لقد وقعتُ على هذا الحديث في الإنترنت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ( لو لم تكن الكلاب أمة من الأمم التي خلقها الله لأمرت بقتلها ، فاقتلوا منها كل أسود بهيم ) . أبو داود .
هل هذا الحديث صحيح ؟ ولماذا تقتل هذه الكلاب ؟ .
ما جاء في نسخ قتل الكلاب وسبب قتل الكلب الأسود
السؤال: 171806
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.
أولاً:
عن عبد الله بن مغفَّل عن النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم قال : ( لَوْلاَ أَنَّ الكِلاَبَ أمَّةٌ مِنَ الأمَمِ لأمَرْتُ بِقَتْلِهَا فَاقْتُلُوا كُلَّ أسْوَدَ بَهِيمٍ ) .
رواه الترمذي ( 1486 ) وصححه ، وأبو داود ( 2845 ) والنسائي ( 4280 ) وابن ماجه ( 3205 ) ، وصححه الألباني في ” صحيح الترمذي ” .
وقد جاء في أحاديث أخر قتل نوعين غير الأسود البهيم وهما :
1. الكلب الأسود ذو النقطتين البيضاوين .
عن جابر بن عبد الله رضي الله عنه قال : أمَرَنا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم بِقَتْلِ الكِلابِ ، حَتَّى إِنَّ المَرْأةَ تَقْدُمُ مِنَ البَادِيَةِ بِكَلْبِهَا فَنَقْتُلُهُ ، ثُمَّ نَهَى النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم عَنْ قَتْلِهَا ، وَقَالَ ( عَلَيْكُمْ بِالأسْوَدِ البَهِيمِ ذِي النُّقْطَتَيْنِ فَإنَّهُ شَيْطَانٌ ) .
رواه مسلم ( 1572 ) .
قال النووي – رحمه الله – : ” معنى ( البهيم ) : الخالص السواد ، وأما النقطتان : فهما نقطتان معروفتان بيضاوان فوق عينيه ، وهذا مشاهد معروف ” انتهى من ” شرح مسلم ” ( 10 / 237 ) .
2. الكلب العقور .
عن عائشة رضي الله عنها قالتْ : قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم ( خَمْسُ فَوَاسِقَ يُقْتَلْنَ في الحِلِّ وَالحَرَمِ : الغُرَابُ وَالحِدَأةُ وَالعَقْرَبُ وَالفَأرَةُ وَالكَلْبُ العَقُورُ ) .
رواه البخاري ( 3136 ) ومسلم ( 1198 ) ، وفي لفظ له ( الحيَّة ) بدلاً من ( العقرب ) ، وعنده – أيضاً تقييد الغراب بـ ( الأبقع ) ، وهو الذي فيه بياض .
قال الإمام مالك – رحمه الله – : ” إنَّ كلَّ ما عقر النَّاسَ وعدا عليهم وأخافهم مثل الأسد والنَّمِر والفهد والذئب : فهو الكلب العقور ” انتهى من ” الموطأ ” ( 1 / 446 ) .
ثانياً:
أما فقه الحديث فهو على ظاهره ، وهو من أمثلة الناسخ والمنسوخ ، فقد أمر النبي صلى الله عليه وسلم بقتل الكلاب كلها ، ثم نسخ الأمر بقتلها باستثناء الكلب الأسود البهيم ، وذي النقطتين ؛ والكلب العقور ، فإنه يجوز قتلها ؛ لما فيها من الضرر .
قال الخطابي- رحمه الله – : ” معنى هذا الكلام : أنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم كَرِه إفناءَ أمَّةٍ من الأمم ، وإعدامَ جيلٍ من الخَلْق حتى يأتي عليه كله فلا يبقى منه باقيةٌ ؛ لأنَّه ما مِن خلقٍ لله تعالى إلا وفيه نوعٌ مِن الحكمةِ وضربٌ من المصلحة ، يقول : إذا كان الأمر على هذا ولا سبيل إلى قتلهن كلهن : فاقتلوا شرارهن وهي السود البهم ، وأبقوا ما سواها ، لتنتفعوا بهن في الحراسة ” انتهى من ” معالم السنن ” – على هامش مختصر سنن أبي داود – ( 4 / 132 ) .
وقال القاضي عياض – رحمه الله – : ” عندي : أنَّ النهيَ أولاً كان نهياً عامّاً عن اقتناء جميعها ، وأمر بقتل جميعها ، ثم نهى عن قتل ما سوى الأسود ، ومنع الاقتناء في جميعها إلا كلب صيدٍ أو زرعٍ أو ماشيةٍ .
قال النووي : وهذا الذي قاله القاضي هو ظاهر الأحاديث ، ويكون حديث ابن مغفل مخصوصاً بما سوى الأسود ؛ لأنَّه عامٌّ ، فيُخص منه الأسود بالحديث الآخر ” انتهى من ” شرح مسلم ” للنووي ( 10 / 235 ، 236 ) .
والله أعلم
هل انتفعت بهذه الإجابة؟
المصدر:
الإسلام سؤال وجواب