0 / 0
11,97612/06/2013

طلبت منه زوجته الحلف على كتاب الله بأنه لو عاد للمخدرات تحرم عليه، وتشك أنه قد عاد لتعاطيها

السؤال: 198294

زوجي تعبني ، وحياتنا دائما على المحك ، والسبب أنه يتعاطى المخدرات ، مثل الكبتاجون ، والحشيش ، والزاناكس ، وغيرها من المسكرات والمفترات ، وفي كل مرة يتعاطى فيها تحدث مشاكل ، والأبناء يتضررون نفسياً ، وتصبح الحياة نكدا وغما ، وكالمعتاد في نهاية كل مشكلة يعدني بعدم العودة للمخدرات ، وأن ينتبه لبيته وأبنائه ، ولكن سرعان ما تعود حليمة لعادتها القديمة ، علماً بإني استخدمت معه أساليب الترغيب والترهيب ، ولكن دون جدوى .

ومن حوالي الشهر والنصف اضطررت لأن أخيره بين مزاجه والمخدرات وبين حياتنا واستمرارها ، ومن باب الترهيب : طلبت منه أن يحلف على كتاب الله بأن يترك المخدرات بجميع أنواعها ولا يعود لها تحت أي ظرف كان ، وأنه إذا عاد : أَحْرُم عليه ، وقبل أن يحلف وضحت له خطورة ما سيحلف عليه ، وما في نيتي ، فأجابني : بأن الحلف على نية المحلوف له ، وفعلاً حلف على كتاب الله بما أخبرته ، والحمد لله ، انقلبت حياتنا إلى سعادة ، حيث عاد شعور الأمان إلي من ناحيته بعد الله .

ولكن بالأمس عاد إلى البيت وكان متعاطياً الكبتاجون ، فقلت : لعل الشيطان يوسوس بي ، ولكن تصرفاته وأفعاله وشكله يؤكد لي إحساسي ، وعندما واجهته بشكوكي أنكر ولامني ، لعدم ثقتي به ، تناقشنا كثيراً ، وذكرته بالحلف ، وأني أحرم عليه ، وهو مازال مصرا على أنه على العهد ، ولكن أنا أعرفه جيداً ، فنحن متزوجان من تسع سنين ، وهو بالنسبة لي كالكتاب ، أستطيع قراءته بوضوح .

المهم أني حاولت تصديقه وتكذيب ظنوني ، علما بأني متأكدة ٩٩٪ ، وهو لا يزال يصر ، وينكر .

