0 / 0

صديقه زائغ منحرف وهو يحبه ، فماذا يفعل معه ؟ وهل يستمر في علاقته به ؟

السؤال: 197191

لي صديق أحبه كثيرا كأخي ، وزاد تقديره لي بعد تحولي من فرقة بريلوي (جماعة صوفية بباكستان ) إلي منهج السلف وأخبرني بأشياء غريبة منها:
1- أنه لا يمكن له أن يكذب فكلما حاول الكذب يجد نفسه يتكلم الحقيقة .
2- أنه قريب جدا من الله وله مع الله مقامات.
3- ويذكر أن الله يقرِّه علي بعض الأمور لكن لا يخبرني كيف يحدث هذا .
4- لديه قوة سرية .
وبالنسبة لتدينه كما تناقشت معه فإنه : لا يؤمن بأحاديث كثيرة متعللا بأنها تتعارض مع القرآن ، مع أني قد بينت له أنه لا يوجد تعارض بين القران والحديث ، لكن اعتمد علي بعض الأحاديث التي يوهم ظاهرها أنها تتعارض ، كما أنه لا يعتقد بوجوب إطلاق اللحية ، ويعتقد أن الموسيقي حلال معتبرا أنها وسيلة للقرب من الله ، وصلاته متقطعة وخاصة صلاة الفجر ، بل قد يقضي الليل في التهجد والتفكر ويترك صلاة الفجر ، كما أنه لا يعتقد بمجيء المهدي المنتظر ولا بنزول عيسي عليه السلام في آخر الزمان ، ويؤمن بخلق القرآن ، وبوجوده عندما تكلم الله به قبل أن ينزل إلي الأرض ، كما أنه يعطي دروس في التفسير دون الحصول علي إجازة ، أنا في قلق بخصوص عقيدته هل هو حظيرة الإسلام ؟ ادعوا الله أن يهديه ، كيف لي أن أساعده حتي ينجو في الآخرة ؟ أرجوا النصيحة فضيلة الشيخ ، هل أستمر في علاقتي معه وأكلمه ؟ فنيتي أن أصحح ضلالاته ، وأمر آخر : لا أدري لماذا أنا مرتبط بهذا الشخص ودائما يزعجني حين أصلي أو اقرأ القرآن واستمع للمحاضرات الإسلامية لكني دائما ملتزم الهدوء .

