0 / 0
169,68420/09/2014

هل يدخل النار ، تارك الصلاة الذي يقر بأركان الإيمان ؟

السؤال: 210371

عندي سؤال بخصوص الحديث الذي يقول: لا يدخل النار من كان في قلبه مثقال ذرة من إيمان ، نعلم أن هناك كثير من الناس ممن يؤمنون بأركان الإيمان الستة ، وبوجود الله ، وبالآخرة ، لكنهم لا يصلون ، ومكانة الصلاة معروفة من الدين إذ هي الفاصل بين الإيمان والكفر . فهل يقال إن هؤلاء الأشخاص لا يدخلون النار لأنهم مؤمنين حتى ولو لم يصلوا ؟

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

أولا :
أجمع علماء المسلمين على أن الإيمان قول وعمل ، وأنه لا يصح الإيمان إلا بهما مجتمعين ، فالإيمان قول باللسان ، واعتقاد بالقلب ، وعمل بالجوارح ، يزيد بالطاعة ، وينقص بالمعصية .
انظر أجوبة الأسئلة أرقام : (59911) ، (119068) ، (131415) .
ثانيا :
عَنْ عَبْدِ اللهِ بن مسعود ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ( لَا يَدْخُلُ النَّارَ مَنْ كَانَ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ مِنْ إِيمَانٍ ) .
رواه الإمام أحمد (3947) ، والترمذي (1999) وصححه ، وصححه الألباني في " صحيح الترمذي " .
والمقصود أنه لا يدخلها دخول الكافرين ، فلا يخلد في النار وإن دخلها بمعصيته وذنوبه .
راجع إجابة السؤال رقم : (170526) .
وفي حديث الشفاعة عند مسلم (193) : ( … فَيُقَالُ لِي: يَا مُحَمَّدُ، ارْفَعْ رَأْسَكَ، وَقُلْ يُسْمَعْ لَكَ، وَسَلْ تُعْطَهْ ، وَاشْفَعْ تُشَفَّعْ ، فَأَقُولُ : أُمَّتِي أُمَّتِي ، فَيُقَالُ لِي : انْطَلِقْ فَمَنْ كَانَ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالُ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ مِنْ إِيمَانٍ فَأَخْرِجْهُ مِنْهَا ، فَأَنْطَلِقُ فَأَفْعَلُ ، ثُمَّ أَعُودُ إِلَى رَبِّي فَأَحْمَدُهُ بِتِلْكَ الْمَحَامِدِ، ثُمَّ أَخِرُّ لَهُ سَاجِدًا ، فَيُقَالُ لِي : يَا مُحَمَّدُ، ارْفَعْ رَأْسَكَ ، وَقُلْ يُسْمَعْ لَكَ ، وَسَلْ تُعْطَهْ، وَاشْفَعْ تُشَفَّعْ ، فَأَقُولُ: يَا رَبِّ ، أُمَّتِي أُمَّتِي ، فَيُقَالُ لِي: انْطَلِقْ فَمَنْ كَانَ فِي قَلْبِهِ أَدْنَى أَدْنَى أَدْنَى مِنْ مِثْقَالِ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ مِنْ إِيمَانٍ فَأَخْرِجْهُ مِنَ النَّارِ فَأَنْطَلِقُ فَأَفْعَلُ ) .

وحاصل ذلك : أن الله تعالى يتفضل على عصاة الموحدين ، فيخرج من النار كل من كان في قلبه مثقال ذرة من إيمان ، ثم يدخلهم الجنة برحمته ، فلا يخلد في النار وتحرم عليه الجنة إلا الكافر المحض ، الذي ليس في قلبه مثقال ذرة من إيمان ولا أدنى من ذلك .
وروى البخاري (4203) ، ومسلم (111) عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال : ( لاَ يَدْخُلُ الجَنَّةَ إِلَّا مُؤْمِنٌ ) .

