0 / 0

يهجر زوجته ، وتهجره ، ولم ير وجهها شهرين ؛ فهل وقع الطلاق ؟

السؤال: 202107

أنا وزوجتي لا نتكلم مع بعض منذ أکثر من شهرين ، وهی لا تنام معي فی نفس الغرفة ، ولا نجلس معا فی نفس المكان ، حيث إننا نعطي ظهرنا لبعض ؛ بحيث إنني طوال هذه المدة لم أر وجهها إطلاقا ، وكذلك هي .
سؤالي : هل وقع الطلاق بيننا أم لا ؟

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

أولا :
شرع الله النكاح لحكم عديدة منها الطمأنينة والاستقرار النفسي بين الزوجين ليقوما بدورهما في تنشئة أولادهما في ظل السعادة , فقد قال تعالى: (وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ) الروم/ 21، وقد شرع الله جملة من الحقوق والواجبات لكلا الزوجين لتكون سياجا لحماية هذه العلاقة التي سماها الله ميثاقا غليظا , فقال سبحانه بشأن هذه الحقوق : (وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ) البقرة /128.
ثانيا:
لا يجوز للرجل أن يهجر زوجته هذه المدة ، إلا أن تكون ناشزا ، أي عاصية له لا تقوم بحقه ، فيباح هجرها حينئذ حتى تتوب ، لقوله تعالى : ( وَاللاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلًا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيًّا كَبِيرًا) النساء/34.
وإذا كان هجر الزوج لمسوغ شرعي لم يجز لها هي هجره لأن ذلك زيادة في النشوز المحرم شرعاً ، وأما إذا هجرها لغير مسوغ شرعي فإن لها أن تجازيه بالمثل لعموم قوله تعالى: ( وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ وَلَئِنْ صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِلصَّابِرِينَ) النحل /126، على أن لا تمنعه من حقه في الاستمتاع .
والنصيحة – أخانا الكريم – أن تسعى دائما للبعد عن كل ما يعكر صفو العلاقة بينكما , وأن تكظم غيظك , وأن تكون المبادر بما يصلح ما يفسد ما بينكما, فقد قال الله تعالى : (وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ ) آل عمران /134، وقال صلى الله عليه وسلم في الوصية بالنساء : (اسْتَوْصُوا بِالنِّسَاءِ فَإِنَّ الْمَرْأَةَ خُلِقَتْ مِنْ ضِلَعٍ وَإِنَّ أَعْوَجَ شَيْءٍ فِي الضِّلَعِ أَعْلَاهُ فَإِنْ ذَهَبْتَ تُقِيمُهُ كَسَرْتَهُ وَإِنْ تَرَكْتَهُ لَمْ يَزَلْ أَعْوَجَ فَاسْتَوْصُوا بِالنِّسَاءِ) .
رواه البخاري (3084) ، ومسلم (2671).
ثالثاً :
وينبغي أن يُعلم أن الله تعالى شرع هجر الرجل لامرأته من أجل إصلاحها، فإذا ثبت لديك أن هجرك لها لا يصلحها بل يأتي بنتيجة عكسية ، فعليك أن تكف عن الهجر، وتبحث عن وسيلة أخرى لإصلاحها، ومن أنفع ذلك : التفاهم معها بصراحة ، ومناقشتها في الأمور بنوع من الإنصاف والعدل والموضوعية ، ويجب عليك الرجوع إلى الحق إن ثبت أنك الظالم لها ، فذلك أحرى لاستمرار العلاقة بينكما ودوامها.
وإذا لم تفلح هذه الوسائل في علاج نشوز الزوجة : اختار الرجل حكما من أهله ، وتختار هي حكما من أهلها ، ليقفا على المشكلة ، ويحكما فيها ، كما قال تعالى : ( وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُوا حَكَمًا مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِنْ أَهْلِهَا إِنْ يُرِيدَا إِصْلَاحًا يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُمَا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا خَبِيرًا ) النساء/35 .
وأما مع عدم النشوز فلا يحل هذا الهجر لأمرين :
الأول : أنه يجب على الزوج أن يعف زوجته ، وأن يجامعها بقدر حاجتها ، وقُدرته .
سئل شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : عن الرجل إذا صبر على زوجته الشهر ، والشهرين ، لا يطؤها ، فهل عليه إثم أم لا ؟ وهل يطالب الزوج بذلك ؟ .
فأجاب : ” يجب على الرجل أن يطأ زوجته بالمعروف ، وهو من أوكد حقها عليه ، أعظم من إطعامها ، والوطء الواجب ، قيل : إنه واجب في كل أربعة أشهر مرة ، وقيل : بقدَر حاجتها وقُدْرته ، كما يطعمها بقدَر حاجتها وقُدْرته ، وهذا أصح القولين ” .
انتهى من ” مجموع الفتاوى ” ( 32 / 271 ) .
والثاني : أن من امتنع عن وطء امرأته – غير الناشز – أربعة أشهر ، كان في حكم المولي ، فيؤمر بالوطء أو بالطلاق ، فإن أبى الطلاق طلّق عليه القاضي .
قال علماء اللجنة الدائمة : ” مَن هجر زوجته أكثر من ثلاثة أشهر : فإن كان ذلك لنشوزها ، أي : لمعصيتها لزوجها فيما يجب عليها له من حقوقه الزوجية ، وأصرت على ذلك بعد وعظه لها وتخويفها من الله تعالى ، وتذكيرها بما يجب عليها من حقوق لزوجها : فإنه يهجرها في المضجع ما شاء ؛ تأديبا لها حتى تؤدي حقوق زوجها عن رضا منها ، وقد هجر النبي صلى الله عليه وسلم نساءه ، فلم يدخل عليهن شهراً ، أما في الكلام : فإنه لا يحل له أن يهجرها أكثر من ثلاثة أيام ؛ لما صح عن النبي صلى الله عليه وسلم من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه أنه قال : ( ولا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاثة أيام ) أخرجه الإمام البخاري ، ومسلم في صحيحيهما ، وأحمد في مسنده .
أما إن هجر الزوج زوجته في الفراش أكثر من أربعة أشهر ، إضراراً بها من غير تقصير منها في حقوق زوجها : فإنه كمُولٍ ، وإن لم يحلف بذلك ، تُضرب له مدة الإيلاء ، فإذا مضت أربعة أشهر ولم يرجع إلى زوجته ويطأها في القبل مع القدرة على الجماع ، إن لم تكن في حيض أو نفاس : فإنه يؤمر بالطلاق ، فإن أبى الرجوع لزوجته ، وأبى الطلاق : طلَّق عليه القاضي ، أو فسخها منه إذا طلبت الزوجة ذلك ” انتهى من ” فتاوى اللجنة الدائمة -1 ” برقم (20443) .
وبهذا الجواب تدرك أن ترك هجر الزوجة أو ترك التحدث معها فترة طويلة لا يعتبر طلاقاً ، وانظر للفائدة جواب السؤال رقم : (11681 ) .

ونسأل الله لكما التوفيق والهداية إلى كل خير.
والله أعلم .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر

موقع الإسلام سؤال وجواب

answer

موضوعات ذات صلة

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android