تنزيل
0 / 0
76,64201/09/2014

يسأل عن الليبرالية

السؤال: 201335

أود أن أعرف ما هو رأي الإسلام في الليبرالية ، وما أقصد الصورة التي يرسلها الأشخاص ، أقصد المعنى والمبدأ نفسه ؟

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

أولا : مقدمة في تعريف الليبرالية ونشأتها

الليبرالية مصطلح أجنبي معرب مأخوذ من
(Liberalism)
في الإنجليزية ، وهي تعني ” التحررية “. وهي مذهب فكري يركز على الحرية الفردية ،
ويرى وجوب احترام استقلال الأفراد ، ويعتقد أن الوظيفة الأساسية للدولة هي حماية
حريات المواطنين ، مثل حرية التفكير ، والتعبير ، والملكية الخاصة ، والحرية
الشخصية وغيرها. 

ولهذا يسعى هذا المذهب إلى وضع القيود على السلطة ، وتقليل دورها ، وإبعاد الحكومة
عن السوق ، وتوسيع الحريات المدنية. 

ويقوم هذا المذهب على أساس علماني يعظم الإنسان ، ويرى أنه مستقل بذاته في إدراك
احتياجاته .

تقول ” الموسوعة الأمريكية الأكاديمية “: إن النظام الليبرالي الجديد ( الذي ارتسم
في فكر عصر التنوير ) بدأ يضع الإنسان بدلا من الإله في وسط الأشياء ، فالناس
بعقولهم المفكرة يمكنهم أن يفهموا كل شيء ، ويمكنهم أن يطوروا أنفسهم ومجتمعاتهم ،
عبر فعل نظامي وعقلاني
.

ويقول جميل صليبا : مذهب الحرية
(Liberalism)
مذهب سياسي فلسفي ، يقرر أن وحدة الدين ليست ضرورية للتنظيم الاجتماعي الصالح ، وأن
القانون يجب أن يكفل حرية الرأي والاعتقاد
.

نشأت الليبرالية كردة فعل غير واعية بذاتها ، ضد مظالم الكنيسة والإقطاع ، ثم تشكلت
في كل بلد بصورة خاصة ، وكانت وراء الثورات الكبرى في العالم الغربي ( الثورة
الإنجليزية ، والأمريكية ، والفرنسية )، ولكن نقاط الالتقاء لم تكن واضحة بدرجة
كافية ، وهذا يتبين من تعدد اتجاهاتها وتياراتها
.

تقول الموسوعة البريطانية : نادراً ما توجد حركة ليبرالية لم يصبها الغموض ، بل إن
بعضها تنهار بسببه
.

وإذا ذكر اسم ” الليبرالية ” فإنه – كما يقول رسل – : تسمية أقرب إلى الغموض ،
يستطيع المرء أن يدرك في ثناياها عددا من السمات المتميزة
.

ومن أهم أسباب غموض مصطلح الليبرالية غموض مبدأ الحرية ، فكثرة كلام الناس فيه ، لا
يمكن تحديده وضبطه ، لأن أصحاب الأفكار المختلفة في الحرية الليبرالية يعتمد كل
واحد منهم على ” الحرية ” في الوصول لفكرته…….

وقد خرجت أفكار مضادة لليبرالية ، من رحم الحرية التي تعتبر المكون الأساسي
لليبرالية ، مثل الفاشية ، والنازية ، والشيوعية ، فكل واحدة من هذه المذاهب تنادي
بالحرية ، وتعتبر نفسها الممثل الشرعي لعصر التنوير ، وتتهم غيرها بأنه ضد الحرية. 
وقد حصل التنازع بين اتجاهات الليبرالية في تكييف ” الحرية “، والبرامج المحققة لها
، ومن هذا المنطلق جاء المفهوم السلبي ، والمفهوم الإيجابي للحرية. 

