لدي حديث أريد معرفة مدى صحته ، وهو عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال : قال نبي الله صلى الله عليه وآله وسلم : ( ينزل بأمتي في آخر الزمان بلاء شديد من سلطانهم لم يسمع بلاء أشد منه ، حتى تضيق عنهم الأرض الرحبة ، وحتى يملأ الأرض جورا وظلما ، لا يجد المؤمن ملجأ يلتجئ إليه من الظلم ، فيبعث الله عز وجل رجلا من عترتي ، فيملأ الأرض قسطا وعدلا ، كما ملئت ظلما وجورا ، يرضى عنه ساكن السماء وساكن الأرض ، لا تدخر الأرض من بذرها شيئا إلا أخرجته ، ولا السماء من قطرها شيئا إلا صبه الله عليهم مدرارا ، يعيش فيها سبع سنين أو ثمان أو تسع ، تتمنى الأحياء الأموات مما صنع الله عز وجل بأهل الأرض من خيره ) .
المزيد من الكلام على بعض الأحاديث الواردة في المهدي .
السؤال: 199014
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.
هذا الحديث رواه بتمامه الحاكم في “مستدركه” (8438) فقال رحمه الله :
أَخْبَرَنِي الْحُسَيْنُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى التَّمِيمِيُّ ، أَنْبَأَ أَبُو مُحَمَّدٍ الْحَسَنُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ حَيْدَرَ الْحِمْيَرِيُّ ، بِالْكُوفَةِ ، ثَنَا الْقَاسِمُ بْنُ خَلِيفَةَ ، ثَنَا أَبُو يَحْيَى عَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْحِمَّانِيُّ ، ثَنَا عُمَرُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ الْعَدَوِيُّ ، عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ قُرَّةَ ، عَنْ أَبِي الصِّدِّيقِ النَّاجِيِّ ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، قَالَ: قَالَ نَبِيُّ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( يَنْزِلُ بِأُمَّتِي فِي آخِرِ الزَّمَانِ بَلَاءٌ شَدِيدٌ مِنْ سُلْطَانِهِمْ لَمْ يُسْمَعْ بَلَاءٌ أَشَدُّ مِنْهُ ، حَتَّى تَضِيقَ عَنْهُمُ الْأَرْضُ الرَّحْبَةُ، وَحَتَّى يُمْلَأَ الْأَرْضُ جَوْرًا وَظُلْمًا، لَا يَجِدُ الْمُؤْمِنُ مَلْجَأً يَلْتَجِئُ إِلَيْهِ مِنَ الظُّلْمِ ، فَيَبْعَثُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ رَجُلًا مِنْ عِتْرَتِي ، فَيَمْلَأُ الْأَرْضَ قِسْطًا وَعَدْلًا ، كَمَا مُلِئَتْ ظُلْمًا وَجَوْرًا ، يَرْضَى عَنْهُ سَاكِنُ السَّمَاءِ وَسَاكِنُ الْأَرْضِ، لَا تَدَّخِرُ الْأَرْضُ مِنْ بَذْرِهَا شَيْئًا إِلَّا أَخْرَجَتْهُ، وَلَا السَّمَاءُ مِنْ قَطْرِهَا شَيْئًا إِلَّا صَبَّهُ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِدْرَارًا، يَعِيشُ فِيهَا سَبْعَ سِنِينَ أَوْ ثَمَانِ أَوْ تِسْعَ، تَتَمَنَّى الْأَحْيَاءُ الْأَمْوَاتَ مِمَّا صَنَعَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ بِأَهْلِ الْأَرْضِ مِنْ خَيْرِهِ ) .
وقال الحاكم عقبه :
” هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحُ الْإِسْنَادِ، وَلَمْ يُخْرِجَاهُ ” .
لكن في إسناده :
عمر بن عبيد الله : مجهول لم يوثقه أحد .
وعبد الحميد الحماني : قال ابن معين : كان ثقة ، ولكنه ضعيف العقل ، وضعفه أحمد ، وابن سعد ، والعجلي . انظر : “تهذيب التهذيب” (6/ 120)
والقاسم بن خليفة : شيعي مجهول الحال ، لم يوثقه أحد ، انظر : “الجرح والتعديل” (7/109)
والحسن بن إبراهيم بن حيدر : لم نجد له ترجمة .
ولذلك رد الذهبي تصحيح الحاكم لإسناده ، بقوله :
” إسناده مظلم ” انتهى .
فالحديث لا يثبت بهذا التمام ، وقد ضعفه الألباني في “تخريج المشكاة” (3/184) .
