0 / 0
68,93222/04/2013

شم المعتدة للطيب وشرب المشروبات المشتملة على الطيب

السؤال: 192836

ما حكم شم الريحان والبرك ، وشرب النعناع ، واليانسون بالنسبة للمرأة المتوفي عنها زوجها ؟
فكلها أعشاب لها رائحة طيبة .

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

أولاً :
لا يحل للمعتدة من وفاة استعمال الطيب في بدنها وثيابها ، لقوله صلى الله عليه وسلم : (لَا تُحِدُّ امْرَأَةٌ عَلَى مَيِّتٍ فَوْقَ ثَلَاثٍ ، إِلَّا عَلَى زَوْجٍ ، أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا ، وَلَا تَلْبَسُ ثَوْبًا مَصْبُوغًا ، إِلَّا ثَوْبَ عَصْبٍ ، وَلَا تَكْتَحِلُ ، وَلَا تَمَسُّ طِيبًا ). رواه البخاري (5342) ، ومسلم (938) .
قال ابن قدامة : ” وَلَا خِلَافَ فِي تَحْرِيمِهِ عِنْدَ مَنْ أَوْجَبَ الْإِحْدَادَ ” .
انتهى من “المغني” (8/155) .
وقد سبق بيان هذا في جواب السؤال رقم : (155967).

ثانياً :
اختلف العلماء في شم الطيب ، هل يأخذ حكم مسه أم لا ؟
فمنهم من رخص في شمه دون مسٍ ، لأن النص ورد في المس فقط .
ومنهم من قال : إن الشم حكمه حكم المس ؛ لأن المقصود الأعظم من الطيب هو الرائحة ، والاستمتاع بالطيب يكون تارة بالشم وتارة بالاستعمال في البشرة .
قال ابن قدامة : ” وَلَا يَتَعَمَّدُ لِشَمِّ الطِّيبِ ، أَيْ لَا يَقْصِدُ شَمَّهُ مِنْ غَيْرِهِ بِفِعْلٍ مِنْهُ ، نَحْوِ أَنْ يَجْلِسَ عِنْدَ الْعَطَّارِينَ لِذَلِكَ ، أَوْ يَدْخُلَ الْكَعْبَةَ حَالَ تَجْمِيرِهَا ، لِيَشَمَّ طِيبَهَا ، أَوْ يَحْمِلَ مَعَهُ عُقْدَةً فِيهَا مِسْكٌ لِيَجِدَ رِيحَهَا .
قَالَ أَحْمَدُ : سُبْحَانَ اللَّه ، كَيْفَ يَجُوزُ هَذَا ؟ ” انتهى من ” المغني ” (3/ 299) .

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : ” فَأَمَّا اشْتِمَامُ الطِّيبِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَتَّصِلَ بِبَدَنِهِ وَلَا بِثَوْبِهِ ؛ إِمَّا بِأَنْ يَقْرُبَ إِلَيْهِ حَتَّى يَجِدَ رِيحَهُ ، أَوْ يَتَقَرَّبَ هُوَ إِلَى مَوْضِعِهِ حَتَّى يَجِدَ رِيحَهُ ، فَلَا يَجُوزُ … وَهَذَا لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنَ التَّطَيُّبِ وُجُودُ رَائِحَةِ الطِّيبِ ، فَإِذَا تَعَمَّدَ الشَّمَّ : فَقَدْ أَتَى بِمَقْصُودِ الْمَحْظُورِ ، بَلِ اشْتِمَامُهُ لِلطِّيبِ أَبْلَغُ فِي الِاسْتِمْتَاعِ وَالتَّرَفُّهِ مِنْ حَمْلِ طِيبٍ لَا يَجِدُ رِيحَهُ ، بِأَنْ يَكُونَ مَيِّتًا أَوْ نَائِمًا أَوْ أَخْشَمَ “. انتهى من ” شرح عمدة الفقه ” (3/ 88).

وقال ابن القيم رحمه الله : ” وَعَلَى هَذَا، فَإِنَّمَا يُمْنَعُ الْمُحْرِمُ مِنْ قَصْدِ شَمِّ الطِّيبِ لِلتَّرَفُّهِ وَاللَّذَّةِ ، فَأَمَّا إِذَا وَصَلَتِ الرَّائِحَةُ إِلَى أَنْفِهِ مِنْ غَيْرِ قَصْدٍ مِنْهُ ، أَوْ شَمَّهُ قَصْدًا لِاسْتِعْلَامِهِ عِنْدَ شِرَائِهِ ، لَمْ يُمْنَعْ مِنْهُ ، وَلَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ سَدُّ أَنْفِهِ “.
انتهى من ” زاد المعاد ” (2/ 223).

