، إِنِّي لَأَرَى لَحْمَهُ بَيْنَ ثَنَايَاكُما ) ، فَقَالَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَاسْتَغْفِرْ لَنَا، قَالَ: ( هُوَ، فَلْيَسْتَغْفِرْ لَكُمَا ) .
قال الشيخ الألباني رحمه الله في "الصحيحة" (2608) :
" وهذا إسناد صحيح ، رجاله كلهم ثقات رجال مسلم غير أبي بدر الغبري ، قال أبو حاتم وتبعه الحافظ : " صدوق " ، وذكره ابن حبان في " الثقات " ، وروى عنه جمع من الحفاظ الثقات ، وقد توبع ، فقال الضياء عقبه : " وقد رواه عفان بن مسلم عن حماد بن سلمة عن ثابت عن عبد الرحمن بن أبي ليلى : " أن العرب كانت تخدم بعضهم بعضا في الأسفار … " فذكره " انتهى .

والذي ذكره الضياء معلقا ، وصله أبو القاسم الأصبهاني في "الترغيب والترهيب" (2231) من طريق جعفر بن محمد الصائغ ، حدثنا عفان ، حدثنا حماد بن سلمة ، ثنا ثابت عن عبد الرحمن بن أبي ليلى به مرسلا .
وعفان ثقة حافظ متقن ، من رجال الشيخين ، وهو من أوثق الناس في حماد بن سلمة ، قال يحيى بن معين : من أراد أن يكتب حديث حماد بن سلمة، فعليه بعفان بن مسلم .
"شرح علل الترمذي" (2/ 707) ، وراجع : "التهذيب" (7/205-209) .
فروايته مقدمة على رواية الغبري الذي غاية ما قيل فيه إنه صدوق .
وعلى ذلك فرواية عفان المرسلة تُعِل رواية الغبري الموصولة ، ولا تشهد لها .

وللحديث شاهد آخر رواه أبو الشيخ الأصبهاني في "التوبيخ والتنبيه" (249) : حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ، نَا الْحُسَيْنُ بْنُ عَلِيٍّ، قَالَ: قُرِئَ عَلَى عَامِرٍ ، عن أَسْبَاطٍ ، عَنِ السُّدِّيِّ ، قَالَ: " زُعِمَ أَنَّ سَلْمَانَ كَانَ مَعَ رَجُلَيْنِ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي سَفَرٍ يَخْدِمُهُمَا ، وَيخِفُّ بِهِمَا ، وَيَنَالُ مِنْ طَعَامِهِمَا ، وَأَنَّ سَلْمَانَ لَمَّا سَارَ النَّاسُ ذَاتَ يَوْمٍ ، بَقِيَ سَلْمَانُ نَائِمًا ، لَمْ يَسِرْ مَعَهُمْ ، فَنَزَلَ صَاحِبَاهُ ، فَطَلَبَاهُ ، فَلَمْ يَجِدَاهُ ، فَضَرَبَا الْخِبَاءَ ، فَقَالَا : مَا يُرِيدُ هَذَا الْعَبْدُ إِلَّا أَنْ يَجِيءَ إِلَى طَعَامٍ مُعَدٍّ ، وَخِبَاءٍ مَضْرُوبٍ ؟ فَلَمَّا جَاءَ سَلْمَانُ ، أَرْسَلَاهُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَمَعَهُ قَدَحٌ ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ ، بَعَثَنِي أَصْحَابِي لِتُؤْدِمَهُمْ إِنْ كَانَ عِنْدَكَ ، قَالَ: ( مَا يَصْنَعُ أَصْحَابُكَ بِالْأَدَمِ ؟ قَدِ ائْتَدَمُوا ) ، فَرَجَعَ سَلْمَانُ فَأَخْبَرَهُمَا فَانْطَلَقَا حَتَّى أَتَيَا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَا: لَا، وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ، مَا أَصَبْنَا طَعَامًا مُنْذُ نَزَلْنَا، قَالَ: ( إِنَّكُمَا قَدِ ائْتَدَمْتُمَا بِسَلْمَانَ بِقَوْلِكُمَا ) ، فَنَزَلَتْ: ( أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا ) الحجرات/ 12 .
قال الألباني :
" هذا مرسل ، والسند إليه ضعيف " انتهى من "الصحيحة" (6/107) .

والحاصل : أن الحديث ضعيف ، لا يصح إلا مرسلا ، والرواية الأولى لا تصلح في الشواهد لشدة ضعفها ، ورواية الوصل من حديث حماد بن سلمة معلولة بالإرسال ، ولعله لذلك قال الحافظ العراقي رحمه الله : " روي نحوه مرسلا " انتهى من "تخريج الإحياء" (3/180) .
والعلم عند الله تعالى.

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر

موقع الإسلام سؤال وجواب

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android