تنزيل
0 / 0

الستر على أصحاب المعاصي فيه تفصيل.

السؤال: 201472

أعمل في قسم الطوارئ ، جاءت إلينا فتاه تعرضت لحادث سيارة مع شاب ، قال لنا الشاب : إنه لا يمت لها بصله ، وإنهم خرجوا في خلوه غير شرعيه . هنا اختلفت مع زميلاتي.
هل نبلغ الهيئة ، أم الستر أولى ؟
وهل نأثم في عدم تبليغنا ، من باب السكوت عن المنكر ، أم نقتدي بالرسول صلى الله عليه وسلم عندما جاءه الذي زنا فأعرض عنه ؟

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

إذا ثبت أن المرأة فعلاً قد وقعت في معصية مع هذا الرجل ، فإن كانت غير مشتهرة بهذا
الأمر وإنما زلة وقعت فيها ، فالأفضل الستر عليها وعدم رفع أمرها لجهة الاختصاص ،
مع نصحها وتذكيرها ودعوتها وإرشادها وبيان خطورة ما أقدمت عليه وما يترتب عليه من
مفاسد ، فإن أنابت وندمت واستغفرت ووعدت بعدم الرجوع إلى مثل ذلك استحب الستر عليها
.
عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: ( مَنْ
نَفَّسَ عَنْ مُؤْمِنٍ كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ الدُّنْيَا نَفَّسَ اللَّهُ عَنْهُ
كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ ، وَمَنْ يَسَّرَ عَلَى مُعْسِرٍ يَسَّرَ
اللَّهُ عَلَيْهِ في الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ ، وَمَنْ سَتَرَ مُسْلِمًا سَتَرَهُ
اللَّهُ في الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ ، وَاللَّهُ في عَوْنِ الْعَبْدِ مَا كَانَ
الْعَبْدُ في عَوْنِ أَخِيهِ ). رواه مسلم ( 2699 ) .
أما إذا كانت هذه المرأة معروفة بالشر والفساد ، مع إصرارها على ما هي عليه ، ولم
تظهر توبة ولا ندما، فلا شك أن رفع أمرها إلى جهة الاختصاص أولى ، بل قد يكون
واجباً لأجل تأديبها والأخذ على يدها حتى لا تفكر بالعودة لمثله أبداً .
قال ابن رجب رحمه الله بعد أن ساق جملة من الأحاديث الدالة على ستر صاحب المعصية
وعدم فضحه :
واعلم أنَّ النَّاس على ضربين :
أحدهما: من كان مستوراً لا يُعرف بشيءٍ مِنَ المعاصي ، فإذا وقعت منه هفوةٌ ، أو
زلَّةٌ ، فإنَّه لا يجوزُ كشفها ، ولا هتكُها ، ولا التَّحدُّث بها ؛ لأنَّ ذلك
غيبةٌ محرَّمة ، وهذا هو الذي وردت فيه النُّصوصُ ، وفي ذلك قد قال الله تعالى: (
إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا
لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ ).
والمراد: إشاعةُ الفَاحِشَةِ على المؤمن المستتر فيما وقع منه ، أو اتُّهِمَ به وهو
بريء منه ، كما في قصَّة الإفك .
قال بعض الوزراء الصالحين لبعض من يأمرُ بالمعروف : اجتهد أن تستُرَ العُصَاةَ ،
فإنَّ ظهورَ معاصيهم عيبٌ في أهل الإسلام ، وأولى الأمور ستر العيوب ، ومثل هذا لو
جاء تائباً نادماً، وأقرَّ بحدٍّ ، ولم يفسِّرْهُ ، لم يُستفسر، بل يُؤمَر بأنْ
يرجع ويستُر نفسه ، كما أمر النَّبيُّ – صلى الله عليه وسلم – ماعزاً والغامدية ،
وكما لم يُستفسر الذي قال : ( أصبتُ حدّاً، فأقمه عليَّ ).
ومثلُ هذا لو أخذَ بجريمته ، ولم يبلغِ الإمامَ، فإنَّه يُشفع له حتّى لا يبلغ
الإمام .
وفي مثله جاء الحديثُ عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم : ( أقيلوا ذوي الهيئات
عثراتهم ) . خرَّجه أبو داود والنَّسائي مِن حديث عائشة .
والثاني : من كان مشتهراً بالمعاصي ، معلناً بها لا يُبالي بما ارتكبَ منها، ولا
بما قيل له ، فهذا هو الفاجرُ المُعلِنُ ، وليس له غيبة ، كما نصَّ على ذلك الحسنُ
البصريُّ وغيره ، ومثلُ هذا لا بأس بالبحث عن أمره ، لِتُقامَ عليه الحدودُ ، صرَّح
بذلك بعضُ أصحابنا، واستدلَّ بقولِ النَّبيِّ – صلى الله عليه وسلم – : ( واغدُ يا
أُنيس على امرأةِ هذا ، فإنِ اعترفت ، فارجُمها ). ومثلُ هذا لا يُشفَعُ له إذا
أُخِذَ ، ولو لم يبلغِ السُّلطان ، بل يُترك حتّى يُقامَ عليه الحدُّ لينكفَّ شرُّه
، ويرتدعَ به أمثالُه .
قال مالك : من لم يُعْرَفْ منه أذى للناس ، وإنَّما كانت منه زلَّةٌ ، فلا بأس أنْ
يُشفع له ما لم يبلغ الإمام ، وأمَّا من عُرِفَ بشرٍّ أو فسادٍ ، فلا أحبُّ أنْ
يشفعَ له أحدٌ ، ولكن يترك حتى يُقام عليه الحدُّ ، حكاه ابن المنذر وغيره…”
انتهى من “جامع العلوم والحكم”(1/341).

وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه
الله : ” والمراد بالستر: هو إخفاء العيب ، ولكن الستر لا يكون محمودا إلا إذا كان
فيه مصلحة ولم يتضمن مفسده ، فمثلاً : المجرم ؛ إذا أجرم : لا نستر عليه إذا كان
معروفاً بالشر والفساد ، ولكن الرجل الذي يكون مستقيماً في ظاهره ، ثم فعل ما لا
يحل فهنا قد يكون الستر مطلوباً ؛ فالستر ينظر فيه إلى المصلحة ، فالإنسان المعروف
بالشر والفساد لا ينبغي ستره ، والإنسان المستقيم في ظاهره ، ولكن جرى منه ما جرى :
هذا هو الذي يسن ستره ” انتهى من شرح “الأربعين النووية”(1/172) .
والله أعلم .

المصدر

موقع الإسلام سؤال وجواب

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android
at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android