0 / 0

اشترط والدها على زوجها تأجيل الحمل لحين انتهاء دراستها فحملت فطلب والدها إسقاط الجنين فهل تطيعه ؟

السؤال: 200968

أنا عمري 18 سنة ، متزوجة ، مشكلتي في أبي ، فقد كان معارضا فكرة الزواج عندما تقدم زوجي لخطبتي ، بحجة الدراسة ، وبعد الصلوات والدعاء وعدة محاولات : وافق أبي وتزوجنا، وكان شرط أبي للموافقة هو تأجيل الحمل 5 سنوات ، أي إلى ما بعد التخرج ، فوافقنا .

لم أستعمل موانع حمل ، فقط كنا نستخدم العزل ، لكن قدر الله وما شاء فعل فحملت .
بدأت أمي تضغط على زوجي من أجل إسقاط الجنين ، لكنه لم يوافق ، وهذا الصباح علم أبي بالخبر ، فثار غاضبا !!

أبي الآن مصر كل الإصرار على إسقاط الجنين ، وخيرني بين الحمل وبين الدراسة ؛ لأنه هو الذي يدفع تكاليف التدريس ، لأن زوجي لا يزال طالبا ، أيضا ، وقال إنه سيتبرأ مني ويسخط علي إن حافظت على الحمل .

وقال لي زوجي : إنه لا يستطيع الوقوف أمام أبي ، ومواجهته ، لأنه متسلط ، ويمكن أن يؤذينا !!
أنا الآن خائفة جدا ، لأنني أريد الحفاظ على جنيني ، وما زاد خوفي هو غضب الله ، فأنا حسب علمي : إسقاط الجنين بعد أربعين يوما ، هو قتل للنفس .