ثانيا : تسلل الليبرالية إلى الفكر الإسلامي

كل المذاهب التي ظهرت في أوروبا في العصر الحديث : خرجت من الفكر العقلاني الذي
يعتقد باستقلال العقل في إدراك المصالح الإنسانية في كل أمر ، دون الحاجة إلى الدين. 
فالليبرالية حقيقة مركبة تركيبا تاما من ” الحرية الفردية العقلانية “، ولكون هذه
الأسس المكونة لحقيقتها مجملة ، تعددت تصورات الليبراليين في تفصيلاتها الفكرية ،
فضلا عن آثارها العملية ، والطريقة التطبيقية أثناء العمل السياسي أو الاقتصادي
.

ونلاحظ : أن الاعتماد على العقل ، وتحييد الدين : جاء بصورة متدرجة ، ولكنه استحكم
في عصر التنوير ، وزاد ترسيخه كمصدر وحيد للمعرفة في القرن التاسع عشر ، الذي هو
قمة الهرم الليبرالي .

وقد أصبح الاعتماد على العقل المجرد ، وإقصاء الدين والقيم والأخلاق : سمة من أبرز
سمات الفكر الأوروبي المعاصر .

تسللت الليبرالية إلى البلاد الإسلامية من خلال ” الجمعيات السرية ” التي كونها
أفراد تأثروا بالفكر الغربي وانبهروا بحضارته المادية. وقد كانت بقية الأمة
الإسلامية ثابتة على دينها لا تحتاج إلى الأفكار والنظم الغربية ، وهي معتزة بدينها
، واثقة بصحته وصلاحيته للحكم والعمل في كل زمان ومكان
.

ولكن وجدت عوامل أضعفت ثقة الأمة بدينها ، وهيأت المجتمع الإسلامي لتقبل الليبرالية
وعدم مقاومتها .

وهذه العوامل هي : الانحراف العقدي ، والاستبداد السياسي ، والجمود والتقليد .

وهي ليست أسبابا مباشرة في وجود الليبرالية ، ولكن هذه العوامل أوجدت أرضية متقبلة
، ومناخا مناسبا للرضى بالليبرالية ، والسكوت عليها. 

ولا شك أن السبب المباشر لدخول الليبرالية في العالم الإسلامي هو ” الاستعمار
وأذنابه ” من دعاة التغريب ، والمنبهرين بالحضارة الغربية ، ولكن دخولها لم يكن له
أن يتم ، لولا وجود عوامل معينة ساعدت على عدم الوقوف الجاد في وجه هذه الأفكار
الإلحادية .

ويجمع هذه العوامل ” الانحراف “، وقد تم هذا الانحراف على يد الفرق الضالة كالمرجئة
والصوفية ودعاة المذهبية ، فهذه الانحرافات ساعدت على وجود الفكر الليبرالي عندما
قدم مع الاستعمار ، وقد استغل المستعمرون هذه الانحرافات أبشع استغلال ، ووظفوها في
خدمة أهدافهم. 
ولما احتلت بلاد المسلمين فرضت الليبرالية عليها في النظام السياسي والاقتصادي ،
ولما رأى الاحتلال عدم تقبل المسلمين لأي أمر غير مرتبط بالإسلام جاء بفكرة ” تطوير
الإسلام وتحديثه “، ومن هذه الفكرة خرج ” مشروع الإسلام الليبرالي
“.

ثالثا : أفكار الليبرالية وعقائدها


تقديس العقل في مقابل التهوين من شأن النصوص .


تقديم المصلحة المتوهمة على النص
؛ حيث
اعتقدوا أن العقل له الصلاحية الكاملة والأهلية التامة في أن يستقل بإدراك المصالح
والمفاسد ، بعيدا عن نور الوحي .

3ـ دعوى تعدد قراءات النص الواحد؛ فالفلسفة المعاصرة أخذت في بعض تقاريرها بهذا
المذهب الفاسد ، فصححوا كل الأديان والمذاهب الباطلة ، ولم يجعلوا لنصوص القرآن
والسنة منزلة ولا حرمة .

