0 / 0

أحاديث النهي عن الأكل في السوق لا يصح منها شيء .

السؤال: 204302

قرأت حديثاً يقول : إنه لا ينبغي لنا أن نأكل في الأسواق ، فما صحة ذلك ؟ وهل يمكننا الأكل في الفنادق والمطاعم ؟

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

أولا :
لا يصح في النهي عن الأكل في السوق حديث ، والحديث المشهور : ( الْأَكْلُ فِي السُّوقِ دَنَاءَةٌ ) حديث ضعيف لا يثبت . رواه الطبراني في “الكبير” (7977) وابن عساكر في “تاريخه” (45/345) من حديث أبي أمامة ، بإسناد ضعيف جدا ، ورواه ابن قتيبة في “تأويل مختلف الحديث” (ص392) وابن عدي في “الكامل” (2/276) ، والخطيب في “التاريخ” (8/229) من حديث أبي هريرة ، وإسناده ضعيف جدا أيضا.
قال ابن القيم رحمه الله :
” أَحَادِيثُ النَّهْيُ عَنْ الأَكْلِ فِي السوق كلها باطلة ، قَالَ الْعُقَيْلِيُّ : “لا يَثْبُتُ فِي هَذَا الْبَابِ شَيْءٌ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ” انتهى من “المنار المنيف” (ص 130).
وقال الذهبي رحمه الله :
” رُوِيَ فِي ذَلِكَ آثار، ولا يثبت منها شيء ” انتهى من ” سير أعلام النبلاء” (12/ 472).
وكذا ضعفه العراقي في “تخريج الإحياء” (ص452) ، والبوصيري في ” إتحاف الخيرة ” (4/321) ، والألباني في ” الضعيفة ” (2465) .

ثانيا :
الأكل في السوق ليس له حكم واحد ، بل هو يختلف باختلاف الأسواق وأحوالها ، وعوائد البلاد وأعرافها ، ويختلف أيضا من شخص إلى شخص آخر ، فما يقبله الناس ، في معتاد أحوالهم ، من شخص ، قد لا يقبلونه من غيره ، ويعدونه خارما لمروءته .
قال الغزالي رحمه الله :
” الأكل في السوق تواضع وترك تكلف من بعض الناس فهو حسن ، وخرق مروءة من بعضهم فهو مكروه ، وهو مختلف بِعَادَاتِ الْبِلَادِ وَأَحْوَالِ الْأَشْخَاصِ ، فَمَنْ لَا يَلِيقُ ذلك بسائر أعماله : حمل ذلك على قلة المروءة وفرط الشِّرِه ، ويقدح ذلك في الشهادة ، ومن يليق ذلك بجميع أحواله وأعماله في ترك التكلف : كان ذلك منه تواضعاً ” انتهى من “إحياء علوم الدين” (2/ 19).

وبناء على ذلك :
فلا حرج على من أكل في الفنادق أو المطاعم ، من حيث الأصل ، إذا كان ذلك معتادا في بلده ، أو مقبولا من مثله .
ومن لا يعتاد منه ذلك ، أو يأنفه أهل المروءات في بلده : فلا ينبغي له أن يدخل مثل هذه الأماكن ، إلا لحاجة ، كأن يكون على سفر ، أو شغل زائد ، أو نحو ذلك .

