تنزيل
0 / 0

التنمية البشرية والعقل الباطن

السؤال: 201701

أنا طالب علم في العقيدة ، وأعلم أن علم التنمية البشرية هو علم غير شرعي ، لا يجوز العمل به ، ولا تعلمه .
وعندي استفسار هو : ما حكم من يعتقد بفكرة العقل الباطن ، هل هو خارج عن الملة ، أم إنه مذنب ، أم ما هو الحكم الصحيح فيه ؟

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

نصيحتنا لك – وأنت طالب علم مختص في العقائد – أن لا تطلق الأحكام الشرعية مباشرة
على الأسماء والألقاب المجملة ، التي يدخل في مضمونها العديد من التصورات والأفكار
والنظريات ، وتنتشر مفرداتها على مساحة واسعة من التنوع والتعدد .
وفي هذا يقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : ” وإنما تقع الشبهة لأن أكثر الناس
لا يفهمون حقيقة قولهم وقصدهم ؛ لما فيه من الألفاظ المجملة والمشتركة ، بل وهم
أيضا لا يفهمون حقيقة ما يقصدونه ويقولونه ” انتهى من ” مجموع الفتاوى ” (2/ 138) .
ويقول أيضا : ” وأما الألفاظ المجملة : فالكلام فيها بالنفي والإثبات ، دون
الاستفصال : يوقع في الجهل والضلال ، والفتن والخبال ، والقيل والقال ، وقد قيل :
أكثر اختلاف العقلاء من جهة اشتراك الأسماء ” انتهى من ” منهاج السنة النبوية ” (2/
217) .
فمصطلح ” التنمية البشرية ” يعرف بأنه ” عملية توسيع القدرات التعليمية ، والخبرات
للشعوب ، والمستهدف بهذا هو أن يصل الإنسان بمجهوده ومجهود ذويه ، إلى مستوى مرتفع
من الإنتاج والدخل ، وبحياة طويلة وصحية ، بجانب تنمية القدرات الإنسانية ، من خلال
توفير فرص ملائمة للتعليم وزيادة الخبرات ” (موقع ويكيبيديا)

http://ar.wikipedia.org/wiki/تنمية_بشرية

فهو علم متكامل له حضوره في الجامعات العلمية والمراكز البحثية ، تعتني به الأمم
والدول والشعوب ، يساعد على رصد الواقع وحالته العرضية أو المرضية ، للبحث عن
الحلول الناجحة للارتقاء بالإنسان في مختلف مجالات الحياة . والدول الحية تعمل
اليوم جاهدة على استصدار تقارير التنمية البشرية السنوية ، كما تصدرها الأمم
المتحدة على المستوى العالمي ، تبذل فيه جهودا هائلة من الرصد والمتابعة ، وتحليل
البيانات والإحصائيات ، كل ذلك لغرض التطوير والتحسين .
وقد ظهرت فيه أيضا كتابات تنظر للتنمية بالمنظار الإسلامي الشرعي ، كمثل كتاب
الدكتور عبد الكريم بكار “مدخل إلى التنمية المتكاملة” ، ومنها كتاب ” الإسلام
والتنمية الاجتماعية ” للدكتور محسن عبد الحميد ، من إصدارات المعهد العالمي للفكر
الإسلامي . وأصدر المعهد أيضا كتابا بعنوان ” فلسفة التنمية رؤية إسلامية ” لمؤلفه
إبراهيم أحمد عمر ، وللباحثة سماح الغندور دراسة جامعية في الدراسات العليا في
جامعة غزة بعنوان ” التنمية البشرية في السنة النبوية “. ومن أهم البحوث المعدة في
هذا الشأن كتاب ” المنظور الإسلامي للتنمية البشرية ” لأسامة العاني ، من إصدارات
مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية ، تناول مفهوم التنمية من الجهة
الاقتصادية ، وبين اهتمام الإسلام بها ، وحرص على ذكر تطبيقات التنمية البشرية من
السنة النبوية المطهرة .
وإنما يبقى الحديث عن ” العقل الباطن ” أو ما يسمى أيضا بـ ” اللاوعي “، فهو
المصطلح المجمل الذي يحتمل – في نظرنا – احتمالين لا بد من تفصيلهما وبيان كل منهما
:
الاحتمال الأول :
هو مفهوم نشأ أول ما نشأ في فروع الطب النفسي ، يقترب كثيرا من معنى ” النفس “، أو
” القلب “، أو ” الإرادة “، أو ” الروع “، أو ” الذاكرة “، ونحوها من المفاهيم التي
نعرف من معانيها قاسما مشتركا متعلقا بمخزن الأفكار والتصورات ، والمشاعر والأحاسيس
، في النفس الإنسانية .
جاء في ” موسوعة ويكيبيديا ” على الإنترنت تعريفهم للعقل الباطن بقولهم :
” هو مفهوم يشير إلى مجموعة من العناصر التي تتألف منها الشخصية ، بعضها قد يعيه
الفرد كجزء من تكوينه ، والبعض الآخر يبقى بمنأى كلي عن الوعي ، وهناك اختلاف بين
المدارس الفكرية بشأن تحديد هذا المفهوم على وجه الدقة والقطعية ، إلا أن العقل
الباطن على الإجمال هو : كناية عن مخزن للاختبارات المترسبة بفعل القمع النفسي ،
فهي لا تصل إلى الذاكرة. ويحتوي العقل الباطن على المحركات والمحفزات الداخلية
للسلوك ، كما أنه مقر الطاقة الغريزية الجنسية والنفسية ، بالإضافة إلى الخبرات
المكبوتة ، القوانين الحاكمة ” انتهى.

