0 / 0

إذا لم يقبل صاحب المظلمة رد مظلمته إليه من المسيء ؛ ليطالبه بها يوم القيامة ، فما العمل ؟

السؤال: 194757

أنا أعزب ، ومغترب ، وطالب في الجامعة ، وفي يوم من الأيام مررت بفترة عصيبة ، كنت محتاجا للمال ، وكنت أصلي وأدعو ربي أن يرزقني بمال في حسابي . وفجأة ، في يوم من الأيام ذهبت للبنك كالعادة لكي أفتش عن حسابي ، فوجدت مبلغا تم إيداعه ، وهو 2400 ريال سعودي !! وأنا إنسان مؤمن بالله ، ذهبت وبكيت من هول الموقف ، ومرت أيام وأنا قد صرفت الفلوس ، وفجأة أتاني اتصال من موظف البنك بأن أحدهم أرسل إلى حسابي مبلغا من المال بالخطأ ، وقال : هل نعطيه رقم جولك ؟ قلت ، : نعم اتصل ، وشرحت له أني صرفت المبلغ ، لأني لم أكن أعلم أنه منه ، واتفقنا بأن أحول له مبلغا شهريا ، ولم يعاود الاتصال بي ، وأنا تكاسلت ، ولم أحول .
عدت الآن بعد سنة أطلب منه رقم حسابه ، لكي أعطيه المبلغ بالتقسيط ، فرفض ، وقال بأنه سيطالبني يوم القيامة !! لأنني تأخرت عليه .

وأنا أريد الحل ، ماذا أفعل ؟
فأنا مازلت طالبا ، وأعيش نفس الوضع .

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

أولا :
كان يجب عليك إذ وجدت هذا المال في حسابك ولم يكن لك رصيد أن تخبر البنك بذلك ، وتستعلم عن هذا المال كيف تم تحويله إلى حسابك ؟ فإن لم يكن وصل إليك بطريق مشروع وجب عليك رده إلى مرسله ؛ فإن مثل ذلك قد يحدث عن طريق الخطأ .
ثانيا :
أخطأت ثانية إذ اتفقت مع صاحب المال على أن تحول له ماله الذي صرفته وأنفقته شهريا ثم تكاسلت عن ذلك ، وكان الواجب عليك الوفاء بما تعهدت به واتفقت عليه معه .
ثالثا :
الواجب عليك الآن أن تدبر أمر هذا المبلغ ، من أهلك ، أو تقترضه من أحد معارفك ، أو تبيع بعض ما عندك ؛ المهم أن تدبر له حقه كاملا ؛ وليس من المعقول ، ولا من المقبول بعد هذا الوقت كله : أن تقول له إنني سوف أرد إليك حقك مقسطا ، وانتظرني حتى أودع لك كل شهر قسطا من حقك ؟! فربما كان هذا التقسيط الذي تريده هو من أسباب إعراضه عن التواصل معك ، وقبول حقه منك ؛ فإذا حصل ودبرت له حقه : فإن كان عندك رقم حسابه فأرسل إليه المال ، وإن لم يكن عندك فاتصل بالبنك واطلب منه رقم الحساب ، فإن أمكنك الحصول على رقم حسابه بأي طريق فأرسل إليه حقه ، ثم اتصل به وأعلمه بأنك حولت له المال ، واستسمحه وتحلل منه .
فإذا لم يمكنك الحصول على رقم الحساب وتمكنت من معرفة محل سكنه أو عمله ، فإنه يلزمك الذهاب إليه وإعطاؤه حقه ، مع استسماحه والتحلل منه وطلب العفو .
مع التوبة إلى الله والاستغفار مما فعلت .
رابعا :
فإن لم يمكنك هذا ولا ذاك ، ولم تستطع توصيل المبلغ إليه بأي طريق وجب عليك أن تحفظه له عندك على سبيل الأمانة حتى تتمكن من رده إليه . وتكتب وصية بذلك : أن هذا المال مال فلان فمتى جاء يطلب ماله فأعطوه إياه .
وتخبر بصورة الحال من يستطيع إنفاذ وصيتك من بعدك .
فإذا توفي صاحب المال مثلا أو سافر ، أو حصل ما يئست معه من لقائه أو الاتصال به ، أو بمن يدلك ، أو على ورثته إن كان قد مات : فتصدق بهذا المال عنه ، فإذا قدر الله بعد ذلك لك العثور عليه أو الاتصال به أو بورثته إذا كان قد مات : فإنك تخيره بين الصدقة التي أخرجتها عنه ، وبين ماله ، فإن اختار الصدقة فذاك ، وإلا دفعت إليه حقه .
وكذلك الحال بالنسبة للورثة .

سئل الشيخ صالح الفوزان حفظه الله :
أخذت نقودا يوم كنت صغير السن وأجهل بالأحكام ؛ فقد أخذتها وتصرفت فيها، والآن أريد أن أبرئ ذمتي منها ؛ فماذا أفعل ؟
فأجاب :
” يلزمك إذا كنت تعرف صاحبها أن تردها إليه وأن تستبيح منه ما حصل منك من إساءة ، وإذا كان صاحبها ميتا ؛ فإنه يجب عليك ردها إلى وارثه ، أما إذا كنت لا تعلم صاحبها ؛ فإنه يتعين عليك حينئذ أن تتصدق بها على نية أن الأجر لصاحبها مع التوبة إلى الله سبحانه وتعالى من مثل هذا ؛ لأن أموال الناس لا يجوز التعدي عليها ، ولا أخذها بدون رضاهم ، وهذا ظلم وعدوان ؛ فعليك أن تتوب إلى الله سبحانه وتعالى ، وترد المال إلى صاحبه أو وارثه ، فإن لم تستطع ؛ فعليك أن تتصدق به وتبرئ ذمتك منه ” انتهى من “المنتقى من فتاوى الفوزان” (58 /1-2) .

خامسا :
إذا أبى صاحب الحق أن يقبل حقه ، أو أن يسامح في مظلمته ، بعد توبتك ، واجتهادك في رد الحق إليه ؛ فإن المأمول من فضل الله ، واللائق بعفوه وكرمه ، ومحبته للتوبة من عباده : أن يتحمل عنك حق صاحب الحق ، ويؤدي عنك ما له عندك ، ويرضيه ، إن لم يكن قد رضي وسامح في الدنيا .
هذا مع أن رضا المظلوم ، والعفو عمن ظلمه إذا كان قد تاب : هو من مكارم الأخلاق ، ومن فاضل الأعمال التي ندب إليها الشرع الكريم ؛ قال الله تعالى : ( وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ (133) الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ ) آل عمران /133-134 .
وينظر للفائدة جواب السؤال رقم : (99554) .
والله تعالى أعلم .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر

موقع الإسلام سؤال وجواب

answer

موضوعات ذات صلة

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android