والذي يظهر أن الأمر في ذلك صار أسهل في عامة البلدان ، ولم يعد فيه ما يخالف فعل أهل المروءات .
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :
” أدركنا أنّ الأكل في السوق من أقبح ما يكون ، الآن الأكل في السوق عادة ، المطاعم موجودة منتشرة في الأسواق ؛ لكن ظهر عادة سيئة عند المترفين من بني جنسنا ، بدأت بعض العوائل الآن مع الأسف لا تطبخ في بيتها ، إذا جاء وقت الغداء خرج الرجل بعائلته إلى المطعم ، وجلس في المطعم يأكل هو وعائلته ، وكذلك حوله الناس ! تقليدا لمن ؟!
تقليدا للغربيين ، وهذه عادة سيئة ؛ لأن الإنسان لا يمكن أن يتحدث كما ينبغي ، وكما يريد بحضرة الناس ، ثم إنّ غالب هؤلاء تجد النساء منهم متبرجة كاشفة وجهها ، وربما تضحك إلى أختها ولا تبالي والعياذ بالله .
فيه ناس وسط صاروا لا يطبخون في بيوتهم ولكن يأتون بالطبخ من الخارج ويأكلونه في البيت ، وهذه أيضا عادة سيئة ؛ أيما أولى أن تطبخ طبخا أنت الذي تتولاه وتطبخه على مزاجك ، وعلى مذاقك ، وآمِنٌ من أن يكون قد عفّن وأعيد طبخه مرة ثانية ، وآمن من أن يكون فيه أشياء محذورة ، أو أن تأخذ من المطاعم ؟!
لا شك أن الأول أولى بلا شك ، لكن مع الأسف : الإنسان إذا اختار شيئا أو هوى شيئا أعماه الهوى عن الأفضل ، وعن الحق ” انتهى .
http://www.sahab.net/forums/index.php?showtopic=104412&page=3

ثالثا :
من احتاج إلى دخول المطاعم أو الفنادق ، فالواجب عليه أن يحذر من المخالفات الشرعية ، والفتن والمنكرات التي تشيع في مثل هذه الأماكن .
وبعض أهل العلم إنما منع من ذلك ، لا لكونه ممنوعا في أصله ، بل لما يجر إليه من فساد وفتن ، تكثر في مثل هذه الأماكن .
قال القرطبي رحمه الله :
” قَالَ ابْنُ الْعَرَبِيِّ : أَمَّا أَكْلُ الطَّعَامِ فَضَرُورَةُ الْخَلْقِ ، لَا عَارَ وَلَا دَرْكَ فِيه ِ، وَأَمَّا الْأَسْوَاقُ فَسَمِعْتُ مَشْيَخَةَ أَهْلِ الْعِلْمِ يَقُولُونَ : لَا يَدْخُلُ إِلَّا سُوقَ الْكُتُبِ وَالسِّلَاحِ ، وَعِنْدِي أَنَّهُ يَدْخُلُ كُلَّ سُوقٍ لِلْحَاجَةِ إِلَيْهِ ، وَلَا يَأْكُلُ فِيهَا ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ إِسْقَاطٌ لِلْمُرُوءَةِ وَهَدْمٌ لِلْحِشْمَةِ .
قُلْتُ : مَا ذَكَرَتْهُ مَشْيَخَةُ أَهْلِ الْعِلْمِ فَنِعِمَّا هُوَ ، فَإِنَّ ذَلِكَ [يعني : سوق الكتب والسلاح] خَالٍ عَنِ النَّظَرِ إِلَى النِّسْوَانِ وَمُخَالَطَتِهِنَّ ، إِذْ ليس بذلك مِنْ حَاجَتِهِنَّ .
وَأَمَّا غَيْرُهُمَا مِنَ الْأَسْوَاقِ فَمَشْحُونَةٌ مِنْهُنَّ ، وَقِلَّةُ الْحَيَاءِ قَدْ غَلَبَتْ عَلَيْهِنّ َ، حَتَّى تَرَى الْمَرْأَةَ فِي الْقَيْسَارِيَّاتِ وَغَيْرِهِنَّ قَاعِدَةً مُتَبَرِّجَةً بِزِينَتِهَا ، وَهَذَا مِنَ الْمُنْكَرِ الْفَاشِي فِي زَمَانِنَا هَذَا . نَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ سَخَطِهِ ” انتهى من “تفسير القرطبي” (13/ 17).

راجع للفائدة إجابة السؤال السؤال رقم : (32736) ، ورقم : (13025) ، ورقم : (130671) .

والله أعلم .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر

موقع الإسلام سؤال وجواب

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android