وقد رواه أيضا :
معمر في “جامعه” (20770) ومن طريقه البغوي في “شرح السنة” (15/85) ، ونعيم بن حماد في “الفتن” (1038) ، والعقيلي في “الضعفاء” (4/259) عن أَبِي هَارُونَ العبدي ، عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ قُرَّةَ ، عَنْ أَبِي الصِّدِّيقِ النَّاجِي، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ به مرفوعا .
وأبو هارون العبدي : متهم بالكذب ، كذبه حماد بن زيد ، وابن علية ، وابن معين ، والجوزجاني وغيرهم ، وقال شعبة : لأن أقدم فتضرب عنقي أحب إلي من أن أحدث عنه . انظر : “تهذيب التهذيب” (7/ 413) .
وقد جاء هذا الحديث مفرقا من طرق أخرى :
– أما صدره : فروى أبو نعيم في “تاريخ أصبهان” (1/ 112) عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( إِنَّهُ سَيُصِيبُ أُمَّتِي فِي آخِرِ الزَّمَانِ بَلَاءٌ شَدِيدٌ مِنْ سُلْطَانِهِمْ، لَا يَنْجُو فِيهِ إِلَّا رَجُلٌ عَرَفَ دِينَ اللَّهِ بِلِسَانِهِ وَقَلْبِهِ وَيَدِهِ … )
وهذا الحديث ذكره الألباني في الضعيفة (6725) وقال : ” ضعيف ” .
– وأما خروج المهدي ، الذي يملأ الأرض قسطا وعدلا : فثابت في أحاديث كثيرة ، من أشهرها ما رواه أحمد (11313) والحاكم (8669) عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى تُمْلَأَ الْأَرْضُ ظُلْمًا وَجَوْرًا وَعُدْوَانًا، ثُمَّ يَخْرُجُ مِنْ أَهْلِ بَيْتِي مَنْ يَمْلَؤهَا قِسْطًا وَعَدْلًا ، كَمَا مُلِئَتْ ظُلْمًا وَعُدْوَانًا ) صححه الحاكم على شرط الشيخين ووافقه الذهبي ، وقال الألباني في “الصحيحة” (4/40) : ” وهو كما قالا ” .
وانظر لأحاديث المهدي جواب السؤال رقم : (1252) .
– وأما قوله : ( يرضى عنه ساكن السماء وساكن الأرض ) فجاء في حديث أبي سعيد عند أحمد (11326) بسند ضعيف ، انظر “الضعيفة” (1588) .
– وأما قوله : ( لَا تَدَّخِرُ الْأَرْضُ مِنْ بَذْرِهَا شَيْئًا إِلَّا أَخْرَجَتْهُ، وَلَا السَّمَاءُ مِنْ قَطْرِهَا شَيْئًا إِلَّا صَبَّهُ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِدْرَارًا، يَعِيشُ فِيهَا سَبْعَ سِنِينَ أَوْ ثَمَانِ أَوْ تِسْعَ ) فله شاهد من حديث أبي سعيد أيضا عند الحاكم (8673) ولفظه : ( يَخْرُجُ فِي آخِرِ أُمَّتِي الْمَهْدِيُّ يَسْقِيهِ اللَّهُ الْغَيْثَ ، وَتُخْرِجُ الْأَرْضُ نَبَاتَهَا، وَيُعْطِي الْمَالَ صِحَاحًا ، وَتَكْثُرُ الْمَاشِيَةُ وَتَعْظُمُ الْأُمَّةُ ، يَعِيشُ سَبْعًا أَوْ ثَمَانِيًا ) يَعْنِي حِجَجًا .
صححه الحاكم ووافقه الذهبي ، وصححه الألباني في “الصحيحة” (711) .
ورواه أحمد (11163) من طريق زيد أبي الحواري عن أبي الصديق الناجي عن أبي سعيد مرفوعا ولفظه :
( يَخْرُجُ الْمَهْدِيُّ فِي أُمَّتِي خَمْسًا أَوْ سَبْعًا أَوْ تِسْعًا ) – زَيْدٌ الشَّاكُّ – ، ثُمَّ قَالَ: ( يُرْسِلُ السَّمَاءَ عَلَيْهِمْ مِدْرَارًا ، وَلَا تَدَّخِرُ الْأَرْضُ مِنْ نَبَاتِهَا شَيْئًا، وَيَكُونُ الْمَالُ كُدُوسًا ) .
وزيد ضعيف .
– أما قوله : ( تَتَمَنَّى الْأَحْيَاءُ الْأَمْوَاتَ مِمَّا صَنَعَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ بِأَهْلِ الْأَرْضِ مِنْ خَيْرِهِ )
فلم نجد له شاهدا .
والله تعالى أعلم .
هل انتفعت بهذه الإجابة؟
المصدر:
موقع الإسلام سؤال وجواب
موضوعات ذات صلة