أنا من بنجلاديش ، ولا تستطيع الدولة أن توفر لحوم الأبقار لسكانها البالغ تعدادهم مائة وأربعين مليون نسمة ، على الجانب الآخر فإن الهند دولة ضخمة ، ولا يأكلون لحوم الأبقار ، وبعض البلدان فى الهند لا تسمح للمسلمين بتناول لحوم الأبقار ؛ لذلك أدى طلب الأبقار من بنجلاديش إلى تجارة تهريبية ضخمة للأبقار ، حيث إن الهند لا تبيع الأبقار قانونا ؛ لذلك بعض الناس يهربون آلاف الأبقار إلى بنجلاديش كل يوم ، ويرشون كلا من الحدود الهندية وحدود بنجلاديش بغرض ذلك التهريب .
السؤال : نسبة تسع وتسعون بالمائة من اللحوم المستخدمة – وكذلك التى تذبح فى الأعياد – مهربة بطريقة غير قانونية من الهند .
فهل يباح أن نأكل من لحوم الأبقار التى تأتى إلينا عن طريق الرشوة والتهريب ؟
ما حكم أكل لحوم الأبقار التي تدخل البلاد عن طريق التهريب والرشوة ؟
السؤال: 196004
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.
لا حرج عليكم في شراء لحوم الأبقار في بلادكم وأكلها ، ولو كان التهريب منتشرا ومستعملا ، وذلك للأسباب الآتية :
أولا :
الأصل جواز تناول اللحوم التي تباع في أسواق المسلمين ، من غير سؤال ولا تفتيش عن أصلها ومصدرها ؛ اعتبارا بظاهر الحال الذي تباع فيه اللحوم بطريقة مشروعة في سوق مشروع ، فلا يكلف المسلم حينئذ بالبحث والتنقير ، وقد روت أم المؤمنين عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا : ” أَنَّ قَوْمًا قَالُوا : يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ قَوْمًا يَأْتُونَنَا بِاللَّحْمِ لاَ نَدْرِي أَذَكَرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهِ أَمْ لاَ . فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( سَمُّوا اللَّهَ عَلَيْهِ وَكُلُوهُ ) ” رواه البخاري في ” صحيحه ” (2057) .
يقول الحافظ ابن حجر رحمه الله :
” يستفاد منه أن كل ما يوجد في أسواق المسلمين محمول على الصحة ” انتهى من ” فتح الباري ” (9/635) .
ويقول ابن القيم رحمه الله :
” أجمعوا على جواز شراء الُّلحمان من غير سؤال عن أسباب حلها ، اكتفاء بقول الذابح والبائع ” انتهى من ” إعلام الموقعين ” (2/181) .
ثانيا :
إذا قدرنا أن هناك مخالفة ، فهي إنما تلحق من قام على التهريب وخالف التعليمات ، أما المشتري نفسه فلم يرتكب إثما ولا معصية ، ولم يُعن على إثم أو معصية ، والله عز وجل يقول : ( وَلَا تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ إِلَّا عَلَيْهَا وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى ثُمَّ إِلَى رَبِّكُمْ مَرْجِعُكُمْ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ ) الأنعام/164.
ثالثا :
لحم البقر المذبوح لحم حلال باتفاق الفقهاء ، ولا يصبح حراما إذا وصل البلاد بمخالفة إدارية ، فوصف الحرمة لا ينتقل إلى اللحم نفسه ، بخلاف ما لو ذبحت البقرة بطريقة غير شرعية ، كما لو لم يذكر اسم الله عليها ، أو ذبحت بغير ذبح المسلمين ؛ فلحمها حرام حينئذ لأنها مغصوبة ، أما التهريب فلا ينقل الحرمة إلى اللحم نفسه ، وإنما تبقى مسؤولية المخالفة في حدود الجانب التنظيمي في الدولة .
رابعا :
يكفي دليلا على الجواز المشقة والحرج الذي يصيب الناس حال الفتوى بمنع شراء هذه اللحوم ، فبحسب ما ورد في السؤال فإن الغالبية العظمى من اللحم الذي يباع في الأسواق إنما هو من نتائج التهريب المذكور ، فضلا عن ارتفاع الأسعار الهائل إذا ما أغلق هذا الباب ، والقاعدة الشرعية المتفق عليها تقول : ” المشقة تجلب التيسير “.
والحاصل :
أنه بغض النظر عن حق هذه الدول في السماح بدخول لحوم البقر ، أو المنع من ذلك ، وبغض النظر عن مدى تحقيق ذلك لمصالح الناس ، من عدمه ، فإن ذلك كله لا يؤثر بشيء على لحوم هذه الأبقار ، ولو تيقن الآكل أن هذه من الأبقار المهربة .
والله أعلم .
هل انتفعت بهذه الإجابة؟
المصدر:
موقع الإسلام سؤال وجواب