تنزيل
0 / 0

لا حرج في تحرير الصور لأغراض الكتب التعليمية

السؤال: 198531

هل يجوز تحرير الصور التي تحتوي على كائنات حيّة وهذه الصور عبارة عن رسومات توضيحية في أحد الكتب التعليمية للأطفال ؟
ففي هذه الصور أحتاج إلى تغيير بعض السمات ، كالإضاءة والخلفية والتباين …. الخ . ولن أحتاج إلى التغيير في الشكل أو المضمون ، كالأنف أو الشفتين أو الذراعين أو الجسد أو لون الجلد أو لون العين .. الخ .

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

اختلف أهل العلم في عصرنا ، في حكم هذه النازلة ، وأمثالها ؛ فذهب بعض أهل العلم
إلى تحريم صور ذوات الأرواح مطلقا .
ورخص بعضهم فيما ترجح فيه وجه المصلحة .
وقد سبق في موقعنا العديد من الفتاوى التي بينا فيها استثناء ألعاب الأطفال من حرمة
التصوير ، وأن ذلك من يسر الشريعة وتخفيفها ، ومراعاتها حاجة اللعب لدى الأطفال ،
مع انتفاء المحذور من التصوير ، فجاءت الأدلة الكثيرة على هذا الاستثناء . يمكن
مراجعتها في الفتوى رقم : (170060) ، (71170)
.
يقول الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :
” من نظر إلى عموم الرُّخصة ، وأنَّه قد يُرخَّص للصِّغار ما لا يُرخَّص للكبار ،
كما قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في باب السَّبْق ، لما ذكر بعض آلات اللهو
قال : إنه يُرخَّصُ للصِّغار ما لا يُرخَّصُ للكبار . لأن طبيعة الصِّغار اللهو ،
ولهذا تجد هذه الصُّور عند البنات الصِّغار كالبنات حقيقة ، كأنها ولدتها ، وربما
تكون وسيلة لها لتربِّي أولادها في المستقبل ، وتجدها تُسمِّيها أيضاً ، هذه فلانة
، وهذه فلانة . فقد يقول قائل : إنه يُرَخَّصُ لها فيها ـ يعني : الألعاب التي هي
دقيقة التَّصوير، وعلى صورة الإنسان تماماً ـ ؛ فأنا أتوقَّفُ في تحريمها ، لكن
يمكن التخلُّص من الشُّبهة بأن يُطمس وجهها ” .
انتهى من ” الشرح الممتع على زاد المستقنع ” (2/ 208) .
فإذا كانت حاجة اللعب لدى الطفل أجازت استعمال الصور ” المجسمة “، وقد كانت لدى
أطفال الصحابة الكرام أنواع من اللعب ، بل كانت بين يدي أم المؤمنين عائشة رضي الله
عنها أنواع من صور الحيوانات ومجسماتها ، كالخيل التي لها أجنحة ، فلما رآها النبي
صلى الله عليه وسلم سألها : ( مَا هَذا الذي عَليه ؟ قَالَت : جَنَاحَانِ . قَالَ :
فَرَسٌ لَه جَناحانِ ؟ ! قَالَت : أَمَا سَمِعتَ أَنَّ لِسُلَيمَانَ خَيْلًا لَهَا
أَجْنِحَةٌ ؟! قَالَت : فَضَحِكَ حَتَّى رَأَيتُ نَوَاجِذَه ) رواه أبو داود (4932)
وصححه العراقي في ” تخريج الإحياء ” (2/344) والألباني .
قالَ الحافظُ ابنُ حجر رحمه الله :
” استُدلَّ بهذا الحديثِ على جوازِ اتخاذِ صورِ البناتِ واللعب ، من أجلِ لَعِبِ
البناتِ بهن ، وخُصَّ ذلك من عمومِ النهي عن اتخاذِ الصور ، وبه جزمَ عياضٌ ، ونقله
عن الجمهورِ ، وأنهم أجازوا بيعَ اللعبِ للبناتِ لتدريبهن من صغرِهن على أمرِ
بيوتهِن وأولادهن ” .
انتهى من ” فتح الباري ” (10/527) .
فإذا كان هذا كله جائزا ؛ فمن باب أولى أن تجيز الشريعة الصور التعليمية الهادفة
التي يحتاجها الصغار في مدارسهم والكتب الخاصة بهم ؛ لأن ضرورة التعليم أولى من
حاجة الترفيه ، ولأن النفع العائد من هذه الصور أعظم وأجل من غيرها من اللعب ، فكان
قياس الأولى في هذه المسألة واضحا .
والحاصل : أنه لا حرج عليك في عملك في تحرير تلك الصور ، وإخراجها بالشكل الفني
المناسب ، خاصة إذا كانت الصور ” فوتوغرافية “، وليست رسما باليد ، فهذه لا تدخل في
تحريم التصوير أصلا .
جاء في ” ثمرات التدوين من مسائل ابن عثيمين ” لأحمد القاضي ` مسألة ( 33 )
(/7/1417هـ) قال : ” سألت شيخنا رحمه الله : ما حكم أفلام الكرتون التعليمية
للأطفال ؟ فأجاب : لا بأس بذلك للفائدة ، ولكونه يشغلهم عما يضرهم ” انتهى باختصار.