4.
القطيعة التامة مع
مصادر التلقي والاستدلال عند المسلمين والتزهيد , بل التشويه المتعمد للتراث
الإسلامي عقيدة وشريعة
 .

5. إحياء التراث الفلسفي والعقلي ، على حساب التراث النقلي .

6. الهزيمة النفسية أمام الأعداء من خلال إلغاء أصول الولاء والبراء ، وقواعد
الجهاد ، والترويج بأن المسلمين متخلفون , ولا يمكن أن يتقدموا أبدا .

7. طمس معالم
الأخلاق الإسلامية , وذلك عن طريق الانحلال والتفسخ الأخلاقي

8. إقصاء الشريعة عن الحكم وعزلها عن الحياة , وحصرها في نطاق المسجد والعبادات
الشخصية , وهو ما يعرف بـ (العلمانية) أو اللادينية .

فالدعوة الليبرالية في حقيقتها هي : العلمانية
, وإن وجد فاصل بينهم فهو رقيق جدا ، وكأنهما وجهان لعملة واحدة ، واسمان لمسمى
واحد.

ما سبق جميعه باختصار من
” موسوعة المذاهب الفكرية المعاصرة ”
في موقع ” الدرر
السنية “:


http://www.dorar.net/enc/mazahib/238

رابعا : الحكم الشرعي لهذا المذهب الفكري

ومما سبق يتبين لنا أن الليبرالية بهذا المفهوم الذي يشرحه المفكرون والمؤرخون ،
تشتمل على الكثير مما يخالف الإسلام .

وقد سئل فضيلة الشيخ صالح الفوزان السؤال الآتي :

ما قول فضيلتكم في الدعوة إلى الفكر الليبرالي في البلاد الإسلامية . وهو الفكر
الذي يدعو إلى الحرية التي لا ضابط لها إلا القانون الوضعي ، فيساوي بين المسلم
والكافر بدعوى التعددية ، ويجعل لكل فرد حريته الشخصية التي لا تخضع لقيود الشريعة
كما زعموا ، ويحاد بعض الأحكام الشرعية التي تناقضه ؛ كالأحكام المتعلقة بالمرأة ،
أو بالعلاقة مع الكفار ، أو بإنكار المنكر ، أو أحكام الجهاد .. الخ الأحكام التي
يرى فيها مناقضة لليبرالية . وهل يجوز للمسلم أن يقول : ( أنا مسلم ليبرالي ) . وما
نصيحتكم له ولأمثاله ؟

فأجاب بقوله :

المسلم هو المسلم لله بالتوحيد ، المنقاد له بالطاعة ، المتبرئ من الشرك وأهله .

فالذي يريد الحرية التي لا ضابط لها إلا القانون الوضعي : هذا متمرد على شرع الله ،
يريد حكم الجاهلية وحكم الطاغوت ، فلا يكون مسلماً .

والذي ينكر ما علم من الدين بالضرورة ، من الفرق بين المسلم والكافر ، ويريد الحرية
التي لا تخضع لقيود الشريعة ، وينكر الأحكام الشرعية من الأحكام الشرعية الخاصة
بالمرأة ، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، ومشروعية الجهاد في سبيل الله : هذا
قد ارتكب عدة نواقض من نواقض الإسلام ، نسأل الله العافية .

والذي يقول : ( إنه مسلم ليبرالي ) : متناقض إذا أريد بالليبرالية ما ذُكر ، فعليه
أن يتوب إلى الله من هذه الأفكار ليكون مسلماً حقا ” انتهى من الرابط الآتي :


http://www.alfawzan.af.org.sa/node/2350

وانظر أيضا :


http://www.alfawzan.af.org.sa/node/2349


http://www.alfawzan.af.org.sa/node/9919

والله أعلم 

المصدر

موقع الإسلام سؤال وجواب

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android
at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android