تنزيل
0 / 0

هل يصح إطلاق القول بأن النبي صلى الله عليه وسلم أوتي جمال الكون ؟

السؤال: 201029

ما المقصود تحديداً بأن الرسول صلى الله عليه وسلم أوتي جمال الكون ؟

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

أولا :
حب النبي صلى الله عليه وسلم وذِكره بالأوصاف الحسنة خَلقا وخُلقا من الإيمان ،
ولكن الغلو في الإطراء فيه مما نهى عنه صلى الله عليه وسلم ، فأخرج البخاري (3445)
عن عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، قال: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ يَقُولُ: ( لاَ تُطْرُونِي ، كَمَا أَطْرَتْ النَّصَارَى ابْنَ مَرْيَمَ
، فَإِنَّمَا أَنَا عَبْدُهُ ، فَقُولُوا عَبْدُ اللَّهِ ، وَرَسُولُهُ ) .
والإطراء : الإفراط في المدح ومجاوزة الحد فيه .
وروى الإمام أحمد (12551) عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ ، أَنَّ رَجُلًا قَالَ : يَا
مُحَمَّدُ يَا سَيِّدَنَا وَابْنَ سَيِّدِنَا ، وَخَيْرَنَا وَابْنَ خَيْرِنَا ،
فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( يَا أَيُّهَا النَّاسُ
عَلَيْكُمْ بِتَقْوَاكُمْ ، لَا يَسْتَهْوِيَنَّكُمُ الشَّيْطَانُ ، أَنَا
مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ عَبْدُ اللهِ وَرَسُولُهُ ، وَاللهِ مَا أُحِبُّ أَنْ
تَرْفَعُونِي فَوْقَ مَنْزِلَتِي الَّتِي أَنْزَلَنِي اللهُ ) .
وصححه الألباني في “الصحيحة” (1097) .
والحديث في هذا الباب كثيرة .
ثانيا :
كان النبي صلى الله عليه وسلم أجمل الناس صورة ، وأبهاهم منظرا .
فروى البخاري (3549) ، ومسلم (2337) عن البَرَاءَ ، قال : ( كَانَ رَسُولُ اللَّهِ
صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : أَحْسَنَ النَّاسِ وَجْهًا وَأَحْسَنَهُم
خَلْقًا ) .
وروى الترمذي (2811) وحسنه ، عَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ قَالَ : ( رَأَيْتُ
رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي لَيْلَةٍ إِضْحِيَانٍ –
مضيئة – فَجَعَلْتُ أَنْظُرُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ وَإِلَى القَمَرِ وَعَلَيْهِ حُلَّةٌ حَمْرَاءُ ، فَإِذَا هُوَ عِنْدِي
أَحْسَنُ مِنَ القَمَرِ ) .
وروى البخاري (3556) ، ومسلم (2769) عن كَعْب بْن مَالِكٍ رضي الله عنه قال : (
كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا سُرَّ اسْتَنَارَ
وَجْهُهُ ، حَتَّى كَأَنَّهُ قِطْعَةُ قَمَرٍ، وَكُنَّا نَعْرِفُ ذَلِكَ مِنْهُ ) .
وينظر إجابة السؤال رقم : (10452)
.

وقد أوتي صلى الله عليه وسلم
من كمال الصفات الحسنة والأخلاق السامية ، مع ما كان عليه من تمام التقوى وعبادة
الله وخشيته ما لا مزيد عليه ، ولا ما يقاربه فيه أحد
فروى البخاري (6203) ، ومسلم (659) عَنْ أَنَسٍ، قَالَ: ( كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى
اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَحْسَنَ النَّاسِ خُلُقًا ) .
وروى البخاري (2820) ، ومسلم (2307) عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: (
كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَحْسَنَ النَّاسِ ، وَأَشْجَعَ
النَّاسِ ، وَأَجْوَدَ النَّاسِ ) .
قال الحافظ رحمه الله :
” فَجَمَعَ صِفَاتِ الْقُوَى الثَّلَاثِ الْعَقْلِيَّةِ وَالْغَضَبِيَّةِ
وَالشَّهْوَانِيَّةِ ، فَالشَّجَاعَةُ تَدُلُّ عَلَى الْغَضَبِيَّةِ ، وَالْجُودُ
يَدُلُّ على الشهوانية ، وَالْحُسْنُ تَابِعٌ لِاعْتِدَالِ الْمِزَاجِ
الْمُسْتَتْبِعِ لِصَفَاءِ النَّفْسِ الَّذِي بِهِ جَوْدَةُ الْقَرِيحَةِ الدَّالِّ
عَلَى الْعَقْلِ ، فَوُصِفَ بِالْأَحْسَنِيَّةِ فِي الْجَمِيعِ ” انتهى .

ثالثا :
مع ما سبق تقريره : فإن إطلاق القول بأنه صلى الله عليه وسلم أوتي جمال الكون :
إطلاق غير معهود في نصوص الشرع ، ولا في كلام أهل العلم ، ثم إنه إطلاق فيه نظر ؛
فإن الجمال في الكون نسبي ، فللإنسان جمال يخصه ، وللحيوان جمال يخصه ، وللطيور
جمال يخصها ، وللنبات جمال يخصه ، وللبنيان جمال يخصه ، وللأفلاك جمال يخصها ،
وهكذا .
وقد أوتي النبي صلى الله عليه وسلم من جمال البشر ما يليق بمثله صلى الله عليه وسلم
: فكان أكملهم في خَلْق ، وفي خُلُق ؛ وما سوى ذلك زيادات من استهواء الشياطين
للبشر ، واستجرائهم لهم ، ولا حاجة إليها ، ثم لا تعلق لها بشيء من علم نافع ، ولا
عمل صالح .

وينظر : إجابة السؤال رقم :
(4509) .
والله أعلم .

المصدر

موقع الإسلام سؤال وجواب

هل انتفعتم بهذه الإجابة؟

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android