لدي حماة وأبناؤها أقرضوني مالا لشراء منزل قبل أن أتزوج ابنتهم ، قالوا لي : إن هذا المال قرض ، وإنهم ليسوا بحاجة له ، وأن لا أهتم لدفع المبلغ لهم حتى نتخرج أنا وزوجتي ونحصل على عمل ، وقالوا لزوجتي : إن هذا المال هو هدية لها ، وأن لا تخبرني بأنه هدية من أهلها ؛ لأني سأرفض ، بعد ذلك حصلت مشاكل بيننا، والآن المنزل ارتفع سعره بمرتين، وأرادوا من زوجتي أن تتركنا أنا وابني لكنها بقيت معنا ، ولم تسمع كلامهم ، فطمعوا بالمنزل ، لا يريدون المال الذي أقرضوه لي وإنما يريدون المنزل .
فمن له الحق في المنزل؟
بنيت منزلي بمال قرض والآن يريد الدائن أخذ المنزل
السؤال: 210260
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.
أولا :
الواجب في القرض إن كان له مثل أن يرد بالمثل .
قال ابن عابدين رحمه الله :
“الديون تقضى بأمثالها.” انتهى من “حاشية ابن عابدين” (3 / 848) .
وقال الشيرازي رحمه الله :
“يجب على المستقرض رد المثل فيما له مثل ؛ لأن مقتضى القرض رد المثل” .
انتهى من ” المهذب” (2/ 85) .
وعلى هذا : لا يلزمك سوى رد القرض الذي أُعطي لك ، وليس لمن أقرضك نصيب في البيت الذي اشتريته من مال القرض ؛ لأن القرض يقتضي ملكية المقترض للمال ، وحقيقة القرض كما جاء في الشرح الممتع (9/ 93) : ” تمليك مال ، لمن ينتفع به ، ويرد بدله ” .
ثانيا:
ما ذكرته من كونهم قالوا لزوجتك بأن هذا المال هو هدية لها ، وأن عليها ألا تخبرك : فإن هذا لا يمنع انشغال ذمتك بالقرض ، ووجوب رد مثله من المال ، ولكن هل تكون هبتهم لزوجتك لازمة ، وتكون الآن هي صاحبة الدين الذي في ذمتك أم لا ؟
في ذلك خلاف بين العلماء – رحمهم الله – بناء على مسألة : هل تصح هبة الدين لغير من هو عليه أم لا ؟ على قولين : فنمهم من منع ، ومنهم من أجاز .
والصحيح : صحة هبة الدين لغير من هو عليه.
قال الشيخ ابن عثيمين في سياق الكلام على هبة دين السلم :
“إذا وهبه لغيره … الصحيح : أنه يصح ؛ لأن هذه المعاملة ليس فيها ضرر إطلاقاً، فكأنه أحاله على هذا الرجل يقبض الحق منه ، ثم يتملكه لنفسه ، وأي مانع شرعي يكون في هذا؟! وليس هناك غرر ، فلو كان بيعاً : نعم ، .. فالموهوبُ له إما غانم أو سالم” .
انتهى من “الشرح الممتع” (9/ 90) .
فلو ثبت أنهم وهبوها القرض : فإن حقهم في المطالبة به يسقط ، ثم ينتقل إلى زوجتك ، ولها أن تطالبك به ، أو تسقطه عنك .
لكن إذا جحدوا ذلك ، ولم تكن لكم بينة عليه ، أو رجعوا في هبتهم : فالإثم عليهم هم ؛ وعلى كل حال : سواء كانوا قد تنازلوا ، أم لم يتنازلوا : فليس لهم وجه في المطالبة بالبيت أصلا ، ولا حق لهم في شيء منه ، أقصى ما يقال أن يرد إليهم قرضهم، مالا ، كما أعطوه ، بنفس المبلغ.
والله أعلم .
هل انتفعت بهذه الإجابة؟
المصدر:
موقع الإسلام سؤال وجواب