تنزيل
0 / 0

الرجم والقطع من حدود الله التي شرعها لعباده قياما لحكمه ورحمة بعباده .

السؤال: 198400

هل قطع رسول الله صلی الله علیه وسلم يد أحد في عهده ، حدا للسرقة ؟ وهل رجم أحدا في عهده صلی الله علیه وسلم لارتكاب الزنا ؟ سمعت من بعض الدعاة أن في کل تاريخ الحكومة الإسلامية – یعني الخلافة الراشدة وخلافة الأمويين والعباسيين – قُطع ید تسعة فقط ! هل هذا صحيح ؟

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

أولا :
شرع الله الحدود حفظا لحدوده التي نهى عن تعديها ، ورعاية لحقوق عباده التي أمر بصيانتها ، وكفارة لأصحابها وطهرة لهم ، ونصبها دينا ليعلم من يؤمن به وبشرعه ، ويسمع ويطيع ، ممن لا يرفع بذلك رأسا ، ولا يرى بتعدي حدود الله بأسا ، وجعلها ردعا لمن تسول له نفسه العدوان على محارم الله .
ثانيا :
رجم النبي صلى الله عليه وسلم وقطع .
أما الرجم : فروى البخاري (6830) ، ومسلم (1691) عن عَبْدَ اللهِ بْنَ عَبَّاسٍ قال: " قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ وَهُوَ جَالِسٌ عَلَى مِنْبَرِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : إِنَّ اللهَ قَدْ بَعَثَ مُحَمَّدًا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْحَقِّ ، وَأَنْزَلَ عَلَيْهِ الْكِتَابَ ، فَكَانَ مِمَّا أُنْزِلَ عَلَيْهِ آيَةُ الرَّجْمِ ، قَرَأْنَاهَا وَوَعَيْنَاهَا وَعَقَلْنَاهَا ، فَرَجَمَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَرَجَمْنَا بَعْدَهُ ، فَأَخْشَى إِنْ طَالَ بِالنَّاسِ زَمَانٌ أَنْ يَقُولَ قَائِلٌ : مَا نَجِدُ الرَّجْمَ فِي كِتَابِ اللهِ فَيَضِلُّوا بِتَرْكِ فَرِيضَةٍ أَنْزَلَهَا اللهُ ، وَإِنَّ الرَّجْمَ فِي كِتَابِ اللهِ حَقٌّ عَلَى مَنْ زَنَى إِذَا أَحْصَنَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ ، إِذَا قَامَتِ الْبَيِّنَةُ ، أَوْ كَانَ الْحَبَلُ، أَوِ الِاعْتِرَافُ " .
وروى مسلم (1692) عَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ، قَالَ: " رَأَيْتُ مَاعِزَ بْنَ مَالِكٍ حِينَ جِيءَ بِهِ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجُلٌ قَصِيرٌ ، أَعْضَلُ ، لَيْسَ عَلَيْهِ رِدَاءٌ، فَشَهِدَ عَلَى نَفْسِهِ أَرْبَعَ مَرَّاتٍ أَنَّهُ زَنَى ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : (فَلَعَلَّكَ؟) قَالَ: لَا، وَاللهِ إِنَّهُ قَدْ زَنَى ، قَالَ : فَرَجَمَهُ ..) .
قال ابن القيم رحمه الله :
" اَلَّذِينَ رَجَمَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الزِّنَا مَضْبُوطُونَ مَعْدُودُونَ، وَقِصَصُهُمْ مَحْفُوظَةٌ مَعْرُوفَةٌ. وَهُمْ : الْغَامِدِيَّةُ، وَمَاعِزٌ، وَصَاحِبَةُ الْعَسِيفِ، وَالْيَهُودِيَّانِ " .
انتهى من "الطرق الحكمية" (ص 53) .