أنا حائرة ، لا أدري ماذا علي فعله ؟

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

أولا :
لا شك أن تحصيل الولد والذرية ، وتكثير نسل المسلمين : هو من أعظم مقاصد النكاح :
عَنْ مَعْقِلِ بْنِ يَسَارٍ رضي الله عنه قَالَ : ” جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَقَالَ : إِنِّي أَصَبْتُ امْرَأَةً ذَاتَ حَسَبٍ وَجَمَالٍ ، وَإِنَّهَا لَا تَلِدُ ؛ أَفَأَتَزَوَّجُهَا ؟
قَالَ : ( لَا !! ) ، ثُمَّ أَتَاهُ الثَّانِيَةَ ، فَنَهَاهُ !! ثُمَّ أَتَاهُ الثَّالِثَةَ ، فَقَالَ :
( تَزَوَّجُوا الْوَدُودَ الْوَلُودَ فَإِنِّي مُكَاثِرٌ بِكُمْ الْأُمَمَ ) .
رواه أبو داود (2050) والنسائي (3227) ، وصححه الألباني .
قال العظيم آبادي في شرحه :
( تَزَوَّجُوا الْوَدُود ) : أَيْ الَّتِي تُحِبّ زَوْجهَا ( الْوَلُود ) : أَيْ الَّتِي تَكْثُر وِلَادَتهَا . وَقَيَّدَ بِهَذَيْنِ لِأَنَّ الْوَلُود إِذَا لَمْ تَكُنْ وَدُودًا لَمْ يَرْغَب الزَّوْج فِيهَا , وَالْوَدُود إِذَا لَمْ تَكُنْ وَلُودًا لَمْ يَحْصُل الْمَطْلُوب وَهُوَ تَكْثِير الْأُمَّة بِكَثْرَةِ التَّوَالُد …
( فَإِنِّي مُكَاثِر بِكُمْ الْأُمَم ) : أَيْ مُفَاخِر بِسَبَبِكُمْ سَائِر الْأُمَم لِكَثْرَةِ أَتْبَاعِي . ” اهـ .
وينظر جواب السؤال : (13492) .
ثانيا :
إذا تبين أن تحصيل الولد هو من المقاصد الشرعية في النكاح ، بل هو من أعظم مقاصده ، فاشتراط ولي الزوجة على الزوج : ألا تنجب زوجته ، من غير عذر شرعي مقبول ، كمرض بها ، أو نحو ذلك : هو شرط باطل ، لا يحل له اشتراطه ابتداء ، وإذا تعنت واشترطه ، فلا يلزم الزوج أن يوفي به ، ولا عبرة به ، خاصة إذا لم يكن مذكورا في أصل عقد النكاح .
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( مَا بَالُ رِجَالٍ يَشْتَرِطُونَ شُرُوطًا لَيْسَتْ فِي كِتَابِ اللَّهِ مَا كَانَ مِنْ شَرْطٍ لَيْسَ فِي كِتَابِ اللَّهِ فَهُوَ بَاطِلٌ وَإِنْ كَانَ مِائَةَ شَرْطٍ ، قَضَاءُ اللَّهِ أَحَقُّ وَشَرْطُ اللَّهِ أَوْثَقُ ، وَإِنَّمَا الوَلاَءُ لِمَنْ أَعْتَقَ ) .
رواه البخاري (2727) ومسلم (1504) من حديث عائشة .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :
” وَالشُّرُوطُ إنْ وَافَقَتْ كِتَابَ اللَّهِ كَانَتْ صَحِيحَةً . وَإِنْ خَالَفَتْ كِتَابَ اللَّهِ كَانَتْ بَاطِلَةً . كَمَا ثَبَتَ فِي الصَّحِيحَيْنِ …
وَهَذَا الْكَلَامُ : حُكْمُهُ ثَابِتٌ فِي الْبَيْعِ ، وَالْإِجَارَةِ ، وَالْوَقْفِ ، وَغَيْرِ ذَلِكَ ، بِاتِّفَاقِ الْأَئِمَّةِ ” . انتهى من “إقامة الدليل على بطلان التحليل” (354) .
وينظر جواب السؤال رقم : (94454) ، ورقم : (97478) .
ثالثا :
إذا قدر أنه يمكن الالتزام بهذا الشرط ، لسبب ما ، أو عذر ، أو رغب الزوجان في تأخير الإنجاب ، لعذر خاص بهما ، فإن ذلك إنما يكون قبل حصول الحمل فعليا ، أو قبل أن تنفخ فيه الروح على أقصى تقدير ممكن في التساهل ، وأما بعد نفخ الروح ، فلا يحل لهما ـ قطعا ـ أن يقدما على الإجهاض ، لأجل ذلك الشرط الباطل .
وكذلك : لو كان الإسقاط بعد الأربعين يوما ، ولو قبل نفخ الروح ، إلا لمبرر شرعي لذلك .
جاء في “فتاوى اللجنة الدائمة” (21/450) : ” الأصل في حمل المرأة أنه لا يجوز إسقاطه في جميع مراحله إلا لمبرر شرعي ، فإن كان الحمل لا يزال نطفة وهو ما له أربعون يوماً فأقل ، وكان في إسقاطه مصلحة شرعية أو دفع ضرر يتوقع حصوله على الأم جاز إسقاطه في هذه الحالة ، ولا يدخل في ذلك الخشية من المشقة في القيام بتربية الأولاد أو عدم القدرة على تكاليفهم أو تربيتهم أو الاكتفاء بعدد معين من الأولاد ونحو ذلك من المبررات الغير شرعية .
أما إن زاد الحمل عن أربعين يوماً حرم إسقاطه ، لأنه بعد الأربعين يوماً يكون علقة وهو بداية خلق الإنسان ، فلا يجوز إسقاطه بعد بلوغه هذه المرحلة حتى تقرر لجنة طبية موثوقة أن في استمرار الحمل خطراً على حياة أمه ، وأنه يخشى عليها من الهلاك فيما لو استمر الحمل ” انتهى .
وينظر جواب السؤال رقم : (82334)، ورقم : (171943) .
رابعا :
الواجب على زوجك أن يقوم هو بواجبه تجاهك ، ويتحمل نفقات زوجته اللازمة لها ، من مطعم ، ومسكن ، وغير ذلك من النفقات اللازمة لمثلها .
وليس من المناسب ، لا لك ولا له : أن تظلا عالة على غيركم ، ولو كان هذا الغير هو والدك أنت ، فقد رأيتِ كيف يرغب في التحكم بكم لأجل نفقته !!
وعلى أية حال :
فليس هناك مسوغ شرعي لتسلط والدك ، وإلحاحه على تسقيط الجنين ؛ فلا تطيعيه في ذلك ؛ فإنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق ، وغضبه في مثل هذه الحال عليك : إنما وباله على نفسه ، لا عليك ، فعصيان أمره في ذلك ليس من عقوقه في شيء ، بل هو من تقديم طاعة الله على طاعته في معصية أمر الله ، فلا يقلقك هذا الأمر ؛ فقط أطيعي ربك في ذلك الأمر ، وفي غيره ، وأحسني لزوجك .
وينظر جواب السؤال رقم : (166428) .
وحينئذ ؛ فإذا قدر أنه حصل ما هدد به ، أو ما يتوقع منه : من قطع نفقته عليك لأجل الجنين ؛ فليجتهد الزوج ، مع أسرته في تعويض تلك النفقة ، ولو بعمل إضافي ؛ فإن لم يمكن ذلك ، فنحن نرى ترجيح جانب الحياة الزوجية ، والمحافظة على بيتك وأسرتك ، فضلا عن الجنين الذي في بطنك الذي يحرم عليك العدوان عليه ، ولو أدى ذلك إلى ترك الدراسة بالكلية ، فما الذي سيحدث من جراء ذلك ؟
لا شيء !!
وما الثمرة الكبيرة العظيمة التي تحمل امرأة متزوجة على الاستمرار في دراسة مختلطة ، كما هو المتوقع ، وفيها ما فيها ، ثم ترتكب لأجلها إسقاط جنينها ؟!
وأما تهديده بالسخط ونحو ذلك ، فلا عبرة به ، لأن رضا الرحمن مقدم على رضاه ، ومن طلب رضا الله بسخط الناس : رضي الله عنه ، وأرضى عنه الناس .
والمأمول من كرم الله وفضله ، أن يقيكم شره وأذاه ، وأن يعود سخطه عليكم رضا بعد ذلك .
والله أعلم .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر

موقع الإسلام سؤال وجواب

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android