0 / 0

زنى بها ثم تاب ، ويخشى منها على الجنين ، فماذا يفعل ؟

السؤال: 197053

أنا شاب أعيش في أحد الملاجئ المخصصة للمشردين ، حيث أمارس هناك الدعوة ، والصلاة ، وقراءة القرآن ، لقد بدأت هذه الممارسات الصالحة بعد أن وقعت في الزنا مع إحدى الفتيات ، هنا في الملجأ فحملت مني . إنها فتاة تتعاطى المخدرات ، وقد تؤذي الصبي إن أنجبته ، لذا فقد فكرتْ بالإجهاض ، لكني منعتها ، وقلت لها : إن ذلك نوع من أنواع القتل العمد ، ، ولقد تم نقل هذه الفتاة من الملجأ الذي أنا فيه إلى ملجأ آخر ، فازداد قلقي بسبب الطفل الذي في بطنها ، أخشى أن تلده ، وأن تؤذيه ، كما أخشى أيضاً أن تجهضه ..!.

فهل يقع عليّ ذنب في كلتا الحالتين ؟

لقد ارتددت عن الإسلام لبعض الوقت ، وكان ذلك كردة فعل مني تجاه إخوتي وأخواتي ، فأردت أن أثبت لهم أني لا أعتقد بهذا الدين ، وأني كافر ، وأني قادر على ارتكاب كل الفواحش ، لذا فقد وقعت مع تلك الفتاة في الفاحشة ، وكانت تلك هي المرة الأولى في حياتي ، كنت أظن أنه لا يليق بي إلا لقب كافر ، لأنني لم أكن على درجة عالية من التدين .

سؤالي هو:

هل بوسعي تقديم شيء لهذا الطفل وأمه ؟

وما العقوبة التي تقع عليّ إن حدث مكروه لذلك الطفل ، إما أن تؤذيه أمّه ، أو تتسبب في تشويهه ، أو حتى إجهاضه ؟

وهل أستمر في الدعوة إلى الله في هذا الملجأ ، رغم الذنب الذي أذنبته فيه ؟

وهل أستمر في الدعوة إجمالاً ، سواء في مكان عملي أو السكن الذي سأنتقل إليه ، رغم أني أحمل في ذهني ذكريات تلك الفاحشة التي اقترفتها ؟

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

أولا :
لا شك أنك مررت بفترة عصيبة من فترات حياتك ، قد تمكن الشيطان من أن يتلاعب بك فيها كل التلاعب ، حتى أوقعك في أعظم الذنب كله : الكفر بالله ، بعدما كنت مؤمنا ، ثم الزنا والفجور .
ولقد بقي الشيطان يريد أن يتلاعب بك ، ليقول لك : إن بعد هذا الذنب كله ، لا يصلح لك أن تدعو إلى الله ، أو أن تفعل كذا أو كذا من أفعال الإيمان !!
وهذه حيلة الشيطان اللعين ، أن يستدرج العبد ليوقعه في الذنب ، ثم يتسلط عليه ، ليمنعه التوبة ، فإذا قدر أنه عصاه وتاب ، ظل يذكره بذنبه الماضي ، لا ليندم عليه ، أو يعمل عملا صالحا بعده ، بل ليصده عن دين الله ، ويمنعه من الخيرات ، بحجة أن صاحب ذلك الذنب ، لا يليق به مثل هذا العمل الصالح ، الذي لا يليق إلا بالأطهار ، الأبرار ؟!
فإذا علمت ذلك ، وانتبهت إليه : كان واجبك الأول ، وقبل كل شيء : أن تصحح توبتك إلى الله جل جلاله ؛ فتتوب أولا من كفرك وردتك السابقة ، وتعلم أي باب من أبواب الشر والجحيم وغضب الله ، أوقعك فيه الشيطان ، لولا أن تداركك الله برحمته ، وردك إلى دينه .
ولتعلم أن من تمام التوبة النصوح ، وأماراتها : أن تحرص على الطاعات ، وتجنب نفسك سبل المنكرات ، خاصة تلك التي تبت منها ، وأقلعت عنها ؛ فإقامتك الصلاة ومداومتك على تلاوة القرآن ، وقيامك بواجب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، والدعوة إلى الله ، والندم على ما فات : كل ذلك من علامات الاستقامة ، وسبلها ، وأمارات صدق التوبة ، فالزم ذلك ولا تتخل عنه ، واحذر أن يصدك الشيطان عن شيء من ذلك كله ، لأجل ذنب وقعت فيه فيما مضى ، أو لأجل ظن كاذب ، يلقيه في نفسك .
وانظر جواب السؤال رقم : (175916) .

ولتجتهد فيما أنت منشغل به ، من الدعوة إلى الله تعالى ، والأمر بالمعروف ، والنهي عن المنكر ، سواء في مسكنك أو في مقر عملك ، وحيثما وجدت الفرصة سانحة لذلك .
ولا شك أنك قد جربت نفسك حال هذه الملاجئ ، ورأيت ما فيها من أسباب الفتنة ، وعوامل الانحراف ، فإن استطعت أن تتركها إلى مسكن آخر بعيد عنها فافعل ، ثم ائتها بين الحين والآخر للدعوة ونصح الناس ، إذا لم تخش الفتنة على نفسك ؛ فإن خفت على نفسك الفتنة في مكان ، أو في مقام ، فقدم دفع الفتنة عن نفسك ، على دعوة غيرك ووعظه .

ثانيا :
إذا كنت قد صدقت في توبتك إلى الله ، فليس عليك من أمر هذه الفتاة شيء ، إلا أن تدعوها إلى التوبة ، مع الاحتياط لنفسك ، والحذر من العودة إلى الفتنة ، ولو كانت دعوتها بواسطة غيرك من النساء ، فهو أحسن وأبرأ للذمة .
وأما عن أمر الإجهاض ، فكل ما عليك أن تعرفها بالحكم الشرعي في المنع منه ، وتحريمه ، وخوفها من إثم قتل الجنين ، من غير ذنب منه ، ولا حق لها هي في ذلك ، فإن أجابت لذلك ، وامتنعت منه ، وأعنتها على التوبة النصوح : فهو حسن ، إن شاء الله .
فإن حفظت هي ولدها ، ولم تجهضه ، ولم يكن لها مال ، ولم يكن لها عائل ينفق عليها : فأحسنت إليها ، وإلى ولدها بما تقدر عليه من النفقة والإعانة : فهو أمر حسن ، وقد كتب الله الإحسان على كل شيء ، وفي كل ذات كبد رطبة أجر .
وإن عصت ، فلم تجبك إلى الطاعة ، فاحذر أنت من فتنتها ، وإياك أن تجيبها أنت إلى المعصية .
وراجع للفائدة إلى جواب السؤال رقم : (11195) ، ورقم : (147435) ، ورقم : (117) .

وليكن نجاتك من ذنبك كله ؛ بالتوبة مما فات ، والجد والعزم على إصلاح ما هو آت : هو همك كله في عيشك ، ويومك ، وغدك ، واجتهد في تحصين نفسك بطردها عن أماكن الفتنة والمعصية ، وأعنها على العفة بالزواج ، ما استطعت إلى ذلك سبيلا .

والله أعلم .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر

موقع الإسلام سؤال وجواب

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android