ما صحة هذا الدعاء : ( اللهم أبطل عيني وحسدي ، وتعلق نفسي ممن أصبتهم بها ، بقصد أو غير قصد ) ؟
هل يصح الدعاء بمنع عينه وحسده عن الناس ؟
السؤال: 198616
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.
أولا :
لا نعرف لهذا الدعاء أصلا عن النبي صلى الله عليه وسلم ، ولا عن أحد من أصحابه ، ولا نعرف أحدا من علماء المسلمين ممن صنف في الأدعية والأذكار ذكره في كتابه ، فلا يشرع التزامه والدعاء به .
ثانيا :
الحسد من الصفات الذميمة التي يتنزه عنها المؤمن كما روى النسائي (3109) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( لَا يَجْتَمِعَانِ فِي جَوْفِ مُؤْمِنٍ : غُبَارٌ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَفَيْحُ جَهَنَّمَ ، وَلَا يَجْتَمِعَانِ فِي قَلْبِ عَبْدٍ : الْإِيمَانُ وَالْحَسَدُ ) وحسنه الألباني في “صحيح النسائي” .
وكما روى مسلم (2559) عَنْ أَبي هُرَيرَةَ رضي الله عنه أنه قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم : ( لاَ تَحَاسَدوا ، وَلاَتَنَاجَشوا ، وَلاَ تَبَاغَضوا ، وَلاَ تَدَابَروا … )
ومثل ذلك أيضا : الإصابة بالعين :
وقد روى ابن ماجة (3508) والحاكم (7497) عَنْ عَائِشَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ( اسْتَعِيذُوا بِاللَّهِ تَعَالَى مِنَ الْعَيْنِ فَإِنَّ الْعَيْنَ حَقٌّ ) وصححه الألباني في “صحيح ابن ماجة” .
وينظر للفائدة : جواب السؤال رقم : (167352) ورقم (163185) .
ولأجل ذلك شرع الاستعاذة بالله من العين ، والاستعاذة به من شر حاسد إذا حسد .
وكان النبي صلى الله عليه وسلم يعلم أصحابه ذلك :
وفي مسند الإمام أحمد (28/612ـ الرسالة) وغيره ، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لعقبة بن عامر الجهني : ( أَلَا أُخْبِرُكَ بِأَفْضَلِ مَا تَعَوَّذَ الْمُتَعَوِّذُونَ ؟ ) . قَالَ : قُلْتُ : بَلَى !! فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ ، وَقُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ : هَاتَيْنِ السُّورَتَيْنِ ) .
وفي رواية : ( مَا تَعَوَّذَ النَّاسُ بِأَفْضَلَ مِنْهُمَا ) .
ثانيا :
من وجد في نفسه شيئا من ذلك ، أو خشي أن تصيب عينه أحدا من المسلمين ، فالواجب عليه أن يجاهد نفسه في ذلك ، ويكفها عن السوء والأذى ، ويدفع شره عن المسلمين ما استطاع ، ويدعو ويبرك على ما يعجبه من شأن إخوانه ؛ كما روى أحمد (15700) والحاكم (7500) عَنْ عَامِرِ بْنِ رَبِيعَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: ( إِذَا رَأَى أَحَدُكُمْ مِنْ أَخِيهِ، أَوْ مِنْ نَفْسِهِ، أَوْ مِنْ مَالِهِ مَا يُعْجِبُهُ، فَلْيُبَرِّكْهُ فَإِنَّ الْعَيْنَ حَقٌّ ) وصححه الألباني في “الصحيحة” (2572)
ومن الدعاء المشروع في ذلك : أن يفتقر إلى الله أن يطهر قلبه من الآفات والأمراض :
وقد كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ مُنْكَرَاتِ الأَخْلَاقِ، وَالأَعْمَالِ وَالأَهْوَاءِ رواه الترمذي (3591) وحسنه ، وصححه الألباني .
وكان من دعائه الشريف ، صلى الله عليه وسلم ، أيضا : ( اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ سَمْعِي، وَمِنْ شَرِّ بَصَرِي، وَمِنْ شَرِّ لِسَانِي، وَمِنْ شَرِّ قَلْبِي، وَمِنْ شَرِّ مَنِيِّي ) يَعْنِي فَرْجَهُ .
رواه الترمذي (3492) وحسنه ، وصححه الألباني في “صحيح الترمذي” .
وفي دعاء آخر : ( اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الْفَقْرِ، وَالْقِلَّةِ، وَالذِّلَّةِ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ أَنْ أَظْلِمَ، أَوْ أُظْلَمَ ) رواه أبو داود (1544) وصححه الألباني .
وفي الحديث الآخر : ( اللهُمَّ عَالِمَ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ، فَاطِرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ – رَبَّ كُلِّ شَيْءٍ وَمَلِيكَهُ، أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ، أَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ نَفْسِي، وَشَرِّ الشَّيْطَانِ وَشِرْكِهِ ) رواه أحمد (51) وصححه محققو المسند .
وأما الدعاء المذكور في السؤال :
فلا حرج على العبد أن يدعو به لنفسه ، خاصة إذا وجد من نفسه شيئا من ذلك ، لكن الأولى به أن يتخير من دعاء النبي صلى الله عليه وسلم : ما يوافق حاله ، فهو أعظم بركة ، وأرجى للقبول .
فإن تخير لنفسه من الدعاء ما يعجبه ، الدعاء المذكور أو غيره مما كان معناه سليما مستقيما ، مناسبا للحال : فلا حرج عليه في ذلك ، لكن لا يجعله وردا ثابتا يلتزمه ، كما تلتزم الأوراد والأذكار الواردة عن النبي صلى الله عليه وسلم .
ولمزيد الفائدة ينظر جواب السؤال رقم : (122968) ورقم (141669) .
والله تعالى أعلم .
هل انتفعت بهذه الإجابة؟
المصدر:
الإسلام سؤال وجواب
موضوعات ذات صلة