ثالثا :
تقدم في إجابة السؤال رقم : (145252) أن من ترك الصلاة بالكلية فقد حبط عمله.
فحيث ثبت بالنصوص الشرعية أن الجنة لا يدخلها إلا مؤمن ، وأن الإيمان قول وعمل ، لا ينعقد إلا بهما ، وأن من ترك الصلاة بالكلية حبط عمله ، فتحصل من مجموع ذلك : أن من ترك الصلاة بالكلية ، فليس معه من الإيمان الصحيح ، ما يعصمه من الدخول في النار ، على ما ورد في الحديث المذكور .
وقد روى الطبراني في "المعجم الكبير" (8941) بسند صحيح عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال : " من لم يصلّ فلا دين له " .
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :
" كلَّ إنسان عاقل في قلبه أدنى مثقال ذَرَّة من إيمان ، لا يمكن أن يُدَاوِمَ على ترك الصَّلاة، وهو يعلَم عِظَمَ شأنها، وأنَّها فُرضت في أعلى مكان وصل إليه البشر، فكيف يشهد أنْ لا إله إلا الله ، ويُحافظ على ترك الصَّلاة ؟ إنَّ شهادةً كهذه تستلزم أن يعبده في أعظم العبادات ، فلا بُدَّ من تصديق القول بالفعل ، فلا يمكن للإنسان أن يَدَّعي شيئاً وهو لا يفعله ، بل هو كاذب عندنا ، ولماذا نكفِّره ، في النّصوص التي جاءت بتكفيره ، مع أنه يقول: لا إله إلا الله ؛ ولا نكفره بترك الصَّلاة ، مع أنَّ النصوصَ صريحةٌ في كفره ؟ ما هذا إلا تناقض.
وقوله صلّى الله عليه وسلّم في حديث معاذ: ( ما من أحدٍ يشهد أنْ لا إله إلا الله؛ وأنَّ محمداً رسول الله ـ صِدْقاً من قلبه ـ إلا حَرَّمه الله على النَّار) ، متفق عليه ، وقوله صلّى الله عليه وسلّم في حديث عِتْبَان بن مالك: ( فإن الله حَرَّم على النَّار من قال لا إله إلا الله يبتغي بذلك وَجْهَ الله) ، متفق عليه .
فتقييدُ الإتيان بالشهادتين : بإخلاص القصد ، وصدق القلب ، يمنعه من ترك الصَّلاة ؛ إذ ما من شخص يصدق في ذلك ويُخْلص ، إلا حمله صدقه وإخلاصه على فعل الصَّلاة ولا بُدّ ، فإن الصَّلاة عَمُود الإسلام ، وهي الصِّلة بين العبد وربِّه ، فإذا كان صادقاً في ابتغاء وجه الله ، فلا بُدَّ أن يفعل ما يوصله إلى ذلك ، ويتجنَّبَ ما يحول بينه وبينه .
وكذلك من شهد أنْ لا إله إلا الله ؛ وأنَّ محمداً رسول الله صِدْقاً من قلبه ؛ فلا بُدَّ أن يحمله ذلك الصِّدق على أداء الصَّلاة مخلصاً بها لله تعالى متَّبعاً فيها رسول الله صلّى الله عليه وسلّم؛ لأن ذلك من مستلزمات تلك الشَّهادة الصَّادقة " .
انتهى بتصرف واختصار من " الشرح الممتع" (2/ 31-36) .

وسئل الشيخ ابن جبرين رحمه الله :
ما هو رد العلماء الذين يرون تكفير تارك الصلاة تهاوناً على أحاديث الشفاعة ، وحديث صاحب البطاقة ، وأنه يخرج من النار من في قلبه مثقال ذرة من إيمان ؟
فأجاب :
" معلوم في أحاديث الشفاعة أنه لا يشفع إلا في أهل التوحيد، أهل (لا إله إلا الله) وأنهم يعرفونهم بأثر السجود ، وحرم الله على النار أن تأكل من ابن آدم أثر السجود ، وهذا دليل على أنهم يصلون ، فدل على أن من لا يصلي لا يُعرف ؛ فلا تناله شفاعتهم .
وكذلك حديث البطاقة ؛ معلوم أن هذه البطاقة التي فيها الشهادتان حصلت من مؤمن موقن مصدق بها تصديقاً يقينياً، وهذا التصديق لا شك أنه يحمله على العمل بحقها، لقوله في الحديث: ( إلا بحقها ) ؛ فيكون بذلك من أهل ( لا إله إلا الله ) ، ومن العاملين بها، ومن العمل بها أداء الصلاة " انتهى من " شرح أخصر المختصرات " (64/ 39) بترقيم الشاملة .

بل فوق ذلك : نعلم يقينا أن أقواما من هذه الأمة ، من الموحدين ، ومن المصلين أيضا ، سيدخلون النار بجرائم ارتكبوها ، ثم يتفضل عليهم أرحم الراحمين ، فيخرجهم من النار ، ويدخلهم الجنة ، ولهذا تعرفهم الملائكة في النار ، بعدما احترقوا فيها من طول لبثهم ، وامتحشوا ؛ تعرفهم : بآثار السجود ، وتأكل النار من ابن آدم كل شيء ، إلا آثار السجود .
فكيف يكون حال من لم يصل قط ، بغض النظر عن كفره ، أو عدم كفره ؛ ومعلوم أن الصلاة هي أعظم مباني الإسلام ، وأعظم ما يتقرب به العبد إلى ربه ، بعد الشهادتين ، وأن تركها أعظم جرما وإثما ، من كل ذنب يمكن أن يأتي به عصاة الموحدين !!

والله أعلم .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر

موقع الإسلام سؤال وجواب

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android