هل يجوز إعطاء الزكاة للأبناء ، علما أنهم يمتلكون وظائف عمومية ؟
إذا كان الجواب : لا .
فما العمل إذا أجبرك الأب على أخذ الزكاة عنوة ؟ ، فهل يجوز أخذها والتصرف فيها ، أو إعطاؤها لمن ترى أنه أحق منك بها ؟
حكم إعطاء الوالد زكاة ماله لولده الموظف ؟
السؤال: 207374
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.
هؤلاء الأبناء لهم حالات :
الحالة الأولى :
أن يكونوا مكتفين برواتب وظائفهم ، غير محتاجين .
فهم ـ في هذه الحالة ـ ليسوا من أهل الزكاة ، ولا يحل للوالد أن يعطيهم زكاة ماله ، ولا تبرأ ذمته بالدفع إليهم .
الحالة الثانية :
أن تكون رواتبهم لا تكفي للنفقة ، ونفقتهم تجب على الوالد ، والوالد له من المال ، غير الزكاة ، ما يمكن أن ينفقه عليهم ؛ ففي هذه الحالة لا يجوز للوالد أن يعطي لهم زكاة ماله ، أيضا ، لأن نفقتهم واجبة عليه .
قال ابن المنذر :
” وأجمعوا على أن الزكاة لا يجوز دفعها إلى الوالدين والولد ، في الحال التي يجبر الدافع إليهم ، على النفقة عليهم ” انتهى من ” الإجماع ” ( ص 57 ) .
قال ابن قدامة المقدسي :
” قال ابن المنذر: أجمع أهل العلم على أنّ الزكاة لا يجوز دفعها إلى الوالدين ، في الحال التي يجبر الدّافع إليهم على النفقة عليهم ، ولأنّ دفع زكاته إليهم تغنيهم عن نفقته ، وتسقطها عنه ، ويعود نفعها إليه ، فكأنّه دفعها إلى نفسه ، فلم تجز، كما لو قضى بها دَينَه ” .
انتهى من ” المغني ” ( 4/ 98 ) .
فعلى هاتين الحالتين ؛ لا يجوز لوالدهم أن يدفعها إليهم ، ولا يجوز لهم أخذها .
جاء في ” الموسوعة الفقهية الكويتية ” ( 23/333 ) :
” لا يحلّ لمن ليس من أهل الزّكاة أخذها وهو يعلم أنّها زكاة ، إجماعًا . فإن أخذها فلم تُسترَدّ منه : فلا تطيب له ، بل يردّها أو يتصدّق بها ; لأنّها عليه حرام ، وعلى دافع الزّكاة أن يجتهد في تعرّف مستحقّي الزّكاة ، فإن دفعها بغير اجتهاده ، أو كان اجتهاده أنّه من غير أهلها وأعطاه لم تجزئ عنه ، إن تبيّن الآخذ من غير أهلها ” انتهى .
وإذا هم أعطوها لمن هو أهل للزكاة نيابة عن والدهم لا تصح إلا بعد أن يعلموه بذلك ؛ لأنها عبادة تحتاج إلى نية فاعلها .
فيجب نصيحة الأب ، والتوضيح له بأن ما يفعله لا يجوز ويمكن الإستعانة بمن يثق بهم الوالد كإمام مسجد الحي مثلا لتوضيح ذلك له .
الحالة الثالثة :
أن تكون عليهم ديون لا تكفي رواتبهم للوفاء بها ، أو تكون رواتبهم لا تكفي للنفقة ، والوالد ليس له من المال غير الزكاة ما يمكن أن ينفقه عليهم .
ففي هذه الحالة : رجح عدد من العلماء جواز إعطاء الوالد زكاة ماله لأولاده .
ففي ” مجموع الفتاوى ” لشيخ الإسلام ابن تيمية ( 25/92 ) :
” وسئل – رحمه الله – :
هل من كان عليه دَين يجوز له أن يأخذ من زكاة أبيه لقضاء دينه أم لا؟
فأجاب:
إذا كان على الولد دَينٌ ، ولا وفاء له؛ جاز له أن يأخذ من زكاة أبيه في أظهـر القولين في مذهب أحمد وغيره .
وأما إن كان محتاجًا إلى النفقة ، وليس لأبيه ما ينفق عليه ، ففيه نزاع ، والأظهر أنه يجوز له أخذ زكاة أبيه .
وأما إن كان مستغنيا بنفقة أبيه ، فلا حاجة به إلى زكاته. والله أعلم ” انتهى .
وسئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : ما حكم دفع الإنسان زكاته إلى أصله وفرعه ؟
فأجاب : ” دفع الزكاة إلى أصله وفرعه ، أعني آباءه وأمهاته وإن علوا ، وأبناءه وبناته وإن نزلوا: إن كان لإسقاط واجب عليه لم تجزئه ، كما لو دفعها ليسقط عنه النفقة الواجبة لهم عليه ، إذا استغنوا بالزكاة ، أما إن كان في غير إسقاط واجب عليه ، فإنها تجزئه ، كما لو قضى بها ديناً عن أبيه الحي ، أو كان له أولاد ابن ، وماله لا يحتمل الإنفاق عليهم وعلى زوجته وأولاده ، فإنه يعطي أولاد ابنه من زكاته حينئذ ؛ لأن نفقتهم لا تجب عليه في هذه الحال .
وبذل الزكاة للأصول والفروع في الحال التي تجزئ : أولى من بذلها لغيرهم ؛ لأن ذلك صدقة وصلة ” انتهى من “مجموع فتاوى ورسائل ابن عثيمين” (18/415) .
والله أعلم .
هل انتفعت بهذه الإجابة؟
المصدر:
موقع الإسلام سؤال وجواب