تنزيل
0 / 0

حكم قول : ( أنا وأعوذ بالله من كلمة أنا )

السؤال: 203932

هل مقولة : أنا وأعوذ بالله من كلمة أنا , لها أصل في الشرع ؟ وما حكم قولها ؟

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

استعمال كلمة ” أنا ” على وجهها الأصلي ، في التعريف بالشخص ، أو دلالة الإنسان على
نفسه ، أو نحو ذلك : هو من مقتضيات الخطاب ، وضرورات اللغة ، التي لا يكاد يستغني
عنها الناس في معايشهم ، وتحاورهم .
ومثل هذا لا يمكن أن يذم لذاته ، أو يرد الشرع بمنعه .
هذا لو لم يرد ما يدل على جوازه استعماله ، ووقوع ذلك من نبي الله صلى الله عليه
وسلم ، وخيار الصالحين من بعده .
فكيف ، وقد ورد استعمالها فيما لا يحصى من الأدلة والنصوص الشرعية .
قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( إِنَّ أَتْقَاكُمْ وَأَعْلَمَكُمْ بِاللَّهِ
أَنَا ) رواه البخاري (20) ، وفي رواية : ( أَنَا أَتْقَاكُمْ لِلَّهِ ،
وَأَعْلَمُكُمْ بِحُدُودِ اللهِ ) رواه أحمد (23682) ، وصححه الألباني في “الصحيحة”
(329) .
وقال صلى الله عليه وسلم : ( أَنَا سَيِّدُ وَلَدِ آدَمَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ )
رواه مسلم (2278).

وقال ابن عباس رضي الله
عنهما في قوله تعالى : (مَا يَعْلَمُهُمْ إِلا قَلِيلٌ) الكهف/22
قال: ” أنا من أولئك القليل الذين استثنى الله ، كانوا سبعة وثامنهم كلبهم ” .
انتهى من “تفسير الطبري” (17/ 642) .

ثم قد يقترن بقولها من قصد
القائل ، وحاله : ما يقتضي مدحه على قوله أنا ؛ كما لو قالها في مقام التواضع
والانكسار لله ، والاعتراف بالذنب ، والفقر والحاجة إلى رب العالمين .
وفي حديث الاستفتاح : ( اللهُمَّ أَنْتَ الْمَلِكُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ ،
أَنْتَ رَبِّي، وَأَنَا عَبْدُكَ، ظَلَمْتُ نَفْسِي، وَاعْتَرَفْتُ بِذَنْبِي،
فَاغْفِرْ لِي ذُنُوبِي جَمِيعًا، إِنَّهُ لَا يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا أَنْتَ )
رواه مسلم (771) .

وعلى عكس ذلك : قد يقترن
بقولها من قصد صاحبها ، وحاله : ما يقتضي الذم على قوله ، والتأديب عليه ، والمنع
منه ، في مثل ذلك المقام .
قال ابن القيم رحمه الله :
” وَلْيَحْذَرْ كُلَّ الْحَذَرِ مِنْ طُغْيَانِ ” أَنَا “، ” وَلِي “، ” وَعِنْدِي
“، فَإِنَّ هَذِهِ الْأَلْفَاظَ الثَّلَاثَةَ ابْتُلِيَ بِهَا إِبْلِيسُ وفرعون،
وقارون، (فَأَنَا خَيْرٌ مِنْهُ) لِإِبْلِيسَ، وَ (لِي مُلْكُ مِصْرَ) لفرعون، وَ
(إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ عِنْدِي) لقارون.
وَأَحْسَنُ مَا وُضِعَتْ ” أَنَا ” فِي قَوْلِ الْعَبْدِ: أَنَا الْعَبْدُ
الْمُذْنِبُ ، الْمُخْطِئُ، الْمُسْتَغْفِرُ، الْمُعْتَرِفُ .
وَنَحْوِهِ : ” لِي “، فِي قَوْلِهِ: لِيَ الذَّنْبُ ، وَلِيَ الْجُرْمُ ، وَلِيَ
الْمَسْكَنَةُ، وَلِيَ الْفَقْرُ ، وَالذُّلُّ .
و”َعِنْدِي ” ، فِي قَوْلِهِ: ” اغْفِرْ لِي جِدِّي ، وَهَزْلِي ، وَخَطَئِي ،
وَعَمْدِي ، وَكُلَّ ذَلِكَ عِنْدِي ” انتهى من “زاد المعاد” (2/ 434-435) ، وينظر
: “معجم المناهي اللفظية” للشيخ بكر أبو زيد ، رحمه الله (150) .

والحاصل :
أن مجرد قول العبد ” أنا ” لا يشرع الاستعاذة بالله منه ، بل تكلف ذلك ، كما في
العبارة الواردة في السؤال ، في عموم الأحوال : أشبه بتنطعات الطرقية والصوفية ،
وتكلفاتهم ، ثم هو خارج عن معتاد البشر ، ولا يمكن أن يتلزمه أحد في كل مقام .

وينظر للفائدة : جواب السؤال
رقم : (9229) ، (118095)
.
والله تعالى أعلم .

المصدر

موقع الإسلام سؤال وجواب

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

answer

موضوعات ذات صلة

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android