0 / 0

إخراج الزكاة قبل بلوغ المال النصاب ، وأخطاء في إخراج الزكاة .

السؤال: 202545

كان أبي يزكي بالخطأ ؛ لأنه كان يزكي قبل بلوغ المال النصاب ، يزكي إذا حال الحول فقط كما يقول هو، وليته حتى حول هجري ، بل حول ميلادي . فماذا يفعل في تلك السنوات التي كان يخرج زكاته بالخطأ ؟ وهناك سنوات لم يزك فيها أصلا ، فماذا أقول له عن تلك السنوات ؟ فأنت تعلمون أن تلك السنوات لا تعتبر زكاة ، وللعلم أبي حنون وطيب وكريم ، لكن هذا لا يفيده أمام الوقوف بين يدي الله ، لأني في الحقيقة لا أصدق أبي أحياناً، فعندما واجهته بتلك السنوات التي لم يخرج فيها الزكاة نفى ذلك ، وقال : كنت أخرجها .

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

أولا :
سبق في جواب السؤال رقم : (138703) بيان أن إخراج الزكاة من المال قبل بلوغه النصاب يعتبر صدقة تطوع ، فالمال لا تجب فيه الزكاة المفروضة حتى يبلغ النصاب ويحول عليه الحول .
قال ابن قدامة رحمه الله :
" لَا يَجُوزُ تَعْجِيلُ الزَّكَاةِ قَبْلَ مِلْكِ النِّصَابِ ، بِغَيْرِ خِلَافٍ عَلِمْنَاهُ ، وَلَوْ مَلَكَ بَعْضَ نِصَابٍ ، فَعَجَّلَ زَكَاتَهُ ، أَوْ زَكَاةَ نِصَابٍ ، لَمْ يَجُزْ؛ لِأَنَّهُ تَعَجَّلَ الْحُكْمَ قَبْلَ سَبَبِهِ "
انتهى من "المغني" (2/ 471) .
ثانيا :
من تهاون في إخراج الزكاة فيما مضى من السنين : أثم ، وتلزمه التوبة ، ثم إن كان يعلم مقدار المال الذي كان يملكه ، ووجبت فيه الزكاة : أخرج زكاته عن كل سنة مضت عليه ولم يخرج زكاتها ، بمقدارها المشروع .
وإن اختلط عليه الأمر ، ولم يقدر على حساب المال : فليتحر الصواب قدر طاقته ، وليخرجها على ذلك .
وإن قدر على معرفة حساب الزكاة سنة وجهله سنة مثلا فليخرج زكاته عن سنته المعلومة بمقدارها المعلوم ، وليتحر في سنته المجهولة الصواب ما أمكنه ، وليخرج زكاته على ذلك .
انظر جواب السؤال رقم : (26119) .
ثالثا :
يجوز إخراج الزكاة قبل وقت وجوبها ، إذا كان قد ملك نصابها ؛ فإذا وجبت عليه في شوال فأخرجها في رمضان مثلا : أجزأه ذلك ،
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :
" وَأَمَّا تَعْجِيلُ الزَّكَاةِ قَبْلَ وُجُوبِهَا ، بَعْدَ سَبَبِ الْوُجُوبِ : فَيَجُوزُ عِنْدَ جُمْهُورِ الْعُلَمَاءِ كَأَبِي حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيِّ وَأَحْمَد ؛ فَيَجُوزُ تَعْجِيلُ زَكَاةِ الْمَاشِيَةِ وَالنَّقْدَيْنِ وَعُرُوضِ التِّجَارَةِ إذَا مَلَكَ النِّصَابَ " انتهى من "مجموع الفتاوى" (25/ 85) .
وانظر جواب السؤال رقم : (1966) .
رابعا :
تجب الزكاة في المال إذا مضى عليه اثنا عشر شهرا بالحساب القمري ؛ لقول الله تعالى: ( يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَهِلَّةِ قُلْ هِيَ مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ وَالْحَجِّ ) البقرة/189 ، ولا يجوز تأخير إخراجها عن هذا الموعد إلا لعذر شرعي لا يتمكن من إخراجها معه .
وعلى ذلك : فلا يجوز اعتماد الأشهر الميلادية لمعرفة حول الزكاة .
ومن أخرج زكاة ماله على الأشهر الميلادية وجب عليه إخراج زكاة الفرق مع التوبة . ويمكن حساب ذلك الفرق بعدة طرق ، منها :
– أن تعرف التاريخ الهجري لأول مرة أخرجت فيها الزكاة ، ثم تجعله الآن هو وقت إخراج الزكاة للسنوات القادمة .
– الفرق بين السنة الهجرية والميلادية إحدى عشر يوما تقريبا ، فحدد السنوات التي أخرجت فيها الزكاة بالميلادية ، ثم تضربها في إحدى عشر يوما ، ثم تضيف ذلك إلى الحول الهجري ، وتخرج الزكاة على هذا الحساب ، ولا نظن أن الفرق بين التقويم الهجري والميلادي ، يتحصل منه سنة هجرية كاملة ، حتى تلزمه زكاة سنة ، بل الظاهر أن الفرق سوف يبلغ أياما ، أو عدة أشهر على الأكثر ، وهنا يكون ما مضى إخراجه من الزكاة صحيحا ، لكن فقط يلزمه تعديل موعد إخراج الزكاة كل سنة ، حسب التقويم الهجري .