http://ar.wikipedia.org/wiki/عقل_باطن

وجاء في “الموسوعة العربية العالمية” ـ في مصطلح “اللاوعي” ، وهو العقل الباطن :

” اللاوَعْي مصطلح في علم النفس لوصف العمليات العقلية والأفكار والتصورات والمشاعر
التي تدور في عقول الناس دون إدراك منهم . ” انتهى .
فمن أطلق ” العقل الباطن ” وأراد به هذه الأمور ، فلا حرج عليه في ذلك ، ولا يلحقه
ذم ولا تثريب ، من هذا الوجه ؛ بشرط أن تكون تطبيقاته العملية مقبولة : مما يشهد
لها العقل والتجربة بالصحة والقبول ، وتتوافق مع أصول الشرع ، أو ـ على أقل تقدير ـ
: لا تصادمها ، ولا تخرج عن شيء من التصورات والأحكام الشرعية ، وقد جرى استعمال
هذا المصطلح على ألسنة كثير من الكتاب والمفكرين والمصنفين الإسلاميين .
الاحتمال الثاني :
استعمال ” العقل الباطن ” على سبيل ” المفهوم الفلسفي الباطني “، بحيث يكون وسيلة
للتواصل مع ” الوعي الكوني “، يستقي منه معارف خاصة ، وعلوما غيبية ، تماما كما هي
نظرية ابن عربي ، الذي قرر مفهوم انعكاس العلوم الغيبية – ومنها علوم اللوح المحفوظ
– على النفس الباطنة التي تجردت من عوارض البشرية عبر مجموعة من الخطوات والممارسات
.
ولا شك أن هذا باب من أبواب فساد الفكر والتصورات ، وهي أساس العقائد الباطنية
المنحرفة ، وسبيل للغواية والضلالة .
والإشكال أيضا يتطرق إلى مصطلح ” العقل الباطن ” من جهة كثير من التطبيقات العملية
عليه ، أكثر من المصطلح نفسه ، لكن المصطلح غالبا ما يتأثر بفساد الممارسات ، على
الأقل لدى القطاع المؤمن بتلك الممارسات الخاطئة .
فبعض التطبيقات التي يمارسها المنتسبون إلى ” البرمجة العصبية ” يشوبها الكثير من
المجازفات التي لم يثبتها العلم الحديث ، ولم يأت بها الشرع الشريف ، كدعوى علاج
الأخلاق السيئة والممارسات المشينة في جلسة واحدة يدخل فيها المعالج إلى ” العقل
الباطن ” فيستل الجزء الباعث على ذلك الخلق السيئ المعين ، ويعيد البرمجة من جديد
ليستبدل خلقا حسنا مكانه . كل ذلك بكلام مرسل من غير إثبات تجريبي متزن – كما هي
سائر العلوم التجريبية – ولا مستند شرعي مقبول . وكذلك دعوى ” قانون الجذب ” الذي
يمكن ” العقل الباطن ” من خلاله تغيير الأشياء من حوله ، من غير بذل للأسباب ولا
عمل بسنن الكون المعروفة ، ونحو ذلك من المبالغات التي لا ننكرها جزافا بقدر ما
ندعو المعتقدين بها إلى احترام العقل التجريبي الذي هو شرط الإيمان بالتأثير الكوني
، بعد العقل الشرعي .
هذا ما يمكننا تأصيله في هذا المقام ، وقد قام بعض الباحثين المعاصرين بجمع أمثلة
على المفاهيم المغلوطة للعقل الباطن ، يمكن الاستفادة منها والرجوع إليها على هذا
الرابط :

http://www.saaid.net/Minute/632.htm

ووفي موقعنا ينظر : (118292)
، (121011) .
والله أعلم .

المصدر

موقع الإسلام سؤال وجواب

هل انتفعتم بهذه الإجابة؟

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android