تنزيل
0 / 0

زوجي يتصيد أخطائي ؟!

السؤال: 210667

يسعى زوجي في تصيد أخطائي باستمرار ، ثم يوبخني على ذلك توبيخاً شديدا، ولا أقول أنني خالية من الخطأ ، لكن يمكنني القول أنني أسعى جاهدة في إرضائه ، دون فائدة ، وليته يقتصر على التوبيخ فحسب بل يهددني بالطلاق ، مع أنني في كل مرة أخطئ فيها أعترف فأعتذر، ويتهمني بأنني أقترف هذه الأخطاء عن عمد ، ويمارس نوعاً من أنواع الضغط النفسي عندما يعايرني بأسرتي ، ويقول : إنه لا يريد أن يكون بيته كبيت أبي ، كما أنه في ساعة الغضب يسبني ويجرحني ، ويعد عليَّ اللقيمات التي آكلها ، ويمن بأنه ينفق عليَّ ، إنني مستاءة جداً منه ، وأشعر بعدم الأمان معه ، مع أننا قد رُزقنا بطفل هو في الثالثة من العمر ، ونحن على وشك استقبال الثاني .
فهل من حقه التصرف معي بهذه الطريقة ؟

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

إن الله سبحانه وتعالى لما شرع الزواج وسماه في كتابه الحكيم بالميثاق الغليظ ، جعل
أساسه المودة والرحمة والسكينة ، وجعل قواعد وأحكام تنظم هذا الزواج ، وتضمن لكل
واحد حقه ، وتقدر له الواجب عليه من أجل المضي قدما بسفينة الأسرة ، ولقد جعل
العشرة الحسنة والإحسان والمسارعة لإرضاء الشريك وإسعاده من أهم أسباب دوام العشرة
، بل رتب على ذلك ثوابا وعقابا ، وجعل الخيرية فيمن أحسن لزوجه : ( خَيْرُكُمْ
خَيْرُكُمْ لِأَهْلِهِ وَأَنَا خَيْرُكُمْ لِأَهْلِي ) رواه الترمذي (3895) ، وصححه
الألباني .
وليس من شك في أننا نقدر معاناتك ، ومحنتك بالمعاملة التي وردت في رسالتك ؛ لكن من
الإنصاف ، ونحن نتحدث عن مساوئ أحد ، ألا ينسينا استياؤنا منه محاسنه ، فلا نجرده
من خصاله الحسنة كلية ، ولا نلون نظرتنا له بالسواد ، بل نستحضر ساعات إحسانه ،
ولحظات بره ، كي لا ننساق مع السلبيات فنغمطه حقه .
إنك ـ أيتها الزوجة العاقلة ـ إذا فهمت أن الغضب ربما حمل زوجك على قول أو فعل لا
يحمد ، فاجتهدي قدر طاقتك ، واستعيني بالله ألا تكوني سببا يثير غضبه ، نعم ؛ نحن
نعلم أنه ليس هناك إنسان بلا أخطاء ، وأنه لا يمكنك تجنب الأخطاء بالكلية ، لكن مع
ذلك اجتهدي في تجنب ما يغضبه ويثيره عليك ، وسارعي إلى معالجة ما يبدر منك ، من قبل
أن يكون هو طرفا فيه ، ثم عليك أن تتفادي العتاب والنقاش معه في ساعة غضبه ، فمن
شأن ذلك أن يزيده غضبا ، وعنادا .
نحن نتفهم أنك لا تقصدين ذلك ، ونعلم يقينا ألا أحد خال من الأخطاء ، لكن نحن نفهم
من رسالتك ـ أيضا ـ أن جزءا من المشكلة يكمن في : تكرار نفس الخطأ ، ولو من غير قصد
!!
يا أمة الله ؛ إن منطق المرأة المتزوجة ، والأم التي لها طفل ، أو طفلان ، أو أكثر
من ذلك ، هذا المنطق يختلف كلية عن منطق المرأة الخالية ، ويختلف أيضا عن الزوجة
التي لا ولد لها ؛ إن الحسابات في مثل حالتك : معقدة جدا ، إنها تبدأ وتنتهي ، أو
هكذا يجب : أن تبدأ وتنتهي من حيث الحفاظ على الأسرة متماسكة ، وتوفير أكبر قدر
ممكن من الاستقرار ، وتحمل المنغصات والأكدار ، التي لا تخلو منها الدنيا بطبيعتها
، قدر الطاقة .
