نغتسل في المكان الذي نقضي فيها حاجتنا ، عندما أدخل للحمام (الإفرنجي) أجد بقايا البراز على أرضية الحمام ، وفي جنباته ، ورغم إهراقي للماء ، يبقى البراز في جنبات الحمام ، مما دفعني 3 مرات عندما استيقظت جنبا في وقت الفجر إلى التيمم بدل الغسل ، لكون الأمر يشق عليَّ ، إذ علي أن أغتسل للجنابة وكلما أصابني رذاذ الماء من أرضية : أعيد غسل جسمي .
وقد يطول الأمر كثيرا إذا ارتد الماء إلى دبري ، فتجدني أكثر من غسله ، علما أنني موسوس كثيرا ؛ فما حكم ذلك الماء ؟
علما أنني أهريق ماءً يقل عن قلتين فهو بذلك ينجس .
وإذا كنت مخطئا ، فهل أعيد صلاتي التي صليتها بالتيمم الصبح ؟ أم أعيد جميع الصلوات؟
وكخلاصة لسؤلي هل يجوز التيمم إذا لم يوجد مكان طاهر للغسل؟
هل له التيمم إذا لم يجد مكاناً طاهراً يغتسل فيه من الجنابة ؟
السؤال: 200335
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.
أولاً:
يكره عند العلماء الوضوء والاغتسال في المواضع النجسة ؛ لما في ذلك فتح باب الوسوسة.
جاء في ” الموسوعة الفقهية “(29/101) : ” لا خلاف بين الفقهاء في أن الوضوء والاغتسال في موضع نجس مكروه ، خشية أن يتنجس به المتوضئ أو المغتسل, وتوقي ذلك كله أولى , ولأنه يورث الوسوسة ففي الحديث : ( لا يبولن أحدكم في مستحمه , ثم يغتسل أو يتوضأ فيه , فإن عامة الوسواس منه ) ” انتهى.
ثانيا :
الواجب على من أصابته جنابة وأراد الصلاة أن يتطهر بالماء؛ لقوله تعالى: ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُؤُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُباً فَاطَّهَّرُوا ..) المائدة/6 .
ولا يجوز للمحدث أن يتيمم مع وجود الماء، إلا من عذر شرعي ، كمرض يخشى إن استعمل الماء أن يَهلك ، أو يزداد مرضه : فلا حرج عليه ـ حينئذ ـ من العدول عن استعمال الماء إلى التيمم؛ لقوله تعالى: ( وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ أَوْ لامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا ) سورة المائدة/6.
وينظر “الاستذكار” لابن عبد البر (1/278).
وأما ما جاء في السؤال ، فليس من الأعذار التي تبيح التيمم ، لإمكان إزالة تلك النجاسة التي وجدتها على المرحاض الإفرنجي بالماء مع استعمال أدوات التنظيف المساعدة في إزالة النجاسة، أو تغطية المرحاض بأي وسيلة كانت أثناء الاغتسال ، أو الابتعاد عنه ، ولن تعجز ـ إن شاء الله تعالى ، لا سيما وأن ما يصيب الحمام الأفرنجي من ذلك : يكون عادة يسيرا ، ويمكن إزالته ، أو التباعد منه ، كما سبق .
ونفس الأمر بالنجاسة التي يتوهم السائل أنها أصابت الأرض ، أو أصابت الجدران : فكل ما عليها أن يزيلها بأي مزيل لها ، أو يريق عليها الماء ، حتى يغلب على ظنها أن زالت .
ولا يلزمك أن تصب ماء قدر قلتين ، أو أكثر ؛ فإن الماء الوارد على النجاسة : يزيلها ويطهرها ، لا أن النجاسة هي التي تفسد الماء ، وإلا لم يتصور أن تزول النجاسة بماء أصلا ، وإنما تؤثر النجاسة في الماء : إذا كانت هي التي وردت عليها ، أو انفصل عنها ، وأما حين وروده على النجاسة : فإنه يبقى مزيلا مطهرا لها ، ولو لم يبلغ القلتين .
وإذا قدر أنها يابسة ، لا يزيلها الماء ، ولا آلة التنظيف : تباعد عنها . وهذا أمر يصعب تصوره للغاية .
وإذا قدر أنه قد أصابك شيء من هذه النجاسة ، وتيقنت من ذلك : فبإمكانك أن تغسل قدميك ، أو المكان الذي تيقنت أن النجاسة قد أصابته ، بعد الانتهاء من غسلك .
وهذا فيما إذا تيقنت أن النجاسة قد أصابتك ، كما سبق ، وأما مع مجرد التوهم أو الشك : فلا يلزمك شيء ، خاصة في حال من ابتلي بالوسوسة .
ثالثا :
الواجب عليك قضاء جميع الصلوات التي صليتها بالتيمم ؛ لقوله – صلى الله عليه وسلم -: ( لَا تُقْبَلُ صَلَاةٌ بِغَيْرِ طُهُورٍ وَلَا صَدَقَةٌ مِنْ غُلُولٍ ) رواه مسلم (224).
قال النووي رحمه الله : ” هَذَا الْحَدِيث نَصّ فِي وُجُوب الطَّهَارَة لِلصَّلَاةِ , وَقَدْ أَجْمَعَتْ الْأُمَّة عَلَى أَنَّ الطَّهَارَة شَرْط فِي صِحَّة الصَّلَاة ” انتهى من ” شرح مسلم ” .
ولا فرق بين من يصلي بلا طهارة أصلاً وبين من يصلي بالتيمم مع وجود الماء من غير عذر؛ لأن التيمم مع وجود الماء ، والقدرة على استعماله : لا عبرة به ، بل هو والعدم سواء .
والله أعلم .
هل انتفعت بهذه الإجابة؟
المصدر:
موقع الإسلام سؤال وجواب