اكتشفت أن زوجتي تتحدث مع أحد رفاقي هاتفيا دون علمي ، وهي تتحدث معه عبر الهاتف منذ مدة طويلة ، لذلك أخبرتها منذ عدة أيام أن نهاية علاقتنا ستكون إذا تحدثت معه ثانية أو تحدث معها هو ثانية ، وكانت نيتي منعها من الحديث معه عبر الهاتف ، ولكن للأسف تصفحت هاتفها في اليوم التالي فوجدت أنها تحدثت معه ثانية ، تحدثت مع صديق لي وهو صديق أيضا لمن يتحدث مع زوجتي وشرحت له الأمر ، فقال : إن زوجته أخبرته أن زوجة صديقه الذي يهاتف زوجتي قد ذهب لساحر كي يفعل سحرا لزوجتي كي تظل العلاقة بينهما قائمة .
فلو صح ما نقله صديقي الثاني هذا فهل تعد قولتي لو تحدثتي معه ثانية ستكون نهاية علاقتنا طلاقا ؟ وكيف أساعدها علي التغلب علي السحر؟
قال لزوجته ” إن كلمت فلانا فستكون نهاية علاقتنا” ثم كلمته وأخبره أحد الناس أنها تحت تأثير السحر ويسأل عن وقوع الطلاق
السؤال: 210635
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.
لا يجوز للمرأة أن تحادث رجلا أجنبيا عنها , ولا يجوز للرجل أن يتحدث مع امرأة متزوجة إلا بإذن زوجها , ففي ” صحيح الجامع الصغير وزيادته ” (6813) أن النبي صلى الله عليه وسلم ( نهى أن تُكلم النساء إلا بإذن أزواجهن ) .
ويتأكد هذا المنع في حق الزوجة : إذا نهاها زوجها عن الحديث مع الرجال ؛ فإن خالفته حينئذ فإنها تكون قد خالفت أمر الله تعالى ، وضيعت حق زوجها , وتسمى ـ حينئذ ـ ناشزا.
وأما قول هذا الرجل لزوجته : (إن تحدثت مع هذا الرجل مرة أخرى فسيكون هذا نهاية علاقتنا) ، فهذا قد اجتمع فيه أمران :
1. أنه من كنايات الطلاق , وكنايات الطلاق لا يقع بها الطلاق إلا مع النية ، كما بيناه في الفتوى رقم : (129652) .
2. أنه من الطلاق المعلق , والطلاق المعلق قد اختلف فيه أهل العلم فأكثرهم يوقعه عند حصول المعلق عليه , وبعضهم لا يوقعه عند حصول المعلق عليه إلا إذا كان الزوج قد قصد إيقاع الطلاق ، أما إذا كان قصده التهديد أو الحث أو المنع فلا يقع الطلاق حينئذ ، ويكون الواجب عند الحنث كفارة يمين , وقد سبق بيان هذا في الفتوى رقم : (131710) ، والفتوى رقم : (181897).
وبناء على ما تقدم فلا يخلو حال هذا الزوج من أحوال:
الأول: أن تكون نيته من قوله (نهاية علاقتنا) : الطلاق , ويكون من نيته أيضا إيقاع الطلاق على زوجته عند تحدثها مع هذا الرجل ، فإن الطلاق حينئذ واقع لا محالة ,
الثاني: أن تكون نيته من هذا القول الطلاق , ولكنه لم يكن يقصد إيقاعه فعلا , بل يقصد مجرد التهديد به حتى تنزجر زوجته عن محادثة الأجنبي ، فلا يقع الطلاق حينئذ – بناء على الراجح المفتى به في هذا الموقع – ويكون الواجب عليه مجرد كفارة يمين لحصول الحنث بكلامها للأجنبي .
الثالث: أن يكون غير قاصد بهذا القول الطلاق أصلا ؛ فلا يقع حينئذ الطلاق ، وتلزمه كفارة يمين.
يبقى بعد ذلك النظر في أمر السحر , فإن كانت هذه الزوجة مسحورة فعلا , وكان السحر قد بلغ بها مبلغ أن سلبها إرادتها واختيارها ، بحيث تتحدث مع هذا الرجل رغما عنها ، بسبب تأثير السحر , فإن الطلاق حينئذ لا يقع على الراجح ولو كان الزوج يقصد إيقاعه , لأن المسحور الذي بلغ به السحر هذا المبلغ غير مكلف أصلا , يقول الشيخ الصادق الغرياني المفتي العام لدولة ليبيا ” جعل الله العقل والإرادة أساس التكليف ، فإذا ما فُقِدا فُقِد التكليف ، واعتبر الشخص غير مسؤول عن أقواله وأفعاله ، قال صلى الله عليه وسلم : ( رفع القلم عن ثلاثة : عن النائم حتى يستيقظ، وعن الصبي حتى يحتلم، وعن المجنون حتى يعقل)) ، وفي سنن ابن ماجه: رفع عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه.
وعلى ذلك فإذا بلغت درجة السحر أن جعلت الإنسان مسلوب الإرادة ، فإن الله سبحانه لا يحاسبه على ما بدر منه حينئذ من أقوال وأفعال ، بخلاف المسحور الذي لم تصل حالته إلى درجة سلب الإرادة ، وبخلاف العاقل المختار الذي لم يفقد الإدراك ، فهذان محاسبان على أقوالهما وأفعالهما” انتهى من موقع دار الإفتاء الليبية .
وقد نص كثير من أهل العلم على أن من فعل المحلوف عليه ناسيا أو مكرها فإنه لا يحنث , قال ابن قدامة : ” وإن فعل المحلوف عليه ناسيا، أو مكرها، لم يحنث، لقول الله تعالى: ( وليس عليكم جناح فيما أخطأتم به ولكن ما تعمدت قلوبكم ) [الأحزاب: 5] ، وقول النبي – صلى الله عليه وسلم -: إن الله تجاوز لأمتي عن الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه رواه ابن ماجه والدارقطني ؛ ولأنه غير قاصد للمخالفة ، فلم يحنث، كالنائم” .
انتهى من الكافي في فقه الإمام أحمد (4 / 193).
فإذا كان الحنث لا يقع بفعل المكره ؛ لعدم كمال اختياره وإرادته , فمن باب أولى لا يقع بفعل المسحور الذي أوصله السحر إلى فقد الإرادة والاختيار أصلا.
وأما علاج السحر فقد سبق الحديث عنه في الفتوى رقم : (12918) .
والله أعلم.
هل انتفعت بهذه الإجابة؟
المصدر:
موقع الإسلام سؤال وجواب
موضوعات ذات صلة