وبناء على ما سبق فلا يجوز للمحرم والمعتدة شم الطيب ولا الأزهار التي يستخرج منها الطيب كالريحان والبرك وغيره .
وحُكم المحرم والمعتدة في هذا الباب واحد من حيث التحريم .
قال الجويني : ” يحرم على المحِدة من هذا القبيل ما يحرم على المُحرِم “.
انتهى من “نهاية المطلب في دراية المذهب” (15/ 250) .

ثالثاً :
أما إذا خُلط الطيب بشيء من الأطعمة والأشربة ، وكان تأثيره ظاهراً فيها من حيث الرائحة والطعم ، فلا يجوز تناوله ، وإن لم يظهر له تأثير فيها فلا حرج من تناوله .
قال العمراني : ” ” وإن جُعل الطيب في مأكول أو مشروب .. نظرت : فإن لم يكن له طعم ولا لون ، ولا رائحة .. جاز له أكله وشربه ؛ لأنه قد صار كالمعدوم .
وإن بقي له رائحة .. لم يجز له أكله ولا شربه “. انتهى من ” البيان ” (4/ 159) .

وقال ابن قدامة : “الزَّعْفَرَانَ وَغَيْرَهُ مِنْ الطِّيبِ ، إذَا جُعِلَ فِي مَأْكُولٍ أَوْ مَشْرُوبٍ ، فَلَمْ تَذْهَبْ رَائِحَتُهُ ، لَمْ يُبَحْ لِلْمُحْرِمِ تَنَاوُلُهُ ، نِيئًا كَانَ أَوْ قَدْ مَسَّتْهُ النَّارُ… لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ الطِّيبِ رَائِحَتُهُ ، وَهِيَ بَاقِيَةٌ … فَإِن ذَهَبَتْ رَائِحَتُهُ وَطَعْمُهُ ، وَلَمْ يَبْقَ فِيهِ إلَّا اللَّوْنُ مِمَّا مَسَّتْهُ النَّارُ، لَا بَأْسَ بِأَكْلِهِ ، لَا نَعْلَمُ فِيهِ خِلَافًا”. انتهى من” المغني ” (3/ 297) .

وعليه فلا يجوز للمحرم والمعتدة أن يشربا شيئا فيه أثر الطيب .

رابعاً :
أما النعناع واليانسون ، فلا حرج على المرأة المعتدة ، وكذا المحرم ، من استعمالها وشربها ؛ لأنها ليست بطيب وإن كان لها رائحة طيبة .
فالطيب المحرَّم على المعتدة والمحْرم هو الذي يكون المقصود الأظهرُ منه التطيب ، ولا عبرة بالرائحة المستطابة فقط .
قال النووي : ” يشْتَرَطُ فِي الطِّيبِ الَّذِي يُحْكَمُ بِتَحْرِيمِهِ أَنْ يَكُونَ مُعْظَمُ الْغَرَضِ مِنْهُ الطِّيبَ وَاتِّخَاذَ الطِّيبِ مِنْهُ ، أَوْ يَظْهَرَ فِيهِ هَذَا الْغَرَضُ ، هَذَا ضَابِطُهُ “. انتهى ، “المجموع شرح المهذب” (7/ 277).

وقد سئل الشيخ ابن عثيمين : ما حكم شرب المحرم للماء الذي وضع فيه ماء الورد أو النعناع؟
فقال : ” أما ماء الورد فلا يجوز أن يشرب الإنسان منه متى كانت رائحته باقية ، وأما النعناع فلا بأس به ؛ لأن رائحته ليست طيباً ولكنها رائحة ونكهة طيبة ، فهي من جنس رائحة التفاح والأترج وما أشبههما “. انتهى من “اللقاء الشهري” (63/ 34، بترقيم الشاملة)
وقال : ” وأما الروائح الطيبة التي لا تعد طيباً كرائحة التفاح والنعناع وما أشبهه فلا بأس به؛ لأن هذا ليس بطيب ” انتهى من ” لقاء الباب المفتوح” (200/ 6، بترقيم الشاملة آليا)
والله أعلم .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر

موقع الإسلام سؤال وجواب

answer

موضوعات ذات صلة

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android