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

أولا :
حثنا الشرع على ضرورة اختيار الصاحب التقيّ ذي الخلق والدين ؛ الذي يعين على طاعة الله وينهى عن معصيته ، قال تعالى : ( الْأَخِلَّاءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلَّا الْمُتَّقِينَ ) الزخرف / 67 .
وعن أبي سعيد رضي الله عنه عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال : ( لَا تُصَاحِبْ إِلَّا مُؤْمِنًا ، وَلَا يَأْكُلْ طَعَامَكَ إِلَّا تَقِيٌّ ) رواه الترمذي ( 2395 ) وحسنه الألباني في ” صحيح الترمذي ” .
وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال : ( الرَّجُلُ عَلَى دِينِ خَلِيلِهِ فَلْيَنْظُرْ أَحَدُكُمْ مَنْ يُخَالِلُ ) . رواه أبو داود (4833) ، وحسنه الألباني في “صحيح أبي داود” .
قال ابن عبد البر رحمه الله :
” وهذا معناه – والله أعلم – أن المرء يعتاد ما يراه من أفعال من صحبه ، والدينُ العادةُ ، فلهذا أمر ألا يصحب إلا من يرى منه ما يحل ويجمل فإن الخير عادة .
والمعنى في ذلك : ألا يخالط الإنسان من يحمله على غير ما يحمد من الأفعال والمذاهب ، وأما من يؤمن منه ذلك فلا حرج في صحبته ” انتهى من ” بهجة المجالس ” ( 2 / 751 ) .
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :
” النَّاسَ كَأَسْرَابِ الْقَطَا ؛ مَجْبُولُونَ عَلَى تَشَبُّهِ بَعْضِهِمْ بِبَعْضِ . وَلِهَذَا كَانَ الْمُبْتَدِئُ بِالْخَيْرِ وَالشَّرِّ : لَهُ مِثْلُ مَنْ تَبِعَهُ مِنْ الْأَجْرِ وَالْوِزْرِ ” انتهى من ” مجموع الفتاوى ” (28/ 150) .
ثانيا :
هذا الصاحب الذي تتحدث عنه على خلاف منهج أهل السنة والجماعة ، وهو إلى منهج غلاة الصوفية أقرب ، يدل على ذلك قوله : إن له مع الله مقامات ، وإنه لا يستطيع الكذب ، وإن الله يقره على بعض ما يقول ويفعل ، وإن له قوة خفية .
ولا داعي للخوض في هذه الأباطيل المذكورة وتفنيدها ، حيث إن السائل يقر ببطلانها ولا يعتقد أنها صحيحة .
ومثل هذا يحتاج إلى من ينصحه ويبين له خطأه ويرشده إلى الصواب .
وطريق ذلك شاق بلا شك ، ولكنه يحتاج إلى كثير من الحكمة والعلم ، مع مزيد من الصبر والاحتساب .
فلا بد من تعريفه أولا بمنهج أهل السنة والجماعة القائم على التسليم لله ولرسوله صلى الله عليه وسلم ، واتباع السلف في فهم النصوص الشرعية وعدم الخروج عن ذلك ؛ لأن الخروج عنه انحراف عن الصراط المستقيم .
ثانيا :
يجب في مقام الولاية التي يدعيها صاحبك لنفسه أن يعرف أن للولاية علامات وأمارات لا بد من تحقيقها حتى يصح انتساب العبد إليها ، وأولياء الله تعالى حقا لا يرون لأنفسهم مقاما ، بل يتواضعون لله تعالى ، وينظرون إلى أنفسهم دائما بعين التقصير . وجدير بالمرء منا أن يتأسى بهم في ذلك .
وقد صح عن أمير المؤمنين عمر رضي الله عنه فيما رواه أحمد ( 322 ) عن ابْن عَبَّاسٍ رضي الله عنه أن عمر لما طُعن فقال له : أَبْشِرْ بِالْجَنَّةِ ، صَاحَبْتَ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَأَطَلْتَ صُحْبَتَهُ ، وَوُلِّيتَ أَمْرَ الْمُؤْمِنِينَ فَقَوِيتَ وَأَدَّيْتَ الْأَمَانَةَ . فَقَالَ : ” أَمَّا تَبْشِيرُكَ إِيَّايَ بِالْجَنَّةِ ، فَوَاللهِ لَوْ أَنَّ لِي الدُّنْيَا بِمَا فِيهَا لافْتَدَيْتُ بِهِ مِنْ هَوْلِ مَا أَمَامِي قَبْلَ أَنْ أَعْلَمَ الْخَبَر َ، وَأَمَّا قَوْلُكَ فِي أَمْرِ الْمُؤْمِنِينَ ، فَوَاللهِ لَوَدِدْتُ أَنَّ ذَلِكَ كَفَافًا ، لَا لِي وَلا عَلَيَّ ، وَأَمَّا مَا ذَكَرْتَ مِنْ صُحْبَةِ نَبِيِّ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذَلِكَ ” .
فهذا قول عمر رضي الله عنه وهو خير الأمة بعد نبيها صلى الله عليه وسلم وصاحبه أبي بكر الصديق رضي الله عنه ، هذا قوله عن نفسه وهو في آخر ساعات الدنيا ، فأين هذا ممن يدعي لنفسه المقامات العالية والأحوال السامية ؟!
وقد قال الله تعالى : ( فَلَا تُزَكُّوا أَنْفُسَكُمْ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اتَّقَى ) النجم/ 32 .
وانظر لمزيد الفائدة جواب السؤال رقم : (32470) .
ثالثا : ينبغي أن تنصح صاحبك بتعلم العلم الشرعي من مصادره الأصلية : من القرآن الكريم وسنة الرسول صلى الله عليه وسلم الصحيحة ، وليستعن على فهم ذلك بأقوال أئمة الإسلام المشهود لهم بالعلم والفضل ، وهو كثير والحمد لله .
ودعواه أن السنة تعارض القرآن مما يدل على نقص علمه ، وأنه في حاجة إلى من يعلمه ، وقد أحسنت صنعا إذ بينت له ألا تعارض بين الكتاب والسنة ، وراجع للاستزادة جواب السؤال رقم : (93111) ، (104825 ) .
وقد أضاف إلى ذلك تهاونه بالصلوات المكتوبات وسماعه الموسيقى واعتقاده أنها وسيلة للقرب من الله واعتقاده أن القرآن كلام الله مخلوق ؟!
فعليك بنصحه برفق وحكمة ، وإعانته على انتشاله من تلك الأوحال التي يتخبط فيها .
وانظر لبيان أن القرآن مُنَزَّل من الله تعالى غير مخلوق جواب السؤال رقم : (10153) .
ولبيان حقيقة ادعاء الصوفية الاتصال بالله جواب السؤال رقم : (4983) .
ولبيان منزلة السنة وأنها المصدر الثاني من مصادر التشريع الإسلامي جواب السؤال رقم : (9067) .
ولبيان أدلة تحريم حلق اللحية جواب السؤال رقم : (1189) ، (75525) .
ولمعرفة الأدلة على تحريم الموسيقى وآلات اللهو جواب السؤال رقم : (5000) .
والله تعالى أعلم .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر

موقع الإسلام سؤال وجواب

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android