أما القطع : فقد قطع النبي صلى الله عليه وسلم يد السارق والسارقة :
روى البخاري (6788) ، ومسلم (1688) عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: " أَنَّ قُرَيْشًا أَهَمَّهُمْ شَأْنُ الْمَرْأَةِ الَّتِي سَرَقَتْ فِي عَهْدِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي غَزْوَةِ الْفَتْحِ ، فَقَالُوا : مَنْ يُكَلِّمُ فِيهَا رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ؟ فَقَالُوا: وَمَنْ يَجْتَرِئُ عَلَيْهِ إِلَّا أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ ، حِبُّ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَأُتِيَ بِهَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَكَلَّمَهُ فِيهَا أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ، فَتَلَوَّنَ وَجْهُ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَقَالَ: ( أَتَشْفَعُ فِي حَدٍّ مِنْ حُدُودِ اللهِ؟! ) ، فَقَالَ لَهُ أُسَامَةُ : اسْتَغْفِرْ لِي يَا رَسُولَ اللهِ ، فَلَمَّا كَانَ الْعَشِيُّ ، قَامَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَاخْتَطَبَ ، فَأَثْنَى عَلَى اللهِ بِمَا هُوَ أَهْلُهُ ، ثُمَّ قَالَ: ( أَمَّا بَعْدُ، فَإِنَّمَا أَهْلَكَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ أَنَّهُمْ كَانُوا إِذَا سَرَقَ فِيهِمِ الشَّرِيفُ تَرَكُوهُ ، وَإِذَا سَرَقَ فِيهِمِ الضَّعِيفُ أَقَامُوا عَلَيْهِ الْحَدَّ ، وَإِنِّي وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ ، لَوْ أَنَّ فَاطِمَةَ بِنْتَ مُحَمَّدٍ سَرَقَتْ لَقَطَعْتُ يَدَهَا ) ، ثُمَّ أَمَرَ بِتِلْكَ الْمَرْأَةِ الَّتِي سَرَقَتْ، فَقُطِعَتْ يَدُهَا " .
وعَنْ صَفْوَانَ بْنِ أُمَيَّةَ : " أَنَّ رَجُلًا سَرَقَ بُرْدَةً ، فَرَفَعَهُ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَأَمَرَ بِقَطْعِهِ ، فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، قَدْ تَجَاوَزْتُ عَنْهُ. قَالَ: ( فَلَوْلَا كَانَ هَذَا قَبْلَ أَنْ تَأْتِيَنِي بِهِ يَا أَبَا وَهْبٍ ) ، فَقَطَعَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " .
رواه أبو داود (4394) والنسائي (4879) – واللفظ له – وصححه الألباني في "صحيح النسائي" .
ثالثا :
قول القائل : " لم يُقطع في تاريخ الخلافة الإسلامية حتى نهاية خلافة العباسيين في السرقة إلا تسعة فقط " ادعاء غير صحيح بالمرة ؛ فإن هذه الإحصائية لا يمكن حصرها لاتساع الممالك الإسلامية وكثرة البلاد والأمصار ، فيتعذر الإحصاء في كل هذه البلدان ، وعبر هذه الأزمنة المتطاولة ، ولم نعلم في التاريخ أن الخلفاء وولاتهم كانوا يحصون عدد المقطوعين في حد السرقة في كل بلد صغير أو كبير ، هذا أمر لا يمكن حصوله ، فضلا عن أن يقال : قد أحصوهم جميعا ، وهم تسعة !
والمقطوع به أن المقطوعين في حد السرقة خلال هذه المدة أكثر من ذلك بكثير جدا.
فهذا قول لا يلتفت إليه ولا يعول عليه .

ثم ما المعنى الذي يريده هذا القائل من وراء ذلك ، وقد ثبت في كتاب الله وسنة رسوله ، صلى الله عليه وسلم ، ولم يخالف في وجوبه أحد من أهل العلم والدين ؟!

وينظر للاستزادة : جواب السؤال رقم : (9935) ، (14312) .

والله تعالى أعلم .

المصدر

موقع الإسلام سؤال وجواب

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android