0 / 0
10,80522/10/2013

طلق زوجته بسبب مرضها النفسي ، وما زال متعلقاً بها ويريد النصيحة

السؤال: 202088

زوجتي السابقة مصابة باضطراب ثنائي القطب ، انفصلنا الآن ، وأنا لا أنوي الرجوع إليها ؛ أحبها كثيرا ، قلبي يريدها ، لكن عقلي يرفض ذلك .
أفضل أن أعاني قسوة الفراق ، على أن أعود إليها ، فأصاب أنا أيضا بالجنون .
هكذا هي الدنيا ؛ لا تأتيك كاملة أبدا ، والحمد لله على ما قدر.
أنا بحاجة إلى المواساة والاقتناع الكلي والحتمي بالابتعاد عنها ؛ لأنها لازالت تتصل بي هاتفيا ، فأجيبها أحيانا ، فتنهال علي بالسب والشتم .

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

إن من سنة الله في كونه : أن جعل الدنيا دار مصائب وأكدار ، وأمراض وفراق ، وتعب وكبد ، ابتلاءً لعباده : أيصبرون أم يكفرون ، ولتشتاق أرواحهم للآخرة وللجنة ولما عند الله ، حيث لا نصب ولا وصب ، ولا تعب ولا كبد، ولا هم ولا حزن ، ولا موت ولا مرض ولا فراق ، سنة الله في كونه ، ولن تجد لسنة الله تبديلا !!
أيها الفاضل،
في طي كلامك جواب وشفاء لما أنت فيه ، فعلاقتكما قد انتهت بالانفصال والطلاق ، وأنت لا تنوي الرجوع ، وهي مريضة بمرض نفسي يستحيل معه إقامة علاقة زوجية سليمة ، والظاهر أنك جربت لكنك أخفقت ، فماذا بعد ؟ وعلام التعلق بحبل منقطع ؟ ولم العيش في ظل الأمنيات والمستحيل ؟
إجابتك على هذه التساؤلات كانت واضحة ، ونُحَيِّيك على هذا الوضوح : ” قلبي يريدها ، لكن عقلي يرفض ذلك ” فهنا كل الحكاية ، وكل الحل ؛ قلب يميل ، وعقل يصوب ويقوم ويثني عن الانزلاق .
لكن يبقى أن تقوي حديث العقل في نفسك ، بما ينسيك نهائيا فيها ، قد يأخذ وقتا ، لكنه في الأخير سيأتي ، حسب قوتك وعزيمتك ويقينك في الله أن يعوضك عنها خيرا ، وأن يخلفك في مصيبتك خيرا منها ، وأن يثيبك على معاناتك .
يقول ابن القيم رحمه الله :
“وَإِنْ كَانَ لَا سَبِيلَ لِلْعَاشِقِ إِلَى وِصَالِ مَعْشُوقِهِ ، قَدَرًا ، أَوْ شَرْعًا، أَوْ هُوَ مُمْتَنِعٌ عَلْيِهِ مِنَ الْجِهَتَيْنِ، وَهُوَ الدَّاءُ الْعُضَالُ ؛ فَمِنْ عِلَاجِهِ : إِشْعَارُ نَفْسِهِ الْيَأْسَ مِنْهُ ، فَإِنَّ النَّفْسَ مَتَى يَئِسَتْ مِنَ الشَّيْءِ ، اسْتَرَاحَتْ مِنْهُ ، وَلَمْ تَلْتَفِتْ إِلَيْهِ .
فَإِنْ لَمْ يَزَلْ مَرَضُ الْعِشْقِ مَعَ الْيَأْسِ ، فَقَدِ انْحَرَفَ الطَّبْعُ انْحِرَافًا شَدِيدًا ، فَيَنْتَقِلُ إِلَى عِلَاجٍ آخَرَ، وَهُوَ عِلَاجُ عَقْلِهِ ؛ بِأَنْ يُعْلَمَ بِأَنَّ تَعَلُّقَ الْقَلْبِ بِمَا لَا مَطْمَعَ فِي حُصُولِهِ نَوْعٌ مِنَ الْجُنُونِ ، وَصَاحِبُهُ بِمَنْزِلَةِ مَنْ يَعْشَقُ الشَّمْسَ ، وَرُوحُهُ مُتَعَلِّقَةٌ بِالصُّعُودِ إِلَيْهَا وَالدَّوَرَانِ مَعَهَا فِي فَلَكِهَا، وَهَذَا مَعْدُودٌ عِنْدَ جَمِيعِ الْعُقَلَاءِ فِي زُمْرَةِ الْمَجَانِينِ ” انتهى من “زاد المعاد” (4/251) .
أنت ما زلت في مقتبل العمر ، وريعان الشباب ، كما ذكرت في بياناتك : (34 سنة) ، وليس من العدل ، ولا من العقل ، ولا من الحكمة : أن تمضيه حسرات على ما فات ، أو على ما لا يمكن بحال أن يعود ؛ ابحث عن زوجة أخرى تلائمك ، وشق طريق حياتك من جديد ، فالحياة لا تتوقف لفراق ، ولا لفشل ، ولا يشغلك عن ماضي امرأة ، سوى امرأة أخرى تلائمك .
فاستخر بالله ، وابحث عن زوجة تعوضك خيرا ، واقطع علاقتك بطليقتك نهائيا فهي لم تعد تحل لك الآن وأنتما مطلقان ، ولا طائل من بقاء اتصالكما حتى على الهاتف ، و إن استطعت أن تغير رقم هاتفك فافعل ، قطعا لاتصالها بك ، وتنغيص حياتك عليك .
اعلم أيها الفاضل أن النسيان قد يأخذ منك وقتا ، وكما قلنا فذلك راجع لقوتك وصلابتك ، فاسأل مقلب القلوب أن يخرج ما بقي من تلك العلاقة من قلبك ، واسأله سبحانه أن يأجرك في مصيبتك ، وأن يخلفك خيرا منها .
نسأل الله لك راحة البال ، ومستقبلا زاهرا وزوجة صالحة تعوضك عما فات ، و أن يثيبك الله ثواب الصابرين .
والله أعلم.

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر

موقع الإسلام سؤال وجواب

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android