وفيه أيضا مسألة ( 35 ) ( 5/7/1417هـ ) قال : ” سئل شيخنا رحمه الله : ما حكم قصص
الأطفال التي تحمل رسوماً يدوية ؟ فأجاب : لا بأس بذلك ، لأنك وجدتها مرسومة ، وليس
مقصودك الصورة ” انتهى .
وفي ” لقاء الباب المفتوح ” سئل الشيخ رحمه الله السؤال الآتي :
” رجل ليس في بيته تلفاز ، وعنده ابن عمره أقل من ست سنوات ، وأم هذا الولد تلح على
زوجها بشراء جهاز فيديو وتلفاز ليستفيد هذا الطفل من هذه الأشرطة ، وتحفظه من اللعب
في الشارع ، مع أن الأشرطة دينية ، وبعضها كمثال تعليم الحروف الهجائية ، ولكن فيها
صور حيوانية متحركة ، وأصحاب الفيل ، وهكذا ؟
فأجاب بقوله :
لا بأس ، أرى أن يجيب زوجته لهذا ؛ لأنه يحفظ الطفل من الذهاب يميناً وشمالاً ، أو
عن الذهاب إلى الجيران ، ويوضع له أشرطة فيها خير له ، وكون الصور متحركة لا يضر ؛
لأن هذا التحرك تحرك فني حسبما صمم ، فلا أرى فيه بأساً ” انتهى .
وسئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :
كثير من الألعاب تحوي صورًا مرسومة باليد لذوات الأرواح ، والهدف منها غالبًا
التعليم ، مثل هذه الموجودة في الكتاب الناطق ، فهل هي جائزة ؟
فأجاب بقوله :
إذا كانت لتسلية الصغار ، فإن من أجاز اللعب للصغار : يجيز مثل هذه الصور .
على أن هذه الصور ليست أيضًا مطابقة للصورة التي خلق الله عليها هذه المخلوقات
المصورة ، كما يتضح مما هو أمامي . والخطب في هذا سهل ” .
انتهى من ” مجموع فتاوى ورسائل العثيمين ” (12/339) .
وسئل الشيخ ابن جبرين رحمه الله :
” ما حكم استخدام الصور لتعليم الطلاب الصم أمورهم الدينية مثل تعليمهم الصلاة ؟
فأجاب :
يجوز ذلك للحاجة الماسة ، فإن الصم البكم لا يسمعون ولا ينطقون ، فيلاقي المعلم
صعوبة في إفهامهم وإيصال المعلومات إلى أذهانهم ، ففي الصور المرسومة تقريب للمعنى
، ووسيلة إلى تصور المراد ، وإدراك المقصود منه ، كرسم القيام في الصلاة ، وقبض
اليدين على الصدر ، وكتابة اسم ( قيام )، ورسم الركوع وكتابة كلمة (ركوع) ، وهكذا
بقية الأعمال إذا توقف الفهم على الرسم واستخدام الصور المرسومة ، سواء على السبورة
، أو على ورقة ، ونحو ذلك ” .
انتهى من ” الفتاوى الشرعية في المسائل الطبية ” (1/ 77 ترقم الشاملة).
والله أعلم .

المصدر

موقع الإسلام سؤال وجواب

هل انتفعتم بهذه الإجابة؟

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android