لو أن أباً مات وترك تركة فلم تُعطَ بناته نصيبهن من تلك التركة حتى مضى 15 عاماً ، فعلى أي أساس تُقسّم التركة الآن ؟ ، هل على اعتبار قيمتها يوم أن مات (قبل 15 عاماً ) أم قيمتها الحالية اليوم ؟
كيف يُعطى بنات المتوفي نصيبهن من الميراث بعد وفاة أبيهن بخمس عشرة سنة؟
السؤال: 194322
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.
أولا :
يجب إعطاء كل ذي حق حقه من الميراث حسب شريعة الله تعالى في القسمة ، وتنتقل ملكية التركة للورثة بمجرد موت المورث ؛ جاء في “الموسوعة الفقهية” (24 /76) : ” اتَّفَق الفُقهَاء عَلَى أَنَّ التَّرِكَةَ تَنْتَقِل إِلَى الْوَارِثِ إِذَا لَمْ يَتَعَلَّقْ بِهَا دُيُونٌ مِنْ حِينِ وَفَاةِ الْمَيِّتِ ” انتهى .
وقال ابن عثيمين رحمه الله :
” المال ينتقل إلى الورثة بعد موت المورث ” .
انتهى من “فتاوى نور على الدرب” (12/360) .
ثانيا :
إذا كانت بنات المتوفى قد منعن من الحصول على حقهن في الميراث ، طيلة هذه المدة :
فإن كان في التركة مال نقدي ، أخذن حقهن في المال ، كما تركه المورث ؛ إلا أن يكون المستولي على المال قد تاجر فيه ، أو استثمره ، فلهن الحق في أخذ نصيبهن من ربح المال ، بقدر ما ينالهن من التركة .
وإن كان في التركة عقار ، أو أرض : فإنهن يأخذن نصيبهن من ذلك ، بحسب القسمة الشرعية ؛ فإن لم يمكن قسمة ذلك على جميع الورثة ، واحتاجوا إلى أن يبيعوه ، أو يبيع بعض الورثة شيئا من نصيبه : فإنه يأخذ نصيبه بسعره الآن ، ولو كان قد زاد عن سعره يوم الغصب ، أو كان له نماء ، مثل الحيوان ، أو الزرع ونحو ذلك ، سواء كان ذلك النماء متصلا بالأصل ، أو منفصلا عنه .
قال الشيخ زكريا الأنصاري رحمه الله :
” (فَصْلٌ: يَضْمَنُ) ذُو الْيَدِ الْعَادِيَةِ (الْأَصْلَ وَزَوَائِدَهُ الْمُنْفَصِلَةَ) كَالْوَلَدِ وَالثَّمَرَةِ (وَالْمُتَّصِلَةِ كَالسَّمْنِ وَتَعَلُّمُ الصَّنْعَةِ بِإِثْبَاتِ الْيَدِ عُدْوَانًا عَلَى الْأَصْلِ) مُبَاشَرَةً ، وَعَلَى الزَّوَائِدِ تَسَبُّبًا إذْ إثْبَاتُهَا عَلَى الْأَصْلِ سَبَبٌ لِإِثْبَاتِهَا عَلَى زَوَائِدِهِ ” .
انتهى من “أسنى المطالب” (2/340) .
فإن تلف شيء من ذلك ، بحيث نقص من قيمته عن وقت غصبه : لزم الغاصب ( واضع اليد ) أن يعطي صاحب الحق حقه ، ومعه قيمة ما نقص من حقه ( أرش النقص ) .
قال الحصني رحمه الله :
” وَاعْلَم أَنه كَمَا يجب رد الْمَغْصُوب ، كَذَلِك يجب أرش نَقصه ، وَلَا فرق بَين نقص الصّفة وَنقص الْعين .
مِثَال نقص الصّفة : بِأَن غصب دَابَّة سَمِينَة ، فهزلت ، ثمَّ سمنت : فَإِنَّهُ يردهَا وَأرش السّمن الأول ؛ لِأَن الثَّانِي غير الأول … وَيُقَاس بِهَذَا مَا فِي مَعْنَاهُ .
وَأما نقص الْعين : بِأَن غصب زَوجي خف قيمتهمَا عشرَة دَرَاهِم ، فَضَاعَ أَحدهمَا وَصَارَ قيمَة الْبَاقِي دِرْهَمَيْنِ : لزمَه قيمَة التَّالِف ، وَهُوَ خَمْسَة ، وَأرش النَّقْص ، وَهُوَ ثَلَاثَة ؛ فَيلْزمهُ ثَمَانِيَة ؛ لِأَن الْأَرْش حصل بِالتَّفْرِيقِ الْحَاصِل عِنْده .. ” .
انتهى من “كفاية الأخيار” (1/283) ، وينظر : “أسنى المطالب” (2/344) ، “مطالب أولي النهى” (4/10) وما بعدها .
ويلحق بالنقص الحاصل في العين ، أو صفتها : نقص سعرها ، لكساد سوقها ، عن يوم غصب العين : فإن الغاصب يضمن ذلك على القول الراجح .
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :
” هذا الغاصب حال بين المالك وملكه حتى نزل السعر ؛ فهو ظالم ، ونقص السعر في الواقع نقص صفة ؛ لأن السعر قيمة السلعة ، والقيمة تعتبر صفة في الواقع . ولهذا كان القول الصحيح : أنه إذا نقص السعر فإن الغاصب يضمن النقص، فنقول: رد العين إلى صاحبها ومعها نقص السعر.. ” .
انتهى من “الشرح الممتع” (10/163) ، وينظر : “كفاية الأخيار” (1/283) .
والواجب على من وقع في شيء من هذا المظالم ، أو غصب حق ذي الحق ، أو تأخيره عنه زمنا يتضرر به ، أو يفوت فيه منفعة المال على مالكه : أن يرد الحق إلى صاحبه ، ويتوب إلى الله تعالى من إثم ذلك :
روى البخاري (2449) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( مَنْ كَانَتْ لَهُ مَظْلَمَةٌ لِأَخِيهِ مِنْ عِرْضِهِ أَوْ شَيْءٍ فَلْيَتَحَلَّلْهُ مِنْهُ الْيَوْمَ قَبْلَ أَنْ لَا يَكُونَ دِينَارٌ وَلَا دِرْهَمٌ ، إِنْ كَانَ لَهُ عَمَلٌ صَالِحٌ أُخِذَ مِنْهُ بِقَدْرِ مَظْلَمَتِهِ ، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ لَهُ حَسَنَاتٌ أُخِذَ مِنْ سَيِّئَاتِ صَاحِبِهِ فَحُمِلَ عَلَيْهِ ) .
راجع للفائدة جواب السؤال رقم : (181388) .
والله تعالى أعلم .
هل انتفعت بهذه الإجابة؟
المصدر:
موقع الإسلام سؤال وجواب
موضوعات ذات صلة