زوج له زوجتان ، وكان يقضي وقتا أكثر مع إحداهن بسبب مرض الأخرى ، لذلك طلبت الخلع بناءا على أعذار شرعية ، وانفصلا ، وبعد فترة تزوجا ثانية .
فهل حق المرأة في الوقت المهدور آنفا لا يزال دينا على الزوج ؟
انفصل الزوجان ثم عادا فهل يلزم الزوج قضاء ما عليه من دين في القسم ؟
السؤال: 202248
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.
أولا :
يلزم الرجل أن يعدل في القسم بين زوجاته .
قال ابن قدامة رحمه الله : ” لا نعلم بين أهل العلم في وجوب التسوية بين الزوجات في القسم خلافا ” انتهى من ” المغني ” (7/ 229) .
وقد سبق بيان هذه المسألة في جواب السؤال : (10091) ، (13740) .
ثانيا:
لا يسقط حق المريضة من القسم ، بل يجب على الزوج أن يقسم لها كما يقسم للصحيحة .
قال الشافعي رحمه الله :
” ويبيت عند المريضة التي لا جماع فيها ، والحائض والنفساء ؛ لأن مبيته سكن إلف وإن لم يكن جماع أو أمر تحبه المرأة وترى الغضاضة عليها في تركه ” انتهى من الأم (5/ 118) .
وفي كشاف القناع ( 5 / 201 ) :
” وَيقسِمُ الزَّوْجُ لزَوْجَةٍ حَائِضٍ وَنُفَسَاءَ وَمَرِيضَةٍ ؛ لأَنَّ الْقَصْدَ السَّكَنُ وَالإِيوَاءُ وَالأُنْسُ وَحَاجَتُهُنَّ دَاعِيَةٌ إلَى ذَلِكَ ” .
ثالثا:
ليس للرجل أن يطلق إحدى زوجاته قبل أن يوفيها حقها من القسم الواجب عليه ؛ لأن طلاقها حينئذ يفوت حقها من القسمة .
قال ابن قدامة رحمه الله :
” فإن قسم لإحداهما ، ثم طلق الأخرى قبل قسمها : أثم ؛ لأنه فوت حقها الواجب لها ” .
انتهى من ” المغني ” (7/311) .
قال زكريا الأنصاري رحمه الله :
“ويعصي بطلاق من لم تستوف حقها ، بعد حضور وقته لتفويته حقها بعد .. قال ابن الرفعة ويتجه : أن يكون العصيان فيما إذا طلقها بغير سؤالها ، وإلا فلا .. وصورة المسألة أن يكون الطلاق بائنا. أما الرجعي فلا عصيان فيه ، لتمكنه من الرجعة والمبيت ، ويكونان واجبين ..” انتهى من ” أسنى المطالب ” (3/ 236) .
رابعا :
إذا انفصل الزوجان ثم عادا إلى عقد الزوجية : فيلزم الزوج قضاء ما عليه من حقوق سابقة في القسم .
قال زكريا الأنصاري رحمه الله :
” وَلَا يَسْقُطُ الْقَضَاءُ بِالْفُرْقَةِ ” انتهى من ” الغرر البهية ” (4/ 221) .
قال ابن قدامة رحمه الله :
” فإن عادت إليه ، برجعة أو نكاح ؛ قضى لها ؛ لأنه قدر على إيفاء حقها ، فلزمه ، كالمعسر إذا أيسر بالدين .” انتهى من ” المغني ” (7/311) .
ويسقط وجوب القضاء إذا أعادها بعد فراق الزوجة التي حصل الجور في القسم بسببها ؛ لخلوص الحق لها ، ولو فرض وجود زوجات أخريات فيسقط القضاء كذلك .
قال زكريا الأنصاري رحمه الله :
” وإن لم تكن المستوفية معه : فلا قضاء ؛ لأنه إنما يقضي من نوبة التي ظَلم لها ؛ لأنها التي استوفت نوبة المظلومة ” انتهى من ” أسنى المطالب ” (3/ 236) .
على أنه إذا أسقطت المرأة حقها فيما سبق ، ابتداء ، أو تصالح معها الزوج على ذلك : فلا شيء في ذلك ، لأن الحق لها ، وقد أسقطته ، ولأن الإصلاح بين الزوجين ، ولو بإسقاط بعض الحق الواجب : أمر حسن ، مرغب فيه شرعا ؛ قال الله تعالى : (الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ وَلَا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَأْخُذُوا مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئًا إِلَّا أَنْ يَخَافَا أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلَا تَعْتَدُوهَا وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ) البقرة/229 ، وقال تعالى أيضا : (وَإِنِ امْرَأَةٌ خَافَتْ مِنْ بَعْلِهَا نُشُوزًا أَوْ إِعْرَاضًا فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَنْ يُصْلِحَا بَيْنَهُمَا صُلْحًا وَالصُّلْحُ خَيْرٌ) النساء/128 .
والله أعلم .
هل انتفعت بهذه الإجابة؟
المصدر:
موقع الإسلام سؤال وجواب
موضوعات ذات صلة