تشعر بحالة من الحزن والاكتئاب ، وتسأل عن الحل .
السؤال: 210410
أنا بنت عندي 24 عام ، أشعر بحالة حزن شبه دائمة ، وعدم رغبة في التواصل مع الناس ، وأشعر بوحدة شديدة ، وكأن لا شيء يسعدني ، رغم أني أصلي الفروض جميعا ، حتى الفجر في وقته ، وأصلي قيام ليل ، وأقرأ جزءا من القرآن يوميا لأختمه كل شهر مرة ، وأحاول أن أتقرب إلى الله ، واعتمرت أكثر من مرة ، ولكن هذه الحالة لا تذهب .
وأنا ولله الحمد في نعمة ، فحياتي إلى حد ما بخير ، وأفضل من الكثيرين ، والحمد لله ، وأعرف ذلك وأشكر الله عليه ، وأرجو ألا يحاسبني على شعور نفسي السلبي ، ولكن لا أعرف ما سبب هذا الشعور السيئ ، وهو مستمر منذ أكثر من سنة ، وهو من قبل الأحداث المؤسفة التي تحدث في وطننا العربي ، وقد زادت الحالة مع حدوث قتل في بلادنا ، وفقد أقرباء لأصدقائي .
فكيف أتغلب على هذه السلبية ؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.
أولا :
بداية نود الترحيب بك في موقع الإسلام سؤال وجواب ، نسأل الله أن ينفعنا وإياكم بما
نقول ، وأن يرفع عنا وعن أمتنا الإسلامية البلاء .
أختنا الفاضلة ،
الدنيا مجبولة على الكدر ، هكذا خلقها بارئها ، وجعلها دار محن وابتلاءات وجسر عبور
للآخرة ، لم تصف حتى للأنبياء خيرة الخلق ، ولم تعط عهدها لصغير ولا لكبير ، تفرحك
يوما لتحزنك أياما ؛ ولا يزال ذلك دأبها أبدا ، ودأب الناس فيها :
طُبِعَتْ على كَدَرٍ وأنْتَ تُريدُها … صَفْواً مِنَ الأقْذاءِ والأكْدارِ
ومُكَلّفُ الأيّامِ ضِدَّ طِباعِها … مُتطَلّبٌ في الماءِ جُذْوةَ نارِ
فمن منا لم تحدث عنده حالة من الحزن إثر ما نراه من البلايا التي تنزل بالمسلمين ،
يوما بعد يوم ؟ ومن منا لم تعزف نفسه عن الدنيا بما فيها ، لما نسمعه أو نراه ؟
لكن حينما يستمر هذا الشعور بالحزن والوحدة، أو اعتلال المزاج فيمنعنا من استمرار
الحياة بشكل طبيعي ، أو القيام بما يجب علينا من الواجبات ، أو أداء الحقوق لأصحاب
الحقوق ، أو الغفلة عن نعم الله علينا ، وما يجب علينا من شكره عليها ، حينها ينتقل
الحزن من الحال الطبيعي إلى حال الضعف ، والمرض الذي يحتاج إلى علاج !!
وليس أعظم علاجا لذلك من الصبر والتقوى ، وحسن الظن بالله رب العالمين ، والتوكل
عليه ، وتفويض الأمور إليه ، وحسن اللجأ إليه في كل ملمة .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :
” وَكَثِيرٌ مِنْ النَّاسِ إذَا رَأَى الْمُنْكَرَ ، أَوْ تَغَيَّرَ كَثِيرٌ مِنْ
أَحْوَالِ الْإِسْلَامِ : جَزِعَ وَكَلَّ وَنَاحَ ، كَمَا يَنُوحُ أَهْلُ
الْمَصَائِبِ ؛ وَهُوَ مَنْهِيٌّ عَنْ هَذَا؛ بَلْ هُوَ مَأْمُورٌ بِالصَّبْرِ
وَالتَّوَكُّلِ وَالثَّبَاتِ عَلَى دِينِ الْإِسْلَامِ ، وَأَنْ يُؤْمِنَ بِأَنَّ
اَللَّهِ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَاَلَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ ، وَأَنَّ
الْعَاقِبَةَ لِلتَّقْوَى ، وَأَنَّ مَا يُصِيبُهُ فَهُوَ بِذُنُوبِهِ ؛
فَلْيَصْبِرْ إنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ ، وَلْيَسْتَغْفِرْ لِذَنْبِهِ ،
وَلْيُسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّهِ بِالْعَشِيِّ وَالْإِبْكَارِ ” انتهى من “مجموع
الفتاوى” (18/295) .
