0 / 0

هل يحل بدل نفقات حضور حفل التخرج المشتمل على بعض المنكرات ؟

السؤال: 201144

أنا طالب مبتعث للدراسة خارج البلاد ، وقد دُعيت مِن قِبَل السفارة لحضور حفل التخرج ، ولكني فوجئت أن الحفل فيه منكرات كالموسيقى واختلاط الرجال بالنساء… السؤال : هل يجوز لي أن آخذ تعويضا عن الحضور للمواصلات والسكن . علما بأنهم يعوضوننا عن قيمة تذكرة السفر ، ويعطون مبلغا محددا للسكن لكل من ثبت حضوره للحفل . علما بأني لم أكن أتوقع أن يشتمل الحفل على محاذير شرعية عندما ذهبت إليه ؟

ملخص الجواب

والحاصل : أنه لا يظهر لنا حرج في أخذ بدل السفر والسكن ، ما دمت قد سافرت ، وسكنت هناك فعلا ، وأما تركك للحفل ، فإنما كان لأجل عذر شرعي ، لا يسقط استحقاقك المادي . والله أعلم .

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

بداية نسأل الله تعالى لك الأجر والمثوبة ، والسداد والتوفيق في مسيرتك العلمية ، ونبارك لك تخرجك ، كما نبارك لأمثالك من الشباب الحريصين على الانتماء لأمتهم والاستقامة على دينهم.
وأما عن سؤالك : فإذا كنت قد حضرت الحفل فعلا ، فوجدت فيه من المخالفات ما لا يجوز إقراره ، والشهادة عليه : فلا حرج عليك في طلب بدل المواصلات والسكن ، فقد ثبت حضورك الحفل ، ولكنك لم تكمله معهم ، وهم لا يشترطون إتمام الحضور ، بل إثباته ، ولهذا ينطبق الشرط عليك ، وعدم استكمالك الحضور إنما كان لعذر شرعي ، وهو أولى من أي عذر خاص يمكن أن يلحق الطالب في حضوره ، لمرض مفاجئ مثلا أو حادث طارئ ، وما أشبه ذلك من الأعذار التي تمنح الطالب الحق في قبض نفقات الإقامة والمواصلات لأجل هذا الحفل .
وغالب الظن أن السفارة لا تشترط إثبات حضور الحفل من أوله إلى آخره ، بل ستقدر أن سفر الطالب إلى مكان إقامة الحفل، وتجشمه العناء للمشاركة كاف لمساعدته ، وتقديم العون له ؛ فقد لا يستدل على العنوان ، أو يطرأ له عذر بعد استعداده للحضور ، لذلك نقول لك إنه لا حرج عليك في قبض تلك التعويضات .
وأما إذا كان إشكالك عن تأثير ما وقع في الحفل من محرمات على أي مال يُقبض في سبيله ، فليست قضية إشكالية في رأينا أيضا ، ذلك أن الحفل في أصله حفل مباح ، يقام لغرض مباح ، وهو الفرح بتخرج الطلاب واكتمال مشوارهم التعليمي في هذه المرحلة، والحرام الطارئ ، أو العارض ، لا يؤثر في الحكم على الأصل نفسه ، فالموسيقى أو الاختلاط أو التبرج الذي قد يصاحب الحفل المباح في أصله لا يجعل الحفل نفسه محرما ، تماما كما أن بيع الدخان مثلا في البقالة لا يجعل إنشا البقالة من أصله محرما ، ولا يحرم بيع شيء من المباحات فيها ؛ بل لا بد من التفصيل ، والنظر في الأمور بميزان الإنصاف والاعتدال . يقول الإمام الشاطبي رحمه الله : ” لا يخرج العارضُ تلك الأمور عن أصولها ؛ لأنها أصول الدين ، وقواعد المصالح ، وهو المفهوم من مقاصد الشارع ، فيجب فهمها حق الفهم ” انتهى من ” الموافقات ” (5/199). وجاء في ” تهذيب الفروق ” (1/147): ” ربما خُفِّفَ الأمرُ في الحرام العارض ” انتهى.
أما لو أقيم احتفال مثلا بمناسبة عيد لغير المسلمين ، أو بمناسبة صدور قانون يناقض الشريعة ، أو غير ذلك من الأهداف المحرمة في نفسها ، فمثل هذه الاحتفالات هي التي نحكم عليها بأنها غير مشروعة في أصلها ، فلا يحل قبض بدل نفقات حضورها .
وهذا التفريق بين الحرام الأصلي ، والحرام الطارئ ، وأثره على الحكم الشرعي ، أمر مستقر في فروع الفقه الإسلامي ، ومثاله لو أجرت بيتا لمن يسكن فيه ، فوقع خلال سكنه في بعض المحرمات ، فلا إثم على المؤجر ؛ لأن الحرام طارئ ، بخلاف ما لو أجرت المنزل لغرض تحويله إلى مصنع خمر مثلا ، فهذا تأجير محرم .
يقول ابن الهمام رحمه الله – ناقلا عن بعض كتب الحنفية -:
” إذا استأجر الذمي من المسلم دارا ليسكنها فلا بأس بذلك ; لأن الإجارة وقعت على أمر مباح فجازت ، وإن شرب فيها الخمر ، أو عبد فيها الصليب ، أو أدخل فيها الخنازير : لم يلحق المسلم في ذلك شيء ; لأن المسلم لم يؤاجرها لها ، إنما أجر للسكنى ، فكان بمنزلة ما لو أجر دارا من فاسق : كان مباحا ، وإن كان قد يعصي فيها ” انتهى من ” فتح القدير ” (10/ 60) .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر

موقع الإسلام سؤال وجواب

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android