تنزيل
0 / 0

اكتسب مالا من السرقة ومن كسب محرم واستخدمه في مشروع تجاري ثم تاب

السؤال: 209627

كنت أعمل فى قرية سياحية ، وكنت أعمل بوظيفة محاسب ، وكان الفندق يبيع المأكولات والمشروبات بما فيها الخمور، وكنت اشتركت مع بعض الأشخاص ببيع بعض من هذة الأشياء وأخذ هذه الأموال لنا دون علم أحد ، وكنت لا أهتم إذا كان هذا الفعل حراما أم لا ، وقمت بترك هذا المكان بعد مرور عام ، وكنت أتقاضى راتب ونسبة حوالى 300 جنيها فى الشهر حوالى 3600 جنيها فى السنة ، وقمت بسرقة حوالى 12000 جنية فى هذة السنة ، ولم يبقَ معى سوى 4000 جنيها قمت بإدخارها بعد مرور عام من هذه الاموال ؛ مرتب3600 مع أموال مسروقة 12000 ، وقد طلب منى زوج أختى مبلغا من المال على سبيل السلفة لإقامه مشروع له ، فقمت بإعطائة مبلغ 4000 جنيها ، وقلت لنفسى : إذا لم ينجح هذا المشروع فلن آخذ منه المال ؛ لأن هذا المال حرام ، وانتقلت بعد ذالك للعمل فى فندق آخر وكنت أعمل محاسبا ، وطلب منى مالا مرة أخرى فأعطيته 2500 جنيها من هذا العمل الآخر ، وعلمت بعد فترة حوالى سبعة شهور أنه تم إشراكى فى هذا المشروع بمبلغ 6500 جنيها بنسبة فى رأس المال دون علمى ولم أطلب منه ذلك ، وبدأت بأخذ أرباح من المشروع ، والحمد لله قد تركت العمل فى مجال السياحة بعد ما علمت بحرمة هذا المجال ، وتبت إلى الله عز وجل ، ولكن المشروع مازال موجودا وزاد رأس المال فيه إلى18500 على مر 5 سنوات ، وهو الآن مصدر الرزق الوحيد لى ، وقمت بدفع مبلغ 14000 جنيها إلى مؤسسة خيرية باسم صاحب الفندق ، وإخراج حوالى 10000 جنيها فى أوجه الخير ؛ وذلك لتطهير مالى ، ثم علمت من دار الإفتاء فى الأزهر بوجوب رد المبلغ إلى صاحبه فقمت مرة أخرى بإداع مبلغ 14000 ألف جنيها فى حساب هذا الفندق .

فما هو وضع رأس مال هذا المشروع وما وضع الربح حلال أم حرام وما علي فعله لأطهر مالى ولتهدأ نفسى ؟

