تنزيل
0 / 0

علاج الكلاب من الإحسان الذي جاءت به الشريعة

السؤال: 199221

أنا طبيب بيطري ، وأرغب في فتح عيادة صغيرة للحيوانات ، وأريد أن أعرف حكم ما لو تعاملت مع كلب ، وحين أحاسب مالك الكلب على تكلفة الدواء والخدمة . فهل هذا المال حلال أم حرام؟

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

الإحسان إلى الحيوان من محاسن الأخلاق التي جاء الإسلام بها ، وتواترت في شأنها الأحاديث النبوية الشريفة ، من ذلك ما صح عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( بَيْنَا رَجُلٌ بِطَرِيقٍ ، اشْتَدَّ عَلَيْهِ العَطَشُ ، فَوَجَدَ بِئْرًا ، فَنَزَلَ فِيهَا ، فَشَرِبَ ثُمَّ خَرَجَ ، فَإِذَا كَلْبٌ يَلْهَثُ ، يَأْكُلُ الثَّرَى مِنَ العَطَشِ ، فَقَالَ الرَّجُلُ : لَقَدْ بَلَغَ هَذَا الكَلْبَ مِنَ العَطَشِ مِثْلُ الَّذِي كَانَ بَلَغَ مِنِّي ، فَنَزَلَ البِئْرَ فَمَلاَ خُفَّهُ مَاءً ، فَسَقَى الكَلْبَ ، فَشَكَرَ اللَّهُ لَهُ فَغَفَرَ لَهُ ) ، قَالُوا : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، وَإِنَّ لَنَا فِي البَهَائِمِ لَأَجْرًا ؟ فَقَالَ : ( فِي كُلِّ ذَاتِ كَبِدٍ رَطْبَةٍ أَجْرٌ ) رواه البخاري (2466) ومسلم (2244) .
يقول ابن بطال رحمه الله :
” في هذه الأحاديث الحض على استعمال الرحمة لجميع البهائم والرفق بها ، وأن ذلك مما يغفر الله به الذنوب ، ويكفر به الخطايا ، فينبغي لكل مؤمن عاقل أن يرغب في الأخذ بحظه من الرحمة ، ويستعملها في أبناء جنسه ، وفي كل حيوان ، فلم يخلقه الله عبثًا ، وكل أحد مسئول عما استرعيه وملكه من إنسان أو بهيمة لا تقدر على النطق وتبيين ما بها من الضر ، وكذلك ينبغي أن يرحم كل بهيمة وإن كانت في غير ملكه ، ألا ترى أن الذي سقى الكلب الذى وجده بالفلاة لم يكن له ملكًا ، فغفر الله له بتكلفه النزول في البئر ، وإخراجه الماء في خفه ، وسقيه إياه ، وكذلك كل ما في معنى السقي من الإطعام ، ألا ترى قوله عليه السلام : ( ما من مسلم غرس غرسًا فأكل منه إنسان أو دابة إلا كان له صدقة ) مما يدخل في معنى سقي البهائم وإطعامها التخفيف عنها في أحمالها ، وتكليفها ما تطيق حمله ، فذلك من رحمتها والإحسان إليها ، ومن ذلك ترك التعدي في ضربها وأذاها وتسخيرها في الليل وفي غير أوقات السخرة ” انتهى من ” شرح صحيح البخاري ” (9/ 219) .
ويقول الإمام النووي رحمه الله :
” ( في كل كبد رطبة أجر ) معناه : في الإحسان إلى كل حيوان حي بسقيه ونحوه : أجر ، ففي هذا الحديث الحث على الإحسان إلى الحيوان المحترم ، وهو ما لا يؤمر بقتله ، فأما المأمور بقتله فيمتثل أمر الشرع في قتله ، والمأمور بقتله الكلب العقور ، والفواسق الخمس المذكورات في الحديث وما في معناهن ، وأما المحترم فيحصل الثواب بسقيه والإحسان إليه أيضا بإطعامه وغيره ، سواء كان مملوكا أو مباحا ، وسواء كان مملوكا له أو لغيره ” .
انتهى من ” شرح مسلم ” (14/241) .
وعليه : فلا حرج عليك في علاج الكلاب التي يأتي بها الناس إلى عيادتك ، فأنت بذلك تقدم الإحسان والمعروف ، وإن احتسبت الأجر عند الله نرجو أن تنال الأجر العظيم الوارد في الحديث السابق ، ولا يضرك أن بعض من يأتي إليك لا يحل لهم اقتناء الكلب ، فلست مكلفا بالتفتيش عن كل زائر وسبب اقتنائه للكلب الذي جاءك به ، بل تقصد في عيادتك علاج الكلاب الجائز اقتناؤها ، ونصيحة من يقتنيها لغير حاجة بحرمة ذلك وضرره الصحي .
وعلى فرض كون أكثر الكلاب مما لا حاجة لاقتنائه فذلك لا يحرِّم علاجها أو فحصها والعناية بها ، وما ورد في السنة ، وسبق تقريره في الفتوى رقم : (159518) ، (171806) من قتل الكلاب إنما هو مقيد بالمؤذية بسبب عقرها أو شيطنتها ، فمثل هذا لا يجوز اقتناؤه ، ولا علاجه ، ولا العناية به ؛ لأن ذلك مضاد لمقصود الشارع من قتله ، وكف أذاه ، وأما غير المؤذية فلا تقتل ، بل يحسن إليها وتترك بحالها ، إلا ما جاز اقتناؤه مما توفرت له الحاجة ، كالصيد والحراسة ونحو ذلك .
وفي جميع الأحوال ننصحك بلبس القفازات ، والتوقي من رطوبتها من عرق أو لعاب أو بول ونحوه ، فكلها نجسة يجب غسلها سبع مرات إحداهن بالتراب ، كما سبق بيانه في موقعنا ، في الأجوبة الآتية : (13356) ، (41090) ، (46314) ، (119063) .
والله أعلم .

المصدر

موقع الإسلام سؤال وجواب

هل انتفعتم بهذه الإجابة؟

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android