ثانيا :
إذا تطورت حالة الحزن ، وأدت بصاحبه إلى درجة من درجات الاكتئاب ، فالأمر يحتاج ،
مع العلاجات الإيمانية ، وحسن الصبر والتوكل على الله ، وملازمة ذكره ، إلى متابعة
طبي ، عند أخصائي موثوق في علمه وأمانته .
ومن أعراض الاكتئاب :
• شعور دائم بالحزن والقلق وتعكر المزاج .
• فقدان الاهتمام والشعور بالمتعة في الأنشطة المحببة للنفس .
• الشعور بالتشاؤم الدائم وقلة الحيلة في مواجهة مشاكل الحياة .
• الشعور بالذنب، وعدم القيمة والأهمية في المجتمع .
• عدم القدرة على إظهار أو تقبل العواطف للآخرين ومن الآخرين .
• مشاكل في النوم مثل الأرق أو النوم لساعات طويلة ، أو الاستيقاظ مبكرا.
• مشاكل في تناول الطعام (الشهية زائدة ، انقطاع الشهية).
• آلام جسدية مزمنة والتي لا ينفع معها علاج .
• البكاء الكثير.
• سرعة التوتر والنشاط الزائد وعدم القدرة على الهدوء والارتخاء .
• الشعور بالتعب الدائم وعدم القدرة على بذل الجهد البدني .
• نقص القدرة على التركيز، والتذكر، واتخاذ القرارات السليمة .
فإذا اجتمعت عندك أربعة فما فوق ، من الأعراض السابقة الذكر ، فهنا ينبغي أن تعرضي
نفسك على أخصائي في الطب النفسي ، كما سبق .
ومع العلاج حاولي شغل نفسك بما هو مفيد: بقراءة القرآن والمطالعة وممارسة هواياتك
وغيرها. ولا تنسي بعض الوصفات الطبيعية التي تجم الفؤاد وتساعد المخ على استعادة
نشاطه ، مثل العسل والفواكه الجافة .
ومن الوصفات التي كانت تستعمل قديما : التلبينة ، وقد صح فيها قول رسول الله – صلى
الله عليه وسلم : ( التَّلْبِينَةُ مُجِمَّةٌ لِفُؤَادِ الْمَرِيضِ ، تَذْهَبُ
بِبَعْضِ الْحُزْنِ ) رواه البخاري ( 5101 ) ، ومسلم ( 2216 ) .
قال ابن القيم رحمه الله في “زاد المعاد” : “وهذا الحساء يجلو ذلك عن المعدة ،
ويسروه ، ويحدره ، ويميعه ، ويعدل كيفيته ، ويكسر سورته ، فيريحها، ولا سيما لمن
عادته الاغتذاء بخبز الشعير، وهي عادة أهل المدينة إذ ذاك ، وكان هو غالب قوتهم ،
وكانت الحنطة عزيزة عندهم، والله أعلم” .
والتلبينة حساء من دقيق الشعير بنخالته يضاف لهما كوب من الماء وتطهى على نار هادئة
لمدة 5 دقائق ثم يضاف كوب من اللبن(حليب) وملعقة عسل نحل.
وينظر جواب السؤال رقم : (158533)،
ورقم : (45847) .
والله أعلم .
المصدر:
موقع الإسلام سؤال وجواب
هل انتفعت بهذه الإجابة؟
![answer](/_next/image?url=%2F_next%2Fstatic%2Fmedia%2Fanswer.91a384f1.png&w=64&q=75)
موضوعات ذات صلة