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

قد فعلت أكثر مما يلزمك ، وذلك يدل على صدقك في التوبة ، فنسأل الله تعالى أن يتقبل منك .
أولا:
العمل في مثل هذا الفندق عمل يختلط فيه الحرام بالحلال ، لأن هناك أنشطة مباحة يعملها الفندق ، وأنشطة أخرى محرمة .
وإذا أراد العامل في هذا الفندق أن يتوب إلى الله ويصلح حاله وسأل عن كيفية تطهير ماله من الحرام ، فيقال له : الأموال التي أنفقتها لا يلزمك إخراج بدلها ، بل تكفيك التوبة ، ويغفرها الله لك .
أما ما بقي معه من أموال ( الراتب الذي كان يتقاضاه مضافا إليه النسبة ) فإنه يخرج منه ما يقابل الأنشطة المحرمة للفندق ، ويجتهد في تحديد نسبتها ، هل تمثل تلك الأنشطة ربع أنشطة الفندق أو ثلثه أو أكثر أو أقل ؟ ويخرج تلك النسبة من ماله في أي وجه من وجوه البر المتنوعة . فإن تعذر عليه تحديد النسبة فليجعلها النصف ، ويخرج نصف ماله .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في “الفتاوى الكبرى” (5/528) : “من جَهِل قَدْرَ الحرام المختلط بماله فإنه يخرج النصفَ ، والباقي له ” انتهى .
سئل علماء اللجنة الدائمة للإفتاء :
أسأل سماحتكم عن فتوى شاعت بين الناس عن أحد العلماء ، بأن الشخص إذا كسب مالا من صنع الخمر أو بيعه أو بيع المخدرات ، وتاب إلى الله سبحانه وتعالى فإن هذا المال المكتسب عن طريق صنع الخمر أو بيعه أو بيع المخدرات وترويجها فإنه حلال ، فأجابوا : ” إذا كان حين كسب الحرام يعلم تحريمه ، فإنه لا يحل له بالتوبة ، بل يجب عليه التخلص منه بإنفاقه في وجوه البر وأعمال الخير ” انتهى من ” فتاوى اللجنة الدائمة” (14/33) .
وقال ابن القيم رحمه الله : ” إذا عاوض غيره معاوضة محرمة وقبض العوض ، كالزانية والمغني وبائع الخمر وشاهد الزور ونحوهم ثم تاب والعوض بيده ، فقالت طائفة : يرده إلى مالكه ؛ إذ هو عين ماله ولم يقبضه بإذن الشارع ولا حصل لربه في مقابلته نفع مباح ، وقالت طائفة : بل توبته بالتصدق به ولا يدفعه إلى من أخذه منه ، وهو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية ، وهو أصوب القولين ” انتهى من ” مدارج السالكين ” (1/389( .
ثانيا :
المبلغ الذي أخذته من الفندق (12000 جينه) لا يكفي للتوبة منه أن تتصدق به ، وإنما يجب أن ترده إلى صاحبه ، كما ذكرت أنك علمت هذا من دار الإفتاء ، ويدل لذلك قول الرسول صلى الله عليه وسلم : (لَا يَأْخُذَنَّ أَحَدُكُمْ مَتَاعَ أَخِيهِ لَاعِبًا وَلَا جَادًّا ، وَمَنْ أَخَذَ عَصَا أَخِيهِ فَلْيَرُدَّهَا ) رواه أبو داود (4350) والترمذي (2086) ، وحسنه الألباني في “إرواء الغليل” (1518) .
فقد ذكر الرسول صلى الله عليه (العصا) وهي أقل شيء ممكن يأخذه الإنسان من حق أخيه ، وأوجب عليه أن يردها إلى صاحبها .
في ” تحفة الأحوذي شرح سنن الترمذي” :
“وَإِنَّمَا ضَرَبَ الْمَثَلَ بِالْعَصَا لِأَنَّهُ مِنْ الْأَشْيَاءِ التَّافِهَةِ الَّتِي لَا يَكُونُ لَهَا كَبِيرُ خَطَرٍ عِنْدَ صَاحِبِهَا لِيُعْلَمَ أَنْ مَا كَانَ فَوْقَهُ فَهُوَ بِهَذَا الْمَعْنَى أَحَقُّ وَأَجْدَرُ” انتهى .
وعلى هذا ، فالذي يلزمك حتى تصح توبتك أن تفعل الآتي :
1- أن ترد إلى صاحب الفندق (12000 جنيها) وقد رددتها بزيادة ألفين ، وتكون الصدقة التي دفعتها إلى الجمعية الخيرية يكون لك ثوابها إن شاء الله تعالى . وينظر لمزيد الفائدة جواب السؤال : (31234) .
2- أن تتصدق بما يقابل ما تبقى معك من راتبك من العمل المحرم إن استطعت تقدير ذلك ، فإن لم تستطع فتتصدق بنصفه ، وقد تصدقت بأكثر من ذلك .
3- قد ذكرت أنك عملت بعد ذلك سبعة أشهر في فندق آخر ، فإن كان له أنشطة محرمة فإنك تتصدق بما يقابلها من راتبك أو بنصفه كما سبق ، وقد ذكرت أنك تصدقت بالكثير من المال . فذلك يكفيك إن شاء الله .
وأخيرا ..
بناء على ما سبق ، فإنك قد تصدقت بأكثر مما يلزمك شرعا ، وبهذا قد طهرت نفسك وقلبك من ظلمة المعصية ، وطهرت مالك من الحرام ، فالمال الذي تشارك به في المشروع الذي ذكرته مال حلال ثم تطهيره من الحرام ، وأرباحك منه حلال إن شاء الله تعالى .
ونسأل الله تعالى أن يتقبل توبتك ويبارك لك في مالك ، وننصحك أن تستمر في الصدقة والإكثار من الأعمال الصالحة ، فإن الله تعالى يقول : ( وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تَابَ وَآَمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا ثُمَّ اهْتَدَى) طه/82.
والله أعلم.

المصدر

موقع الإسلام سؤال وجواب

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

answer

موضوعات ذات صلة

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android