خامسا :
كلام السائل غير واضح ، أو غير دقيق بصورة كافية ، وقد أجبنا عن الاحتمالات التي يدور عليها كلامه .
– فإذا كان والده قد أخرج زكاة المال قبل بلوغ المال النصاب سنين : فالمال الذي لم يبلغ النصاب : لم تكن فيه زكاة واجبة أصلا ، وما أخرجه فهو تطوع ؛ ولا يضر هنا إخراجه هذا المال على السنة الميلادية أو الهجرية .
– وإذا عجّل والده الزكاة قبل بلوغ الحول ، ولكن بعد بلوغ المال النصاب : فزكاته صحيحة ولا حرج عليه في التعجيل .
– وإذا بلغ المال النصاب فأخر الزكاة على السنة الميلادية فقد أخطأ ، وعليه التوبة والاستغفار ، فإن كان جاهلا ، وهذا أمر وارد جدا ، وخاصة أن أكثر البلاد ـ الإسلامية ـ الآن : تمضي في حساباتها ، ورواتبها ، وكل أعمالها : حسب التقويم الميلادي : فلا إثم عليه أصلا ، فالاشتباه وارد في ذلك جدا ، بغض النظر عن صحة صاحب المال ، أو سنه ، أو تعليمه ؛ فغياب مثل هذه المسائل : وارد جدا ، فلا ينبغي التشديد على الوالد ، وزيادة اللوم عليه في مثل ذلك ، كل ما هنالك : هو تصحيح الخطأ فقط .
– الأصل براءة ذمة والدك من أية ديون ، أو التزامات ، فلا يقال إن في ذمته شيئا من الزكاة الماضية ، بمجرد الظنون والتوهمات ، والأصل أنه مؤتمن على دينه ، مؤتمن على زكاة ماله ، فلا يلزمه شيء سوى ذلك إلا ببينة ، وإذا كان محله الصدق : فإن قوله مقبول فيما مضى من زكاة ماله ، ولا يجوز التفتيش خلفه ، أو تكذيبه ؛ فإن غلب على الظن أنه أخطأ ، أو لم يخرج شيئا من زكاته السابقة ، فعليك أن تتطلف معه حتى يخرجها هو ، أو تخرجها أنت من ماله .

والله تعالى أعلم .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر

موقع الإسلام سؤال وجواب

answer

موضوعات ذات صلة

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android