إنها ـ حقا ـ مسؤولية مشتركة بينكما ، لكننا هنا نخاطبك أنت ، أنت التي طلب منا
الرأي والمشورة ، وأنت التي نملك أن نحدثها ، ونعظها ، وأما زوجك ، فلا ندري : هل
سيقرأ كلامنا أولا ؟ وإذا قرأه : فهل سيقبل منا أو لا ؟ وإلى أن نتمكن من الحديث
إليه ، ويصغي هو إلينا ، فليس أمامنا إلا تشجيعك على تحمل مسؤولية هذه الأسرة ،
ومسؤولية طفل أتى ، وطفل واعد في طريقه ، إن شاء الله ! !
وإليك – أختنا- بعض النصائح كخطوات أولى ضرورية للعلاج ، نسأل الله أن ينفعك بها:
– حددي الأشياء التي تزعج زوجك والتي بسببها يحدث النزاع ويكون منه الغضب ، وإن
اقتضى الحال دونيها في دفتر ، وألزمي نفسك بالابتعاد عنها واحتسبي جهدك ومحاولتك
عند الشكور سبحانه .
– عودي نفسك على أن تأخذي كلامه حال غضبه على أنه كلام عابر غير مقصود ، وتذكري أن
من الناس من يكون حال الغضب : مسلوب العقل ، لا يكاد يعي ما يقول ، فلا تأخذي كل
كلامه محمل الجد ، لكن هذا لا يعني أن ترضي بفعله بسلبية وخنوع .
-إذا ما هدأ وذهب عنه الغضب ، حاولي الكلام إليه ، واختاري لذلك عبارات فحواها
تهدئته ، لا إشعال غضبه مرة أخرى ، وعاتبيه على كلامه برفق ، وأوصلي له أنه يجرحك
بكلامه ، وبأنك لا تقبلين تعييره .
– اجتهدي دائما في أن تحاوريه بلطف ، وحكمة ؛ حاوريه دائما فيما ينتظره منك كزوجة ،
وما المطلوب منك كي تسعديه ، واجتهدي في تطييب خاطره ، وتلبية رغباته ، قدر ما
يمكنك ، فيما لا ضرر عليك منه ، في دينك ، أو نفسك .
– أرسلي لزوجك رسائل ، صريحة ، ورسائل ضمنية : تدل على حرصك عليه ، ومحبتك له ،
وعنايتك بأمره ، وأمر منزله ، وصيانتك لحقه ، وحق ولدك منه .
– قد لا يستجيب زوجك لتلك المحاولات ، من أول وهلة ، فكرري المحاولة ولا تيأسي ،
حتى تجدي تحسنا في العلاقة والعشرة بينكما ، ولو قليلا ، لكنه متى بدأ في تغيير
معاملته التي تؤذيك ، والتحسن ، فثقي أن الأمر سوف يتحسن أكثر وأكثر مع الوقت ، إن
شاء الله ، والقدر الباقي منه : أمر طبيعي ، لا تخلو منه حياة زوجية .
لكن إذا لم تجدي تحسنا يذكر ، وشق عليك الصبر على حالك التي أنت فيها ، فلا مانع من
أن توسطي بعض العقلاء الحكماء ، ذوي الأمانة والديانة ، من أهله خاصة ، لعلهم
ينصحوه في أمره وأمرك ، لكن : حذار أن تطلعي أحدا على سر بيتك ، أو يشعر هو أنك
فتحت بيتك ، وحياتك ، وباب العشرة بينكما ، لشخص آخر ، من غير إذنه ، أو رغبته .

– راجعي أحوالك الإيمانية ، وانظري مواطن تقصيرك ، ونقاط الخلل في علاقتك بربك ،
فقد يكون تسلطه عليك من ذنوبك : ( وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا
كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ ) الشورى/30 .
– أكثري من الاستغفار والذكر ، والدعاء لربك : أن يصلح الله حالكما ، وأن يقر عينك
بزوجك وأن يقر عينه بك ، ويجمع بينكما على خير .
وينظر للفائدة : جواب السؤال رقم : (120664)
، ورقم : (170934) .
والله أعلم .

المصدر

موقع الإسلام سؤال وجواب

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android