فهل أنا أحرم عليه الآن ؟

وإذا لم يكن كذلك ، فما كفارة حلفه ؟

وهل الحلف بهذه الطريقة جائز ؟

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

أولا :
قول الرجل لامرأته : تحرمين علي ، أو أنت علي حرام ، إن فعلت كذا ، أو نحو ذلك من ألفاظ التحريم : قد اختلف الفقهاء في حكمه ؛ فمنهم من حكم بأنه ظِهار ، ومنهم من حكم بأنه طلاق.
والراجح من ذلك أنه يُرجع فيه إلى نية الزوج ، فإن أراد الطلاق فهو طلاق ، وإن أراد الظهار فهو ظهار ، وإن لم يرد شيئا من ذلك ، أو أراد الامتناع من زوجته : فهو يمين .
وإنما ذكرنا حالات النية ، لأن بعض الناس يقول : ما قصدت الطلاق ، والواقع أنه قصد مفارقة زوجته ، وألا تبقى معه ، وهذا قصدُ الطلاق .
وينظر : جواب السؤال رقم : (81984) ، ورقم : (126458) .
وعلى ذلك :
فقول زوجك لك : ( إذا عاد تحرمين عليه ) ، وقد عاد فعلا ، على ما تقولين ؛ يرجع فيه إلى نيته ، على ما سبق ؛ فإن كان قد نوى طلاقا ، أو نوى مفارقتك : طلقت منه طلقة ، وإن كان نوى ظهارا ، فهو ظهار ؛ وإن لم ينو شيئا من ذلك ، فهو يمين ، يكفرها .
ثانيا :
وأما قولك أنت وزوجك : ( الحلف على نية المحلوف له ) ؛ فهذا صحيح : أن الحالف إذا كان ظالما ، لم ينفعه نيته ، ولا استعماله للتورية ، ليحق بذلك باطلا ، أو يبطل حقا يلزمه .
وهكذا : إذا كان المحلوف له قاضيا ، واستحلفه في حق عليه ، أو شهادة يشهد بها عنده ، فاليمين على ما استحلفه القاضي عليه ؛ انْعَقَدَتْ يَمِينُهُ عَلَى مَا نَوَاهُ الْقَاضِي ، وَلَا تَنْفَعُهُ التَّوْرِيَةُ ، قال النووي رحمه الله : ” وَهَذَا مُجْمَعٌ عَلَيْهِ ” اهـ .
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( الْيَمِينُ عَلَى نِيَّةِ الْمُسْتَحْلِفِ ) . رواه مسلم (1653) . وفي رواية له : ( يَمِينُكَ عَلَى مَا يُصَدِّقُكَ عَلَيْهِ صَاحِبُكَ ) .
وينظر : شرح ” صحيح مسلم ” للنووي (11/117) .
وللفائدة : ينظر جواب السؤال رقم : (45865) ، ورقم : (27261) ، ورقم : (83093) .
والحاصل :
أنه لا مدخل لنية الزوجة في تعيين وجه التحريم في يمين الزوج : إذا كان طلاقا ، أو غيره ؛ فإذا كان يريد بذلك طلاقها ، فليس لها أن تقول له : إنما كنت أنوي أن يكون ظهارا .
وإذا كان نوى يمينا ، للمنع ، أو الحث ، ولم يقصد بذلك فرقة امرأته : فليس لها أن تقول : إنما قصدت أنا أن تكون فرقة .
ثالثا :
إذا كنت على يقين من حال زوجك ، كما تقولين ، وأنكر هو ذلك ، فالقول قوله في ظاهر الحكم ؛ لكن فيما بينك وبين ربك : يجب عليك أن تعملي بما تتيقنين ؛ فإن كان قد نوى الطلاق بذلك ، فقد وقعت عليك طلقة ، على ما سبق تفصيله ؛ فإن كانت الأولى أو الثانية : فلا إشكال ، لأن له أن يراجعك ؛ إما بالقول ، أو بالفعل الدال على الرجعة مع نية الرجعة .
وعليك أن تنتبهي إلى حساب ذلك في عدد مرات الطلاق .
لكن إن كانت الثالثة : بانت المرأة من زوجها بذلك ، ولا يحل لها أن تمكنه من نفسها ، ولو أنكر هو ذلك عند الحاكم .
ومثل ذلك : لو كانت هذه الأولى ، وأنكرها ، ثم طلق بعدها مرتين ؛ بانت المرأة من زوجها بذلك .
قال ابن قدامة رحمه الله :
” إذَا ادَّعَتْ الْمَرْأَةُ أَنَّ زَوْجَهَا طَلَّقَهَا ، فَأَنْكَرَهَا فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاءُ النِّكَاحِ وَعَدَمُ الطَّلَاقِ ؛ إلَّا أَنْ يَكُونَ لَهَا بِمَا ادَّعَتْهُ بَيِّنَةٌ …
وَإِنْ اخْتَلَفَا فِي عَدَدِ الطَّلَاقِ : فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ ؛ لِمَا ذَكَرْنَاهُ .
فَإِذَا طَلَّقَ ثَلَاثًا ، وَسَمِعَتْ ذَلِكَ ، وَأَنْكَرَ ، أَوْ ثَبَتَ ذَلِكَ عِنْدَهَا بِقَوْلِ عَدْلَيْنِ : لَمْ يَحِلَّ لَهَا تَمْكِينُهُ مِنْ نَفْسِهَا ، وَعَلَيْهَا أَنْ تَفِرَّ مِنْهُ مَا اسْتَطَاعَتْ ، وَتَمْتَنِعَ مِنْهُ إذَا أَرَادَهَا ، وَتَفْتَدِيَ مِنْهُ إنْ قَدَرَتْ . قَالَ أَحْمَدُ: لَا يَسَعُهَا أَنْ تُقِيمَ مَعَهُ ، وَقَالَ أَيْضًا: تَفْتَدِي مِنْهُ بِمَا تَقْدِرُ عَلَيْهِ .
فَإِنْ أُجْبِرَتْ عَلَى ذَلِكَ : فَلَا تَزَّيَّنُ لَهُ ، وَلَا تقربه ، وَتَهْرُبُ إنْ قَدَرَتْ .
وَإِنْ شَهِدَ عِنْدَهَا عَدْلَانِ غَيْرُ مُتَّهَمَيْنِ : فَلَا تُقِيمُ مَعَهُ .
وَهَذَا قَوْلُ أَكْثَرِ أَهْلِ الْعِلْمِ .
قَالَ جَابِرُ بْنُ زَيْدٍ و، َحَمَّادُ بْنُ أَبِي سُلَيْمَانَ ، وَابْنُ سِيرِينَ: تَفِرُّ مِنْهُ مَا اسْتَطَاعَتْ ، وَتَفْتَدِي مِنْهُ بِكُلِّ مَا يُمْكِنُ .
وَقَالَ الثَّوْرِيُّ ، وَأَبُو حَنِيفَةَ ، وَأَبُو يُوسُفَ ، وَأَبُو عُبَيْدٍ : تَفِرُّ مِنْهُ .
وَقَالَ مَالِكٌ : لَا تَتَزَيَّنُ لَهُ وَلَا تُبْدِي لَهُ شَيْئًا مِنْ شَعْرِهَا وَلَا عُرْيتها ، وَلَا يُصِيبُهَا إلَّا وَهِيَ مُكْرَهَةٌ . وَرُوِيَ عَنْ الْحَسَنِ ، وَالزُّهْرِيِّ ، وَالنَّخَعِيِّ : يُسْتَحْلَفُ ، ثُمَّ يَكُونُ الْإِثْمُ عَلَيْهِ .
وَالصَّحِيحُ مَا قَالَهُ الْأَوَّلُونَ ؛ لِأَنَّ هَذِهِ تَعْلَمُ أَنَّهَا أَجْنَبِيَّةٌ مِنْهُ مُحَرَّمَةٌ عَلَيْهِ فَوَجَبَ عَلَيْهَا الِامْتِنَاعُ وَالْفِرَارُ مِنْهُ كَسَائِرِ الْأَجْنَبِيَّاتِ ” انتهى من “المغنى” (7/503) .
والحاصل :
أن المرجع في تحريم زوجك : نيته ؛ فإن نوى الطلاق ، أو الفرقة : فهي طلقة ، وإن نوى ظهارا ، فهو ظهار ، وإن لم ينو شيئا من ذلك : فهي يمين ، تلزمه كفارتها .
وإذا كنت على يقين من أنه فعل ما حلف عليه ، فالواجب عليك أن تحتاطي لذلك ، وتحسبيه في عدد الطلاق ، على ما سبق .
وينظر في حكم الحلف بالتحريم : جواب السؤال رقم : (152170) .
والله أعلم .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر

موقع الإسلام سؤال وجواب

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android